ما لم تفعله الملفات والتحريض ضد نتنياهو سيفعله وباء الكورونا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما لم تفعله الملفات والتحريض ضد نتنياهو سيفعله وباء الكورونا

نشر فى : الأحد 12 يوليه 2020 - 9:50 م | آخر تحديث : الأحد 12 يوليه 2020 - 9:50 م

من دون تغيير جوهرى فى معالجة أزمة الكورونا، يمكن أن تنشب فى إسرائيل ثورة مدنية لم نشهد مثيلا لها. هذا لن يكون مثل احتجاج صيف 2011، مع غضب موجه ضد عدم القدرة على شراء منزل فى تل أبيب، أو مجرد تظاهرة كراهية ضد بنيامين نتنياهو. هذا سيكون احتجاج أشخاص جرحى ومسحوقين نُهبت كرامتهم الشخصية، وأولادهم يواجهون الجوع. وهو سيجرى على خلفية انهيار الطبقة الوسطى، وفى الأساس على خلفية القطيعة المرضية للحكومة التى تضم وزراء ونوابا للوزراء أكثر من المرضى الموصولين بأجهزة تنفس اصطناعى فى المستشفيات.
الجميع هاجم بغضب «تسحى هنغباى» بعد تصريحاته فى برنامج «أوفيرا وباكو» [التى قال فيها إن القول إن الناس على أبواب مجاعة جنون، ثم اعتذر لاحقا عن كلامه]. الحقيقة هى أن هنغباى هو فتات ضئيل موجود على السطح. مَن ينشغل بالضم ولجان تحقيق مع القضاة بينما القطاع الخاص ينهار، وأكثر من مليون شخص من دون عمل، ونحو مليون إضافى يعيشون رعب الصرف من العمل ــ هو نموذج عن انفصال عن الواقع.
هذه الأزمة ليست كالأزمة المالية فى سنة 2008، ولا السنوات الأكثر صعوبة فى بداية الألفية. الذين يتجادلون بشأن مدى خطورة الوباء يتسلحون بحجج ورسوم بيانية من هنا وهناك، لكن الحقيقة هى أن عدم اليقين لن يتضح فى المدى القريب. الإنسانية كلها تواجه وباء غير معروف، وتحاول أن تتعرف على طبيعته وتداعياته. وتحديدا فى الوقت المطلوب فيه قيادة شجاعة جدا، تتصرف الحكومة بمستوى متدن جدا.
لم يختر مقررو السياسات مسارا واضحا لمواجهة عدم اليقين. هم يثيرون جنون رجال الأعمال بأنظمة طوارئ نزقة منفصلة عن الواقع، ويثيرون الاضطراب لدى الرأى العام بتهويلات دراماتيكية. فى خضم كل هذه الفوضى، هناك معادلة واحدة يجب أن تكون واضحة وبسيطة: إذا قرروا أن هناك حاجة إلى إغلاق أعمال تخوفا من المرض، أو خوفا من عدم اليقين، يجب على الدولة التعويض على أصحاب الأعمال، وعلى العاملين لديهم فورا، وبصورة كاملة.
كارهو نتنياهو معجبون به من دون أن يدركوا ذلك، لأنهم ينسبون إليه قوى شيطانية، وهم يعتقدون أنه سيستغل الأزمة لمصلحته، مثل إيجاد سبيل لتأجيل محاكمته، أو ربما سيغير أسلوب الحكم لتحصين سلطته. صحيح أنه توجد مقالات تتنبأ بنهاية بنيامين نتنياهو أكثر من عدد العاطلين من العمل، لكن الحقيقة هى أن أزمة الكورونا هى أكبر خطر جوهرى يواجهه حكمه فى السنوات الطويلة التى هو فيها زعيم لإسرائيل. ما لم تفعله جرائم التحريض والاستفزاز والملفات الجنائية والكراهية الحقيقية التى يشعر بها تجاه نتنياهو جزء من هذا الشعب ــ سيفعله الوباء الذى يكشف قطيعة نتنياهو مع الواقع حتى فى نظر أكبر أنصاره. الأزمة تكشف الحقيقة البسيطة أن رئيس الحكومة لا يعرف كيف يعيش الإنسان العادى، ولا الخوف على مصدر الرزق.
مناصرو بنيامين نتنياهو لا يزالون يمسكون بالليكود، ومنذ وقت قريب استوطنوا جيدا فى اليمين، الذى لم يكن يثق قط بنتنياهو، لكنه قدم له دعما واسعا، وكان مسرورا بدعمه فى مواجهة الجهاز القضائى المكروه من قبلهم. لكن للجائعين سلم أولويات مختلف. من دون انعطافة فى معالجة الموضوع الاقتصادى، فإن نتنياهو سيدفع الثمن من حكمه. وهذا سيؤدى إلى نهايته.

التعليقات