حُسن النية كحيلة دفاعية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 8:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حُسن النية كحيلة دفاعية

نشر فى : الجمعة 10 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 10 مايو 2013 - 8:00 ص

«الرئيس حسن النية.. لماذا لا تبدأ دائماً من هنا».. هكذا قال لى صديقى الإخوانى، فى حوار عاقل تماماً لم يذهب فيه كما يخرج للإعلام بتنزيه الرئيس من كل خطأ، كما تفهمت خلاله ما يراه جيداً ويمكن البناء عليه فى أداء الرئيس، لكنه طلب بوضوح أن أفترض حسن النية فى الرجل، حتى وأنا أمارس النقد، يرى الحل فى حوار الطرشان السائد فى هذا البلد أن نلتمس حسن النية فى الرئيس، أن نشير لما نراه أخطاءه، لكن دون تهويل كبير يصم الرجل بالفشل الذريع. 

 

والحقيقة أن صديقى المستاء مما وصلت إليه الأمور بين الفرقاء فى البلد، يملك كثيراً من حسن النية ليضع يده على منطقة يمكن البناء عليها لإنتاج حوار جاد، لكنه كأى إخوانى مازال يرى بعين واحدة، فيطلب من معارضى الرئيس انتقاده دون تشكيك فى حسن نواياه، ولم يطلب من نفسه ومن رئيسه وجماعته وحزبه المثل وافتراض حسن النية فى معارضى الرئيس والجماعة.

 

جزء من أداء المعارضة أن تتوسع فى الهجوم، وأن تزايد أحياناً على السلطة بكثير من المبالغة، تذكر أن جماعة الإخوان كانت تزايد على النظام السابق كلما ضربت إسرائيل طلقة أو دخل جندى لها ساحة المسجد الأقصى، بمطالب فتح باب الجهاد وطرد السفير وما إلى ذلك، وتذكر أنه منذ وصل الإخوان إلى السلطة لم يخرجوا فى مظاهرة واحدة ضد إسرائيل رغم خروقاتها المستمرة.

 

المزايدة جزء من أداء المعارضة، المؤكد أنها تحتاج إلى ترشيد، لكن إذا كان مطلوبا من المعارضة أن ترشد مزايداتها، فلماذا لا يطلب أحد من السلطة رئيساً وجماعة وحزباً أن ترشد خطابها التخوينى، هل المطلوب أن تفترض المعارضة فى الرئيس حسن النية، فيما الرئيس وجماعته وحزبه يتوسعان فى حديث المؤامرات والتخوين والعمالة، ويرمون كل مختلف لمجرد أنه مختلف بسيل من السباب والاتهام والتخوين.  

 

قلت من قبل إن النخبة الحاكمة ليست فقط مجرد سلطة حكم لكنها قائدة للمجتمع ومطلوب منها أن تقدم النموذج والقدوة قبل أن تنتقد فى الآخرين ما هو فيها، وإذا كان افتراض حسن النية حلاً فلابد أن يكون بالتبادل من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يستقيم حسن النية مع فقدان الثقة، والثقة لا تأتى باستمرار إخلاف الوعود، وتزييف الحقائق، وتجميل القبح، وتلويث الناس، وتبرير الأخطاء.

 

النوايا الحسنة ليست مجرد مشاعر طيبة يتبادلها الفرقاء، بقدر ما هى إجراءات ثقة حقيقية تعززها ممارسات على أرض الواقع توقف هذا الاحتراب، وتحمل كل طرف مسئوليته بوضوح عن انقسام المجتمع وتفتيته، دون أن يدعى طرف على طول الخط أنه المعصوم ومعارضوه الشياطين.

 

لا يوجد ملائكة فى السياسة ولا شياطين، والنوايا الحسنة وحدها لا تكفى إذا غابت الكفاءة، وانحدرت الأخلاق، وتحول الصراع إلى تلاسن لفظى يستهلك الطاقة، لأن سلطة بلا إنجاز هى سلطة سليطة اللسان، تعوض فشلها بالبحث فى نقائص الآخرين، لا تفترض حسن نية فى مختلف أو معارض، وتريد من الجميع تبرير فشلها بأنها «حسنة النية»..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات