حراك ثورى لصنع غدٍ عربى أفضل من تونس إلى العراق مرورا بلبنان - طلال سلمان - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حراك ثورى لصنع غدٍ عربى أفضل من تونس إلى العراق مرورا بلبنان

نشر فى : الأربعاء 13 نوفمبر 2019 - 11:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 13 نوفمبر 2019 - 11:05 ص

هل تعيش أجيالنا الجديدة الأحلام التى عاش فيها ولها أهلهم، ونجحوا فى تحقيق بعضها ثم أخفقوا فى حمايتها مما نشر مناخ الخيبة فى صفوف أجيالنا الجديدة التى تحاول النهوض الآن، مجددا، لإكمال مهمتها فى استنقاذ الغد الأفضل؟!
وهل هذه «الهبة» أو الانتفاضة التى ترج الدنيا العربية الواسعة، من تونس إلى الجزائر، مرورا بالسودان ولبنان وانتهاء بالعراق، مجرد أحلام أم أن شعوب هذه الأقطار تعيش حالة ثورية عارمة ضد واقعها الردىء، طلبا للتغيير واستعادة الإنسان العربى حقوقه فى بلاده ومعها كرامته؟
إن شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» يتردد الآن، بأصوات الأجيال الجديدة، على مدى الوطن العربى بمشرقه ومغربه... ولا يمكن أن تكون الملايين التى تردده فى أربع رياح الأرض العربية ساذجة أو مضللة أو ظالمة ومتجنية على الطبقة الحاكمة فى مختلف هذه الأقطار.
لم يتوقف «الشعب» أمام «شخص» الحاكم هنا أو هناك بل حدد «خصمه» أو عدوه بوضوح قاطع: إنه النظام كله، بمؤسسات الفساد والمحسوبية والتبعية والعداء المقيم لأهداف الشعب ومطالبه فى الحرية والعدالة والتخلص من حال الفقر والعوز التى يعيشها فى ظل نظام فاسد مفسد وظالم إلى حد التوحش فى معاداة الشعب.
*****
لندخل فى التفاصيل، ولتكن البداية من لبنان بطبيعته الخلابة، وشعبه النشيط، متعدد المواهب، بحقائبه الجاهزة للسفر إلى أى مكان يوفر له دخلا معقولا... تاركا تحزبه السياسى وعصبيته الطائفية والمذهبية فى وطنه المنهك بهذه الآفة التى تضرب وحدة الشعب، مع كونه يعيش المحنة الاقتصادية ذاتها ويفتقد فرص العمل فى وطن الارز... وهكذا فإن جزءا أساسيا من نخبه وطاقته المنتجة قد انتشر فى أربع جهات الأرض، من الأمريكتين شمالا وجنوبا، إلى استراليا.. فضلا عن السعودية وأقطار الخليج، وبلاد إفريقيا البعيدة.
***
على أن نظامه الطوائفى كان يستنزف جهده وفكره ويحرمه من حقوقه الطبيعية فى أن يجد وظيفة أو فرصة عمل تتناسب مع كفاءته، بغير شفاعة من زعيم أو بطاقة توصية من متنفذ (وفى العادة يجب أن يكون، حصرا، فى مرجعيته الطائفية أو المذهبية).
وحالة الانفجار التى يعيشها لبنان اليوم، وتدفع شعبه إلى الساحات والشوارع فى عاصمته ــ الأميرة بيروت، كما فى طرابلس النوارة، وصيدا الشهيد معروف سعد، ونبطية العالم الشهيد حسن كامل الصباح، وجونية وجبيل، وبلدات الاصطياف والسياحة فى جبل لبنان، كما فى أنحاء عكار وبعلبك ــ الهرمل وسائر أنحاء المناطق الساقطة من ذاكرة الدولة.
إن حالة الانفجار هذه ناجمة عن تنبه «اللبنانيين» على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم إلى أن خرافة الاقتصاد الحر الذى يجلب الازدهار، وفلسفة «دعه يعبر، دعه يمر»، وتقسيم المناصب فى الإدارات الرسمية على الطوائف فلا يدخلها إلا «المدعوم من زعيم الطائفة»، حتى لو كان ترتيبه الأول فى الامتحان الرسمى... حتى وظيفة الحاجب والبواب تخضع لهذا «التوازن الظالم» بل اللاغى لكرامة الإنسان.
إن شعبا قاتل العدو الاسرائيلى أكثر من عشر سنوات مقدما آلاف الشهداء على مذابح التحرير حتى تم له النصر المؤزر فى 25 مايو 2000.
... ثم تصدى للغزو الإسرائيلى فى صيف 2006 (12 يوليو حتى 13 أغسطس) وألحق به هزيمة مذلة، متجاوزا التدمير بالقنابل الحارقة وقصف الطيران والدبابات التى لحق بعاصمته بيروت بعنوان الضاحية النوارة ومدن الجنوب، وبلداته التى دخلت بصمودها التاريخ (بنت جبيل، عيترون، صور وصيدا والخيام).. إلخ.
ولقد فشل العدوان الإسرائيلى فى حربه هذه، وخرج لبنان بشعبه ومقاومته، رافعا أعلام النصر.. مسجلا، مرة أخرى، إن إرادة الشعب أقوى من هذا العدو العنصرى والمعزز بأقوى الأسلحة وأفعلها فى التدمير والإبادة ومحاولة مسح التاريخ.
ولنتجاوز سوريا الغارقة فى دمها نتيجة قصور النظام فى معالجة الأزمة الاقتصادية ــ الاجتماعية (والسياسية نتيجة عدم قدرة الحكم على التنبه لما يدبر له من خلال استغلال قصوره أو غفلته..).
***
لنتجاوز سوريا إلى العراق الذى يعيش محنة قاسية دمرت دولته وفرضت عليه الاحتلال الأمريكى فى أوائل العام 2003 بإسقاط نظام صدام حسين، وأعاد إحياء الفتنة المذهبية والعنصرية لتضرب وحدة الشعب وإشغاله عن الاحتلال.
لقد دمر الاحتلال الأمريكى البنية التحتية فى العراق ونهب خيراته وكنوز متاحفه، وزرع الفتنة بين أهله.. وفى الوقت ذاته فقد شجع من كانوا بين الهاربين من نظام صدام إلى المهاجر البعيدة، أو إلى سوريا ولبنان، على العودة وولاهم الحكم بصيغة انتقامية، وليتبدى وكأن «الشيعة» يتعمدون الانتقام من «السنة».. وينهبون شعبهم ودولتهم.
ولقد أسقطت حكومات عديدة، وجىء بغيرها، وأجريت انتخابات نيابية حكمتها العصبيات، طائفية وعنصرية.
ونتيجة للنهب المنظم، أمريكيا فى البداية، ثم من طرف أركان الطبقة الحاكمة المغطاة بالعصبية الطائفية، تردت الأوضاع الاقتصادية وتم إفقار الشعب إلى حد تجويعه... وكان لا بد من الانفجار.
ها هى بغداد وقد احتلتها الجماهير الثائرة، وكذلك البصرة وكربلاء والناصرية وسائر مدن الجنوب، فى الشارع، تستفيد من «التجربة اللبنانية» فى الاعتراض والتظاهر المفتوح تحت شعار «الشعب يريد إسقاط النظام».
والأمل أن يتجنب العراقيون الفتنة والانشقاق، فينتصروا بالثورة ومعها.
***
إننا نشهد بدايات لزمن عربى جديد..
حمى الله الشعوب التى تحركت أخيرا لتحقيق آمالها فى غدٍ عربى أفضل.

طلال سلمان كاتب صحفي عربي بارز، مؤسس ورئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية، كما أنه عضو في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية - المدونة: www.talalsalman.com
التعليقات