حتى لا تسجل المعارضة أهدافًا فى نفسها - مصطفى النجار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى لا تسجل المعارضة أهدافًا فى نفسها

نشر فى : الجمعة 4 يناير 2013 - 9:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 4 يناير 2013 - 9:00 ص

تقترب معركة الانتخابات البرلمانية والتى ستكون حاسمة فى رسم تاريخ مصر القادم، هذا البرلمان سيقوم بإعادة صياغة المنظومة التشريعية بالكامل، وفى حالة عدم حدوث اتزان فى نسب التمثيل الحزبى داخل البرلمان القادم ستكون هناك خطورة شديدة من انفراد فصيل سياسى بصياغة القوانين منفردا معتمدا على أغلبيته العددية التى ستمكنه من تمرير أى قانون كما يراه.

 

المعارضة المصرية الآن فى اختبار شديد إما أن تثبت للشعب أنها محل للثقة وإما ستلفظها الجماهير. أداء المعارضة فى مصر يحتاج للنقد الذاتى وتصحيح المسار، فمنذ حل البرلمان السابق والمعارضة تشبه الفريق الذى يقوم بتسجيل الأهداف فى نفسه وليس فى مرمى خصمه.

 

كثير من الضجيج وقليل من الانجاز، واقعنا الأن لا يختلف كثيرا عن نفس اللحظات التى سبقت الانتخابات البرلمانية الماضية، أحاديث كثيرة عن قائمة موحدة ثم انهيار لهذا الحلم وانفجار واسع يتحول إلى شظايا حزبية متناثرة، ساهمت فى تفتيت الأصوات لصالح المنافسين الذين اعتمدوا على ضعف خصومهم أكثر من اعتمادهم على قوتهم الحقيقية.

 

•••

 

لسنا الآن فى مقام البكاء على اللبن المسكوب واجترار المرارات ولكن نحتاج إلى روشتة علاج عاجلة من عدة محاور:

 

أولا: مستوى التنظيم الداخلى: ليس خافيا على أحد حجم الانفجارات الداخلية المتصاعدة داخل كثير من الكيانات الحزبية، سواء التى نشأت عقب الثورة، وكذلك حديثة النشأة عقب الانتخابات الرئاسية. وهذا الجو المأزوم داخليا لا يساعد أى كيان على خوض معركة بحجم معركة الانتخابات البرلمانية، لذا فتصفير الصراعات الداخلية وتجميد الأزمات مؤقتا لا بديل عنه لكل من يريد خوض الانتخابات القادمة على المستوى الحزبى، الفترة القصيرة المتبقية على بدء الانتخابات لن تساعد على الاصلاح الداخلى الشامل، خاصة أن فترة الاستحقاقات الانتخابية تفتح أبوابا للصراعات والخلافات لا حدود لها، لذلك فالمنطق يوجب أن تتراجع قيادات هذه الاحزاب خطوة للوراء لاستيعاب القواعد التى تضج بالشكوى، وأن يتخلى كثير من رءوس هذه الاحزاب فى الرغبة فى استغلال نظام القوائم الانتخابية ورغبتهم أن يتصدروا هذه القوائم ــ حتى وإن كان بعضهم بلا شعبية حقيقية ــ وأن يجعلوا الانتخابات خطوة فى طريق التصالح الداخلى ولم الشمل واعادة الثقة إلى القواعد، التى صار كثير منها يرى أن هذه القيادات تستخدمهم وتستخدم هذه الأحزاب لمجرد القفز على مقاعد لا يستطيعون بمفردهم الوصول اليها.

 

ثانيا: مستوى الخطاب السياسى: يغلب الارتباك السياسى وغياب الرؤية المستقبلية والاستراتيجية على خطاب كثير من قوى المعارضة، فيتنازعها أحيانا خطاب ثورى لحظى، ثم خطاب سياسى مفكك يعتمد كلية على الانتقاد والهجوم على النظام فقط ــ وهو بالفعل يستحق الانتقاد بسبب أدائه ــ دون تقديم طرح وبديل موضوعى لما تنتقده، فلا تدرى هل هذه احزاب سياسية تسعى للوصول للحكم وهو هدف أى حزب سياسى فى العالم، أم هى حركات راديكالية تسعى فقط لتسجيل المواقف واحراج النظام دون أن تعمل فعليا على ازاحة هذا النظام، عبر صناديق الانتخابات التى جاءت به، لذلك تحتاج قوى المعارضة إلى التفاعل مع الاحداث اليومية دون الغرق فيها، وعدم التهويل والمبالغة التى يخسر من ينتهجها على الدوام، كذلك اعادة تقديم نفسها للشعب كبديل يملك تصورات تفصيلية عن الاصلاح الاقتصادى وحل مشاكل البطالة والأمية والصحة وكافة الخدمات الاجتماعية التى تمثل أولوية لدى المصريين، أما الاستمرار فى انتقاد النظام الحاكم فقط والسخرية منه دون تقديم هذا البديل، فلن تؤدى إلا لزيادة التعاطف مع النظام الحاكم الذى سيروج لنفسه كضحية التربص المستمر به، والذى لا يجد معارضة حقيقية تساعده للنهوض بمصر من عثرتها، الشعوب لا تحب لغة الصراخ وتلفظ مدمنى الصراخ لأنها تراهم ضعفاء لا يستطيعون قيادتها.

 

•••

 

ثالثا: مستوى التنظيم الانتخابى وادارة الانتخابات: اختيار المرشحين الأكفاء بداية النجاح الانتخابى ومع الاقرار بصعوبة المنافسة على مقاعد الفردى فى ظل هذه الدوائر الشاسعة ــ الا للرموز السياسية والوطنية المعروفة مسبقا ــ إلا أن بناء القوائم يجب ألا يكون بشكل عشوائى يعنى بتقديم أصحاب الأموال فقط مع حشو بقية القائمة بأسماء لا وزن لها، لذلك كل اسم يوضع فى القائمة الانتخابية يجب أن يكون له حد أدنى من الثقل، أو على الأقل يكون بداية لتكوين رمز سياسى شعبى فى المستقبل القريب. فليس الهدف هو انجاح الاسم الأول بالقائمة، بل انجاح أكبر عدد من القائمة، ونجاح المرشح الأول فقط بالقائمة هو فشل وعجز. وما حدث فى الانتخابات الماضية يجب ألا يتكرر، مع الوضع فى الاعتبار أن ادارة يوم الانتخاب بما تحمله من مهام مثل (تغطية اللجان بالمندوبين والوكلاء وحشد الجماهير للمشاركة وغيرها) هى جزء أساسى يجب أن يعد له بعناية لقطع الطريق على أى محاولات للتزوير أو العبث بالانتخابات.

 

رابعا: مستوى التحالفات الانتخابية: اذا لم تستطع قوى المعارضة خوض الانتخابات بقائمة موحدة، فليس أقل من التنسيق بينها وتقسيم دوائر القوائم، مع الاحتشاد خلف كل قائمة يتم الاتفاق عليها، من خلال تفاهم واسع يضم القوى الفاعلة واعلان ذلك مبكرا للجماهير، حتى لا تصاب بالحيرة والتشتت كما حدث قبل ذلك.

 

•••

 

سألنى صديق الأسبوع الماضى لماذا تكتب كثيرا عن المعارضة وتسدى النصح لها، قلت له لأن هناك كثيرين انهمكوا فى النقد والصراخ فقط، وهم مستمتعون بذلك، وأنا أرفض الاكتفاء بالصراخ فقط وأريد أن أكون جزءا من الحل وتغيير الواقع، والأفضل للمرء أن يتفحص عيوبه بنفسه، تنهد بآسى وقال لى: ليتهم يعقلون.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات