العيد - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العيد

نشر فى : الثلاثاء 5 يوليه 2016 - 8:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 5 يوليه 2016 - 8:30 م

العيد أتى يا أصحاب


عاد العيد ورجع فبماذا عاد


هل عاد بالسرور والسعادة..؟


ــ1ــ


أتذكر الآن قول الشاعر العظيم أبو الطيب المتنبى حين قال: «عيدا بأية حال عدت يا عيد»، وهذه القصيدة وصف دقيق لحقبة من تاريخ مصر، وكان ذلك حينما استولى آل الإخشيد عى حكم مصر. وكانوا قوم سوء وكذب، وكانوا لا يتقنون «اللغة العربية»، فلم يستطيعوا تذوق الأدب والشعر، وفقدوا القدرة على الإحساس بالناس عامة، كما عدموا الإحساس بمظاهر الجمال. ومن أبرز خصائص هؤلاء «الأوغاد» أنهم أسخياء فى الوعود أشحاء فى الإنجاز والعطاء، وقد يزيد عليهم طبعهم اللئيم الخوف من المثقفين والشعراء، لدرجة أن الحاكم «كافور الإخشيدى» أصدر أمرا لم يكن معهودا فى ذلك الزمان فى أنحاء العالم إذ أصدر قرارا بـ«تحديد إقامة أبو الطيب المتنبى» ومنعه من الخروج من مصر خشية من شعره ولسانه. وأقام المتنبى فى مصر على مضد حتى أتيح له الهروب والخروج سرا فى ليلة العيد.


ــ2ــ


جهز المتنبى ركائبه وارتحل ليلا متخذا طريقا غير معروف لمن حوله. فلما كان صباح العيد افتقد المراقبون «المتنبى» ودخلوا إلى بيته يبحثون عنه فلم يجدوه، ووجدوا ورقة كتب فيها تلك القصيدة المشهودة وتركها فى فراشه، وما أن عثروا عليها حتى شاعت وسرت بين الناس سريان النار فى الهشيم. وكانت القصيدة وصفا للمناخ السياسى السائد وقتها، وكان الوصف دقيقا ومعبرا وكان جامعا ومستوعبا، وكان لاذعا وموجعا لكافور وأمثاله.


ــ3ــ


وقد استنكر «عودة العيد» دون أن يأتى بجديد، ويقرر أن بالنسبة له: فلا عيد ولا هناء ما دامت الأحوال كما هى على سوئها لم تتغير، فانظر ما قال:


عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ وحيث لا جديد ولا تصحيح، فلا عيد ولا خير. فليتك أيها العيد لم تعد ما دامت الفرحة غائبة والسعادة ميئوس منها.


ــ4ــ


ثم يصف حاله مع هؤلاء المماليك ببخلهم وكذبهم فيقول:


إنى نَزَلْتُ بكَذابِينَ، ضَيْفُهُمُ عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ جودُ الرجالِ من الأيدى وَجُودُهُمُ منَ اللسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ أى أنه مقيم بين كذابين لا يطعمون ضيفهم، ولا يمكنونه من الهجرة والرحيل، فهؤلاء كذابون ثرثارون يكثرون الكلام دون تنفيذ.


ــ5ــ


ويوجه المتنبى وصفه لـ«كافور» وسياسته فى استخدام الناس والافتخار بوجودهم حوله، ورغم ذلك يحرمهم ويمنع سفرهم فانظر كيف وصف «كافور»:


جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادى وَيُمسِكنى لكَى يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات