المأزق العربى - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المأزق العربى

نشر فى : الأحد 4 أبريل 2010 - 10:12 ص | آخر تحديث : الأحد 4 أبريل 2010 - 10:13 ص

 كشفت القمة العربية التى انعقدت فى ليبيا، عن المأزق الذى وجد العرب أنفسهم فيه.. عاجزين من ناحية عن حل معضلة المواجهة مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى عن إعادة النظر فى الخيارات والبدائل الأخرى لحل مشكلة الصراع العربى ــ الإسرائيلى. وخاصة بعد أن طرأ تغير جوهرى فى طبيعة العلاقات الإسرائيلية ــ الأمريكية. وأصبح واضحا أن الضغط الذى تمارسه واشنطن على تل أبيب لن يؤتى ثماره بسرعة، وقد لا يؤتيها على الإطلاق.

ولعل التحليل الذى قدمه الصحفى الأمريكى المعروف توماس فريدمان لحقيقة التغيير فى الأوضاع الإسرائيلية، يفسر أسباب التصلب الذى تمسك به نتنياهو فى مواجهة المطالب الأمريكية التى قدمها له أوباما.

ففى رأيه أن إسرائيل انتقلت من مرحلة طلب السلام كضرورة إلى مرحلة السلام كهواية. أى إنها لم تعد بحاجة ماسة إلى إقامة سلام مع الفلسطينيين. وفى رأيه أن انهيار عملية السلام بعد أوسلو وانسحابها من لبنان ومن قطاع غزة، أديا إلى إضعاف قوى السلام داخل إسرائيل. فشرعت فى بناء الجدار العازل بينها وبين الأراضى المحتلة، مع استخدام التقنيات الحديثة «هاى تك» فى حماية حدودها. كل ذلك جعل من السلام مع الفلسطينيين مسألة ثانوية ولا أهمية لها.

وزاد اقتناع فئات من الإسرائيليين بأنهم يستطيعون الاعتماد على التفوق العسكرى والتكنولوجى، دون حاجة لاتفاقيات سلام مع الفلسطينيين.. لقد حازت إسرائيل كل شىء: الدولة اليهودية، والديمقراطية، والضفة الغربية، والسلام بالقوة.. فماذا بعد ذلك؟

ويبدو أن العرب لم يستوعبوا هذه الحقيقة ولم يفكروا فيها من الأساس. ولذلك لم يتقبلوا بسهولة اقتراح الأمين العام للجامعة عمرو موسى فى قمة سرت، بإنشاء رابطة للجوار العربى يضم بالإضافة لدول الجامعة دول الجوار تركيا وإيران.. على أن يسبق ذلك حوار عربى إيرانى (إرضاء للسعودية ومصر)، يمكن على أساسه أن يتحدد الموقف مع إيران. واستشهد عمرو موسى بأن الغرب يتحاور مع إيران رغم الخلافات بينهما.

وقد سبق أن ردد عمرو موسى هذه الفكرة أكثر من مرة. استنادا إلى أن الروابط الثقافية والحضارية والجغرافية والمصالح المشتركة التى تقرب العرب من إيران، أقوى من تلك التى تباعد بينها وبين إسرائيل.. والحقيقة أنه لا توجد أسباب جوهرية للخلاف مع إيران، ولا عداوات، ولا قنابل ورءوس نووية تهدد بها السد العالى، ولا شعب فلسطينى يتم قهره ونهب مقدساته، كما هو الحال مع إسرائيل!!

ولكنك تفاجأ بمن يقول لك كيف يمكن التحاور مع إيران وهى تحتل جزرا عربية وتتدخل فى لبنان وفلسطين والعراق؟ وهو سؤال غريب. لأن الخلاف على الجزر الإماراتية الثلاث خلاف تاريخى قديم لم يفسد العلاقات بينهما. وهناك خلافات على الجزر والحدود بين عشرات الدول: بين روسيا واليابان، والهند والصين، وأمريكا وكندا لم تؤد إلى قطع العلاقات أو وقف الحوار.. ومع ذلك فنحن نتحاور مع إسرائيل ــ على أعلى مستوى ــ ولا يمنعها ذلك من ضرب الحدود المصرية والتسلل منها والتجسس عليها.

ومعنى ذلك أن لإيران مصالح فى العالم العربى. كما أن لنا مصالح فى إيران والخليج. ولابد من البحث عن نقاط توافق لأمن الطرفين.. بغير ذلك سوف تظل كفة الموازين راجحة لصالح إسرائيل.. وتظل الدول العربية مطية لمصالح أمريكية إسرائيلية متداخلة. تستهدف تجريد إيران من إمكانياتها النووية وإضعاف العرب والاحتفاظ لإسرائيل بتفردها وتفوقها.. ويصبح كلام فريدمان حقيقة واقعة.. إذ ما حاجة إسرائيل للسلام؟

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات