المطلوب خطة بديلة - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 2:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المطلوب خطة بديلة

نشر فى : الإثنين 7 أبريل 2014 - 9:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 أبريل 2014 - 9:20 ص

الآن، وبعد إلغاء وزير الخارجية الأمريكى زيارته إلى رام الله، من الواضح أن عملية السلام الإسرائيلية ــ الفلسطينية توشك على الفشل. ليس هناك أسهل من العثور على متهمين، فإلى جانب السبب المباشر العائد إلى تحويل بنيامين نتنياهو قضية الاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودى إلى الحجر الأساس فى المفاوضات، ورفض محمود عباس القبول بهذا الطلب مما أقنع العديد من الإسرائيليين بأن الفلسطينيين ليسوا مستعدين للقبول بدولة إسرائيل وإنهاء النزاع، هناك أيضا الرئيس الأمريكى باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيرى اللذان أظهرا طاقة مذهلة إلى جانب عدم واقعية مذهلة كذلك، وسلم أولويات خيالى تجاهل المخاطر المتوقعة على النظام الدولى ومصالح الولايات المتحدة من التطورات الدراماتيكية فى أوكرانيا. كما اتضح اليوم أن الثغرات بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية عميقة جدا، مثلما كان واضحا لكل من تابع فشل المفاوضات أيام إيهود أولمرت.

إن كل ما سبق صحيح، لكنه لا يقدم جوابا على السؤال المهم التالى: ماذا سيحدث الآن؟ إن تبادل الاتهامات لا ينفع، وهؤلاء الذين يعتقدون ــ مثل وزيرة العدل تسيبى ليفنى ــ أن كل ما هو مطلوب هو المزيد من الوقت، سيكون من الصعب إقناعهم بخطأ موقفهم، ومثلهم كذلك الذين يعتقدون أن الضغط الأمريكى هو الحل. كما أن الفلسطينيين على خطأ عندما يعتقدون أن التوجه إلى المؤسسات الدولية هو الحل، لأن مثل هذا التحرك حتى لو حظى بدعم كبير وألحق بإسرائيل ضررا دوليا بالغا، فإنه لن يمنح الفلسطينيين ما يتطلعون إليه، أى دولة فلسطينية. ففى النهاية وحده التحاور مع إسرائيل والاتفاق معها يسمحان بنشوء دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.

وفى جميع الأحوال، فإن استمرار الوضع الحالى بالنسبة لإسرائيل ليس بالأمر الجيد، لذا يتوجب عليها أن تقترح بديلا من الوضع القائم، ولهذا الغرض علينا أن نتعلم من النزاعات المشابهة لنزاعنا.

خلال عشرات الأعوام الماضية نشب عدد من النزاعات العنيفة التى تشبه إلى حدّ ما النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى مثل النزاع فى قبرص والبوسنة وكوسوفو وحتى النزاع فى كشمير البعيدة. ونجد فى جميع هذه النزاعات عناصر تشبه عناصر فى النزاع الفلسطينى.

لكن فى جميع هذه النزاعات جرى التوصل إلى حل موقت وهش، لكنه مقبول من طرفى النزاع كبديل من تجدد النزاع والعنف. ومن دون التخلى عن رؤيا الحل النهائى، فقد جرى التوصل فى جميع هذه النزاعات إلى ترتيبات مرحلية نشأ عنها ما يمكن تسميته «الإدارة الفاعلة للنزاع»، بدلا من حل غير متوافر لدى الطرفين ولا لدى المجتمع الدولى.

يتعين علينا أن نقول بوضوح إن المطروح هنا ليس «السلام الاقتصادى» الذى يشكل فى نظر نتنياهو بديلا من الاتفاق النهائى، بل المطروح هو خطوات تستهدف خفض شدة النزاع والتخفيف من اللهب، والسماح باتفاقات مرحلية، وخطوات أحادية الطرف (بعضها يحظى بموافقة صامتة، وبعضها أحادية الطرف تماما، لكنها تساعد الطرف الثانى).

ومعنى هذا فيما يتعلق بإسرائيل تقليل عدد الحواجز العسكرية فى أراضى الضفة الغربية، ومنح الفلسطينيين حرية أكبر فى التنقل، وإنهاء الحصار الاقتصادى المفروض على غزة (وهذا أمر يمكن تنفيذه بالتنسيق مع مصر)، ونقل الأراضى التابعة للمنطقة «ج» أو جزء منها إلى السيطرة الفلسطينية، وتسهيل انتقال البضائع من الضفة وإليها، وازالة بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية والمنعزلة، والموافقة الصامتة على عدم البناء فى المستوطنات.

أما فيما يتعلق بالجانب الفلسطينى، فإن الخطوات الأحادية الجانب يجب أن تتضمن تغييرا جوهريا وتدريجيا فى الخطاب الفلسطينى عن إسرائيل ــ فى جهاز التعليم ومن على المنابر العامة ــ والبدء بحوار داخلى وحقيقى بشأن ضرورة احتواء أحفاد لاجئى 1948 داخل أراضى الدولة الفلسطينية وليس فى إسرائيل.

ومن المفيد أيضا أن يعيد الفلسطينيون ترتيب أمورهم الداخلية، والتوصل إلى اتفاق ما بين «فتح» ومعها السلطة الفلسطينية وحكومة «حماس» فى غزة، فمن الواضح أنه مع وجود كيانين فلسطينيين يتقاتلان أحيانا، فإنه ليس هناك فرصة واقعية لاتفاق حقيقى بين الفلسطينيين وإسرائيل.

ومن المجدى أيضا إجراء انتخابات فى السلطة الفلسطينية ــ فالجميع يتجاهل أن لا شرعية ديمقراطية للسلطة الفلسطينية اليوم.

إن بعض هذه الخطوات سيكون صعبا على إسرائيل وبعضها الآخر سيكون صعبا على الفلسطينيين، ويمكننى أن أتخيل منذ اليوم الأصوات المحقة التى ستتعالى من الطرفين معتبرة هذه الخطوات غير مقبولة. لكن ما ينبغى أن يفهمه الطرفان وكذلك الولايات المتحدة، هو أن حظوظ التوصل إلى اتفاق نهائى مجرد وهم، واستمرار الوضع القائم مؤذٍ للطرفين أكثر بكثير من الخطوات المرحلية التى إذا تحققت سيكون لها حظ فى التقدم ببطء وبكثير من الصبر نحو اتفاقات أوسع بكثير.

إن مأساة المحادثات فى كامب ديفيد سنة 2000 ليست فشلها، بل لأنه لم يكن لدى أى طرف من الأطراف خطة بديلة فى حال فشل المحادثات. ومن الأجدى لنا ألا نكرر أخطاء الماضى.

التعليقات