الأزهر الشريف وتصرفات غير شريفة - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأزهر الشريف وتصرفات غير شريفة

نشر فى : الجمعة 9 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 9 مارس 2012 - 8:00 ص

(1)

 

رفع المسلمون الأزهر الشريف إلى مكانة مقدساتهم إذ يقولون: المصحف الشريف والسنة الشريفة، والحرم الشريف والكعبة الشريفة، والمسجد الشريف، والروضة الشريفة، والقدس الشريف، والصخرة الشريفة، والأزهر الشريف، وزمزم الشريفة ومقومات هذا الشرف الذى منحه المسلمون لأزهرنا هى وظائفه المتعددة التى يتفرد بها الأزهر ومن أهمها، وظيفة تفعيل «الأسوة الحسنة» وإعلائها بين الناس رمزا لاستقامة الشريعة وشفافية الدعوة وامانة القائمين بالدور، فالأسوة الحسنة ليست مجرد قدوة يقلدها الناس، ولكن الأسوة كما يعلم الأزهريون: «هى جراحة تخليص النفس من ادرانها» حتى تصلح أسوة «جراحة نفسية» للغير، وما لم يبد على الداعى فى جميع تصرفاته أثار تلك الجراحة النفسية فلا تأثير له فى غيره ،هكذا يفهم الأزهريون معنى الأسوة فيقومون بها بين الناس تصرفا وسلوكا وليس خطابة وثرثرة ولهذا قال جمال الدين الأفغانى «ألف قول لا تساوى عند الله عملا واحدا» فهل وفّى القائمون للأزهر ما يستحقه عليهم من استيعاب الأسوة والاندماج فيها واعادة تصديرها لمن يشاء؟!!

 

(2)

 

ولم ينس الناس ولن ينسوا كارثة مارس 2010 وذلك الاصرار العجيب غير المبرر وغير المعقول أو المقبول على تمسكهم بعضوية الحزب المتحكم الذى ضاق به كل المصريين إلا أعضاء لجنة السياسات والمكتب السياسى، وكان الأنكى والأشد غرابة هو عدم إدراك الحد الأدنى من مكانة المقام الأكبر وما يليق له وما لا يليق به، حيث سالت أودية التصريحات غير المسئولة التى تحول المخالفة إلى جنحة وجديرة ان تحيل الجنحة إلى جناية مركبة، أو كما يقول الناس عذر أقبح من ذنب.

 

(3)

 

وفى يوم 28 يناير 2011 كانت الثورة قد عمت كل مكان، وغزت كل نفس، وسكنت كل قلب، وحركت جوارح الناس عدا هذا الصوت الشاذ والنشاز صوت الأزهر «صحيفة الخزى والبلاء» حيث نشرت فى صدرها تهنئة لجلاد الشعب ــ حبيب العادلى ــ وصورة شخصية له والخبر والصورة على عرض وطول بما لا يعنى جهارا نهارا إلا أن ذلك الصوت ــ صوت تابع خانع فقد دوره وفقد الاحساس بما حوله.. وبقى مراهنا على إمكانية استمرار النظام والفساد، تلك المراهنة التى جعلت السفير الطهطاوى تعجل بالاستقالة من منصبه حيث وجد نفسه فى مأزق، إذ كيف يسكت المتحدث الرسمى باسم الأزهر عن الزلزال المصرى وكيف يتكلم دون أن يطلبوا إليه ــ حسب طبيعة عمله ــ أن يتحدث، وسمع الرجل أصواتا منكرة لا تمثل دينا ولا عقلا ولا نظرا، وذهب الرجل مع كل الشعب إلى ميدان التحرير مع جميع المصريين مسلمين ومسيحيين، وسارع بتقديم استقالته من منصبه حيث تبين السفير أن القوم الذين يعمل معهم فى واد غير ذى حس أو إدراك.

 

(4)

 

ومع الربيع العربى سمع الناس تصريحات الأزهر وقرأوها فوجدوا خطيئة «المطففين» فالفعل الاجرامى واحد فى مصر وليبيا وسوريا واليمن ومع ذلك فتصريحات الأزهر تعالج حالة مصر بوعظ الجماهير، ولغير مصر تصدر الفتوى بالجزاء بقتل المفسدين دون محاكمة أهكذا يكون شرف الفتوى؟!.

 

كما أن جميع الجامعات المصرية قد فرغت على نحو ما من انتخاب رؤساء الجامعات ولم يبق سوى جامعة الأزهر تأخرت كعادتها فى انتخاب العمداء فلما كانت النتيجة على غير الهوى الشخصى لم تصدر قواعد انتخاب رئيس الجامعة حتى تاريخه، وكان المأمول من رجال الاسوة فى الأزهر أن يسبقوا غيرهم إلى «الشورى الحضارية» فيجرى انتخاب العمداء والوكلاء أيضا ثم رئيس الجامعة ونوابه..

 

(5)

 

وبليل دامس الظلام وفى غيبة جميع الأزهريين تم تغسيل «الأسوة الأزهرية» وتكفينها ودفنها فى سطور القانون 13 لسنة 2012 الذى يعيد إلى الأذهان دجل السلطات المتحكمة إذ يقوم «المترئس» باختيار بعض الناخبين من بين مئات الآلاف من الأزهريين.. إن لم يكن هذا هو عين الفساد وأصل الدجل والاستبداد فماذا يكون إذن؟! هزل فى موضع الجد أم هزيان لا يرجى الشفاء منه.

 

إن هيئة كبار العلماء ليست لجنة وظيفية تتولى الإعداد لمولد من الموالد.. ولكنها هى أعلى سلطة علمية وتشريعية لمؤسسة الأزهر الشريف وهى المصدر الوحيد لانتخاب شيخ الأزهر ونوابه ومساعديه، ونظرا لمسئولياتها ووظائفها فلابد لها من أمرين، أولهما: أن تشكل بالانتخاب المباشر من جميع علماء الأزهر، والآخر ألا يقل عددها عن 300 عضو تقسم إلى أروقة (لجان) تتولى تسيير المناهج والدراسات، والأبحاث، والفتاوى.

 

ومن تلاميذ هؤلاء يأتى رئيس قطاع مكتب الإمام الاكبر وكذلك المتحدث الرسمى ووظائف أخرى مازال الأزهر محروما منها.

 

وفوجئ الناس عامة والأزهريون خاصة أن الأزهر قد استعان من خارج حدوده بمتحدث رسمى لأن القائمين على شأن الازهر ظنوا أن الأزهريين كلهم ضعاف مثلهم لا يقدرون على مجرد الإحاطة وحسن التعبير.. فماذا يتعلم آلاف الدعاة إذا لم يتقنوا ما يجب ان يقال، وكيف يقال...، ومتى يقال؟..

 

الحقيقة أن فى الأزهر عشرات الآلاف يدركون ماذا يقال ولكنكم أنتم الذين لا تدركون ماذا ولا متى ولا كيف.. وليس أمامكم إلا أن تستقيل أو تقال.

 

إن استعانة الأزهر بلواء شرطة أو جيش لرياسة قطاع مكتب الإمام الأكبر إفك عظيم يجافى الحق والعدل والتقاليد، فتلك وظيفة الشيوخ أبوالعيون، وصالح شرف، ومتولى الشعراوى، فطوال عمر الأزهر لم يستعن بغير الأزهريين فى عمله حتى فى أصعب الظروف كما حدث سابقا، فحينما رأت الحكومة تدريس التربية العسكرية إبان حرب 1956 أحسن عبدالناصر التصرف  فطلب أن يوفد الأزهر اثنين من علمائه للتدريب والإشراف على المادة الدراسية، حرصا من الحكومة ألا يتدخل فى جميع العمل الأزهرى غير الأزهريين. وأرسل الأزهر بعض شيوخه وعلى رأسهم المرحومين الشيخ حلمى محمود والشيخ عبدالرازق سليمان شيخ الحنابلة فى وقته.. وتم تكليف كل منهما برتبة صاغ (رائد) وهكذا يكون شرف الأزهر الشريف أن يتعلم الازهريون ما يحتاجه الأزهر حتى لا تحتاج المؤسسة لغير أبنائها.  

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات