«عوگل» يعرف أكثر - داليا شمس - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«عوگل» يعرف أكثر

نشر فى : الأحد 3 نوفمبر 2013 - 7:00 ص | آخر تحديث : الأحد 3 نوفمبر 2013 - 7:00 ص

نسمع ونقرأ أشياءً «خزعبيلة» قد تهون علينا ما نلاقيه يوميا من عذابات الطريق وزحمة المرور، لكن المشكلة أن من يقولها يكون جديا فى كلامه. يعطينا مادة للسخرية ساعات وساعات، ويغذى الانترنت بما لذ وطاب، دون أن يشعر أنه فاق كل التوقعات. لا سقف للخيال عندما يتعلق الأمر بنظرية المؤامرة والشوفينية أو «العنجهية» المصرية.

تخرج علينا مصادر مطلعة مثلا بموضوع «شفرة عوكل» التى تستخدمها الجهات السيادية المصرية والمسئولون فى مراسلاتهم، ولا يستطيع أن يكتشفها أو يخترقها أى جهاز فى العالم! شفرة ليست كسواها، فهى تحمل بالمصادفة اسم «عوكل»، أحد أفلام شركة السبكى، وهو كوميدى ــ تشويقى ــ رومانسى، إنتاج 2004. لعب فيه محمد سعد دور شاب يعشق التمثيل ويعمل سمكرى سيارات، يسوقه القدر إلى تركيا ضمن عملية تهريب من جماعة مجهولة. الأجواء مناسبة إذاً للمغامرات والمؤامرات والشفرات وخلافه. ربما استلهم اسم الشفرة من الأحداث أو من شخصية أخرى سينمائية شهيرة تنتمى لعالم الأبيض والأسود، وهى الشاويش عوكل الذى جسده الممثل عبدالغنى النجدى فى فيلم «اسماعيل ياسين فى الجيش» عام 1955، فالأمر كله هزار فى هزار.

 

فى الأسبوع نفسه تداولت الصحف اليومية تصريحات رسمية تصف صحيفة «الجارديان» اليسارية، أحد أعرق الإصدارات البريطانية «بالجريدة الصفراء».. طبعا على أساس أن لدينا صحفيين جهابذة، لا علاقة لهم بتقاليد «الجارديان»... صحفيون من فصيل «عوكل» يعرفون دهاليز العمل فى الجرائد المناهضة لمصر والتى تعمل لصالح الاستخبارات الأجنبية والموساد والإسلاميين، وفقا لنظرية المؤامرة. صحفيون يعرفون جيدا ما يريده القراء ويتفننون فى العناوين الحريفة والجذابة، حتى لو لم يكن لها علاقة بالمتن، لا يهم «لأن الجمهور عايز كده»، تماما كما يسعى لأفلام السبكى. القائمون على الصناعة الثقافية يحددون الأولويات والأذواق. وبدورها وسائل الإعلام تغذى الإحساس بالمؤامرة. يكشف مثلا توفيق عكاشة الذى يستمع له الكثيرون فى المقاهى والبيوت كيف «ترسل شركة بيبسى العالمية شفرة خطة الإخوان من خلال دعايتها»، ويفسر ذلك بأن إسرائيل تدفع لبيبسى حتى تساعد الإخوان، ويستند إلى إعلان بعينه مشيرا إلى الأرقام المكتوبة على فانلات لاعبين كرة القدم فى الدعاية، وينبه إلى مؤامرة قادمة يوم « 2014-1-25»، وذلك بتجميع الأرقام الموجودة فى الإعلان. عكاشة أيضا له جمهوره، تماما كأفلام السبكى. والجرائد توزع أكثر وأكثر عندما تنشر مثلا تقريرا بالوثائق عن مؤامرة تستهدف العراق ومصر وسوريا، بهدف إعادة تقسيم المنطقة. لا أحد يلاحظ أن الأوراق المنشورة على أساس أنها سربت من اجتماع سرى تم فى الفترة ما بين 16 و 18 أغسطس الماضى، بقاعدة عسكرية أمريكية فى منطقة «دارمشتات» بألمانيا، سُجلت الدقائق على طرفها باللغة العربية، كما لفتت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، رغم أن المشاركين ليسوا عربا. وعلق عليها كذلك موقع (www.conspiracywatch.info)، مستغربا أن المعلومات المذكورة لم تسفر عن أزمات دبلوماسية أو اعتراض رسمى من السلطات المصرية.

 

تظل نظريات «ما وراء الطبيعة» تستخدم لتبرير الفشل والهزائم المستمرة أو حتى لتشويه المعارضة، لكن لا يمكن أن ننكر أن «عوكل» خفيف الدم ويتمتع بخيال خصب، حتى فى أحلك الظروف التى نمر بها. عوكل يهرب من الفشل ويحب التمثيل.

التعليقات