مهمة ليست مستحيلة فى مصر - خالد محمود - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهمة ليست مستحيلة فى مصر

نشر فى : الأحد 11 ديسمبر 2011 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأحد 11 ديسمبر 2011 - 9:36 ص

«أنت تحاول أن تبحث عن السحر فى المشهد.. فنحن نصنع الأحلام وليس الواقع».. هكذا حسم المخرج الأمريكى براد بيرد موقفه من صناعة الأفلام، وهو الهدف الذى أتمنى أن يلقى بظلالة على عشاق ومبدعى الفن السابع، وأن يؤمن به الجميع ويتعايش معه.. فالسينما حياة، والحياة فيلم كبير نحتاج أن نهرب من واقع أيامها لحظات لنعيش الحلم.

 

ورغم أن بيرد صاحب أوسكار «راتاتوى» «والخارجون» ومخرج فيلم الافتتاح «مهمة مستحيلة.. بروتوكول الشبح» قد اخترق حاجز المشاعر والأحلام إلى عالم اكشن خارق للطبيعى والذى لا يعرف من الواقع شئ فى فيلمه الاخير الذى افتتح به مهرجان دبى السينمائى الثامن، إلا أنه يروى عبر مشاهده إحدى قصص المغامرات التى تعود عليها نجم السلسلة الشهيرة «توم كروز»، وحاول بيرد أن يكون عمله اكثر سرعة فى الإيقاع وايضا به بعض اللمحات الإنسانية التى تعزز من قيمة العلاقة بين بطله الخارق العميل «ايثان هانت» وبين المتفرج الذى يلهث بأنفاسه لمتابعة المغامرة الجديدة، وهى المغامرة التى تتفجر ملامحها إثر اتهام ايثان وفريقه بتورطهم فى تفجيرات الكرملين حيث كانوا فى مهمة خاصة لاحضار الملفات الخاصة بالتسليح النووى ويضطر الفريق بعد أن يفصل أعضاؤه من الحكومة إلى العمل سرا من اجل إنقاذ العالم من خطر الصواريخ النووية التى يريد أحد رجال المخابرات الروس على مقدراتها فيما بعد، وبالفعل ينجح كروز وفريقه جيرمى رينر وسيمون بيج وباولا باتون وانيل كابور وليا سيدوكس فى إنقاذ العالم.

 

وقد دارت بذهنى تساؤلات عديدة حول اختيار مهرجان دبى لفيلم مثل مهمة مستحيلة لعرضه فى ليلة الافتتاح التى دائما ما تتسم بعرض إحدى روائع السينما الكلاسيكية، حتى وإن كان السبب هو أن الفيلم صور اكثر من نصف ساعة من أحداثه فى دبى وبرج خليفة وأظهر المدينة على أنها من أهم مناطق العالم جذبا وهو ما يروج لها بحق خير ترويج، وحتى وإن قال كروز إن دبى من اجمل مناطق التصوير فى العالم، وأن له ذكريات رائعة لا تنسى عبر مجموعة مشاهد خطرة، فإن المهرجان كان عليه أن يعرض الفيلم فى احتفالية خاصة فى أحد لياليه ويروج لمدينته وللنجم الأسطورة بعيدا عن الافتتاح.

 

وأرى على جانب آخر أن المسئولين عن السينما وحاكم دبى محمد بن راشد آل مكتوم نجحوا فى جذب الاستثمار للتصوير السينمائى عبر نجوم العالم، ومجرد التفكير فى استغلال الأماكن الساحرة سواء صحراء أو أبراج أو استديوهات يحسب لهم وهو ما أتمنى أن يعيه المسئولون فى مصر، فنحن أيضا نملك بقع ساحرة وتاريخ وعلينا أن نمنح الفرصة لأناس قادرين على التفكير فى استثمار مجال التصوير السينمائى للأفلام العالمية على أرض مصر، بعيدا عن الأعباء الروتينية والرقابية والضرائب وتسهيل مهمة شركات الإنتاج الكبرى حتى نشعر بثورة حقيقية فى هذا المجال ونعى الدرس فالمهمة ليست مستحيلة.

 

 

الزيادى: ثورات الربيع العربى مصدر إلهام للسينمائيين والروائيين

 

من جديد يطفو على الساحة السؤال: هل السينما هى التى شهرت الروايات الأدبية لدى تحويلها لأفلام أم أن الروايات هى التى روجت لأفلام مقتبسه عنها؟ السؤال طرحته إحدى ندوات مهرجان دبى تحت عنوان «عمارة من الكتب» وشارك فيها انريه جسبار من لبنان وعبدالحى العراقى من المغرب وانطوان خليفة والمخرج سمير نصرى وأحمد الزيادى مدير إدارة النشر بدار «الشروق» والذى أكد أنه من المهم أن يعاد النظر فى إشكالية العلاقة بين المنتج والناشر لخروج أفلام من عالم الأدب. وضرب مثلا بفيلم ذهب مع الريح وقال الرواية ظهرت عام 1936 وحققت رواجا بينما ظهر الفيلم فى 1939، وبالتالى كان للرواية فضل على الفيلم وأشار إلى خوف المنتج من الإقبال على تحويل روايات كبرى ومثيرة بسبب الأزمة المالية والرقابة القاسية والقرصنة على الأفلام مع انهيار حقوق الملكية الفكرية ومن ثم كيف سيغامر المنتج. وقال الزيادى: هناك جيل جديد ظهر بروايات تصلح لتحويلها لأعمال سينمائية ولا ننسى أن العديد من الأدباء الشبان يكتبون وعيونهم على السينما وبطريقة السيناريو وهناك أعمال تستحق للسينما مثل «شيكاغو» لعلاء الاسوانى وغرفة العناية المركزة وأبوعمر المصرى لعز الدين شكرى وتغريدة البجعة لمكاوى سعيد وتراب الماس لأحمد مراد وهى فى طريقها إلى فيلم بطولة أحمد حلمى  وفى النهاية أشار إلى أن ثورات الربيع العربى سوف تكون بلا شك مصدر الهام للروائيين والسينمائيين خاصة أن شباب المبدعين كانوا فى قلب تلك الثورات.

 

 

دموع سها عرفات تصمد أمام الكاميرا مثل رحلة صمود زوجها فى مواجهة الاحتلال

 

كانت الدموع فى عيون سها عرفات صامدة مثل زوجها الرئيس الفلسيطنى الراحل ياسر عرفات فى رحلة صموده من أجل استقلال بلده، ومن أجل أن يتحرر مواطنو الأرض الغالية من سطوة محتل غاشم لسنوات طويلة.. صمدت دموع السيدة سها أمام الكاميرا نعم ظهرت ولمعت فى عينها لكنها لم تسقط وهى تدلى بشهادتها عن تاريخ زوجها وكيف واجه العديد من التحديات والمخاطر، وكيف كان قلبه ينبض بحب الوطن وعقله حائرا بين عجرفة المحتل الإسرائيلى وإلى مدى يمكن أن يصمد.. وقفت سها عرفات لتتحدث هى وكثيرون من المقربين لعرفات مثل نبيل شعث وناصر القدوة فى الفيلم الذى حمل عنوان «ثمن الملوك.. ياسر عرفات» الوثائقى الذى عرض ضمن قسم ليالى عربية تأليف وإخراج الإنجليزى ريتشارد سيمونز وطرح فى اللقطة الأولى سؤال حير الكثيرين: الحرب أم السلام «وقد كانت جميع الخيارات مفتوحة عبر سنوات استنزاف شهدتها القدس ونابلس وبيروت والقاهرة ودمشق، وفى الفيلم أكد صائب عريقات على تحدى عرفات لنفسه، وأكد أنه رجل حقيقى وطرح بسام أبوشريف السؤال الهم «كيف مات عرفات» وقالت سها عرفات: إنه يحلم بالحرية للجميع وأن وحدة الشعب باعتباره قائدا ثوريا وكررت بالإنجليزية «بيشنز.. بيشنت».

 

وفى الفيلم شاهدنا أوجاع عرفات بالقاهرة عام 56 وبالأردن عام 70 ونراه يقف وهو يطل على القبة الصخرية فى شموخ وإعزاز وكأنه يقول «لن أفرط فيك» ونراه يضع إكليلا من الزهور مع تعظيم سلام على قبر غاندى وقال عرفات للعالم: غصن الزيتون فى يدى وببندقية الثائر فى يدى فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدى وكانت موسيقى ستيوارت برايز أحد علامات الإلهام للدخول فى اجواء زمن متعب ومقلق وايضا لإنسان يؤمن بقيمة الحياة الحرة له ولشعبه.

 

كانت الجملة الموسيقية تصرخ مثل الكلمة مثل صوت السلام ومثل رصاصة الحرب.. الفيلم بحق سيرة ذاتية مختلفة على مدار 73 دقيقة وقد حرصت سها عرفات أرملته أن تحضر العرض ووجهت كلمة للجمهور وشكرت حاكم دبى وقالت للجميع فلنشاهد معا قصة كفاح مليئة بالذكريات والأحلام والآهات وجلست تتابع انفعالات الجمهور للقطات ومقاطع فيديو نادرة لعرفات وهى تصور لحظات حاسمة وهامة فى التاريخ الفلسطينى.. تصور دما وروحا وعزيمة وترصد شهادات لشخصيات إسرائيلية وعربية.. كانت رسالة الفيلم تؤمن بقيمة رسالة الرجل وهى السلام والحرىة ولكن لم يسعفه العمر لتحقيق الحلم لنرى مزيدا من الإخفاقات ومزيدا من الاضطرابات والرحلة لم تخل ايضا من مزيد من الانتصار يكمن فى قيمة الإيمان بأنه سيأتى يوما ما يستنشق فيه الشعب الفلسطينى الحرية فيكمل الرسالة.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات