جوتيريش «شخص مرغوب فيه» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 5 ديسمبر 2024 11:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جوتيريش «شخص مرغوب فيه»

نشر فى : الإثنين 7 أكتوبر 2024 - 6:40 م | آخر تحديث : الإثنين 7 أكتوبر 2024 - 6:40 م

 اختلطت حياته بمعاناة اللاجئين والمستضعفين حول العالم قبل أن يتبوأ أنطونيو جوتيريش مقعد الأمين العام للأمم المتحدة، فقد تولى البرتغالى الحائز على شهادة جامعية فى مجال الهندسة منصب مفوض الأمم المتحدة السامى لشئون اللاجئين فى الفترة من يونيه 2005 حتى ديسمبر 2015، وهى إحدى أبرز المنظمات الإنسانية فى العالم التى عملت، خلال رئاسته لها، فى ظل أصعب أزمات التشرد واللجوء التى تفجرت بفعل الحروب والنزاعات منذ عقود، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط.

أمضى جوتيريش، ووفقًا لموقع الأمم المتحدة، قبل أن ينضم إلى المفوضية السامية لشئون اللاجئين، ما يزيد على 20 عامًا فى العمل الحكومى وقطاع الخدمة العامة، حيث شغل منصب رئيس وزراء البرتغال من عام 1995 إلى عام 2002، واضطلع بصفته رئيسًا للمجلس الأوروبى فى أوائل عام 2000 بدور قيادى فى اعتماد «جدول أعمال لشبونة من أجل النمو وفرص العمل»، فضلًا عن تأسيسه المجلس البرتغالى للاجئين، وترؤسه لجمعية برتغالية تنفذ مشاريع للتنمية الاجتماعية داخل الأحياء الفقيرة فى لشبونة.

تلك لمحات عن الأمين العام للأمم المتحدة الذى أعلنت الحكومة الإسرائيلية قبل نهاية الأسبوع الماضى أنه «شخص غير مرغوب فيه» أو (personae non gratae)، وهو تعبير فى العلاقات الدولية يعنى الشخص المحظور دخوله أو بقاؤه فى بلد معين، وطبعًا السبب المعلن كان عدم إدانته الهجوم الإيرانى الأخير على مواقع فى الكيان الصهيونى الغاصب لأرض فلسطين، وهو مجرد واجهة للهجوم على الرجل لمواقفه الدائمة والمحرجة للإسرائيليين.

الهجوم الإيرانى الذى أدانه جوتيريش فى وقت لاحق لم يكن سوى ذريعة للتشهير بالرجل ومحاولة تشويه صورته، وإظهاره بالشخص غير المحايد، فقد عرى جوتيريش فى محطات عدة العنصرية الصهيونية، ووقف ضد المجازر الإسرائيلية منذ بدء العدوان على غزة الذى يدخل اليوم (7 أكتوبر 2024) عامه الثانى، من دون أن تفلح كل الجهود الدولية والإقليمية فى إجبار تل أبيب على وقف إطلاق النار.

محاولة النيل من جوتيريش دفعت مجلس الأمن الدولى للتضامن مع الأمين العام للأمم المتحدة ضد الهجمة الإسرائيلية، وعبر المجلس بكل أعضائه الـ15 الدائمين وغير الدائمين، بمن فيهم الولايات المتحدة، عن دعمه الكامل لجوتيريش، عقب إعلان وزير الخارجية الإسرائيلى منعه من دخول إسرائيل، وقال المجلس فى بيان إن «أى قرار بعدم التعامل مع الأمين العام للأمم المتحدة أو الأمم المتحدة هو قرار غير بناء، خاصة فى سياق التوترات المتصاعدة فى الشرق الأوسط».

شكل جوتيريش، بالحق، شوكة فى حلق إسرائيل بمطالبته الدائمة للوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة، وعدم توسيع دائرة الحرب فى المنطقة، ووقف ضد العدوان البرى على غزة، وناصر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «إنروا» عندما اتهمت تل أبيب موظفيها بالإرهاب، وهو ما ثبت كذبه فى إبريل الماضى من خلال لجنة مستقلة برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا شكلها جوتيريش للتحقيق فى المزاعم الإسرائيلية.

وخلال الحملة الظالمة على «إنروا» وصف جوتيريش الوكالة الأممية بأنها «شريان حياة للاجئين»، وناشد دول العالم تقديم الدعم للمنظمة، ومؤكدًا أن إسرائيل لم تقدم أدلة على اتهاماتها، وفى سبتمبر الماضى شدد الرجل فى تصريحات لوكالة أسوشيتد برس على الضرورة الملحة لوقف إطلاق النار، قائلًا: «مستوى المعاناة الذى نشهده فى غزة غير مسبوق خلال ولايتى كأمين عام للأمم المتحدة. لم أرَ قط مثل هذا المستوى من الموت والدمار الذى نشهده فى غزة فى الأشهر القليلة الماضية».

تلك نماذج من مواقف جوتيريش الذى سارع أعضاء مجلس الأمن لإنصافه ووقفت العديد من الدول، من بينها مصر دفاعًا عنه، ضد حملة التشهير الإسرائيلية وتأكيد على أنه الشخص المرغوب فيه تحت مظلة العمل الدولى وليس العكس كما تزعم تل أبيب، التى كان أولى بها أن توارى سوأتها قبل النيل من رجل يستحق الدعم والمساندة من الجميع.

التعليقات