الأزهر المتنازع عليه - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأزهر المتنازع عليه

نشر فى : الثلاثاء 14 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 مايو 2013 - 8:00 ص

قل لى أين تقف؟ أقل لك موقفك من أى قضية خلافية.

 

السياسة يا عزيزى ربما أفسدت علينا أحكامنا فى كل شىء، وأفسدت علينا الاستمتاع بفضيلة الانصاف فى كثير من الأحيان، وحددت مواقفنا بشكل مسبق من الأحداث، وهذا توصيف لا أستثنى نفسى منه فى جميع الأحوال. 

 

لاحظ مثلاً أن هناك جدلا كبيرا ثار حول زيارة شيخ الأزهر الأخيرة إلى دولة الإمارات العربية، هناك من مدح دور الأزهر وشيخه ليس من منطلق تقدير فحسب بقدر ما هو من منطلق انحياز سياسى ضد السلطة القائمة، باعتبار أن الرجل يظهر كمن يتحدى السلطة بالسفر إلى دولة ليست على وفاق معها.

 

هؤلاء المادحون ما كان أحدهم سينطق بكلمة مديح واحدة، لو كانت الزيارة تمت إلى دولة قطر مثلاً، ولربما سمعت من يهاجم الشيخ على إرتمائه فى أحضان قطر، أو إدانتهم لمحاولات الدوحة شراء كل شىء بما فى ذلك الأزهر الشريف.

 

الأمر نفسه مع من عارضوا هذه الزيارة وأثاروا حولها اللغط والشبهة، وكالوا الاتهامات لشيخ الأزهر بممارسة دور سياسى مقلق مناوئ للدولة المصرية من جانب، وسامحاً لنفسه أن يسقط فى يد جهات سياسية تسعى لاستخدامه لتصفية حسابات سياسية، وهؤلاء كذلك ما كانوا سيعارضون زيارة أى زيارة يقوم بها شيخ الأزهر لقطر أو لتركيا، وبينما استنكر المعارضون على شيخ الأزهر ممارسة دور خارجى لأنه موجود فى دبى، ربما مدحوا هذا الدور لو كان فى الدوحة.

 

محاولات السيطرة على الأزهر من منطلقات سياسية واستغلاله وتوجيهه واستخدامه لا تنقطع من جميع الأطراف، لكن المؤسف أن يحرك الانحياز السياسى البعض لينكر على الأزهر دوره التاريخى كمؤسسة إسلامية أممية ليست منغلقة على الشأن المصرى فحسب، وان يحصر دوره فى توصيف الجامع والجامعة ليبقى يدور فى حدود الإسهام العلمى، فيما لا ينكر على فقهاء يملكون ذات الانحياز ات أدوارهم السياسية وتدخلاتهم فى شؤون الدول وزياراتهم ذات البعد السياسى الصرف.

 

قبل الثورة كان الانتقاد الذى يوجه للأزهر أنه قبل بتبعية السلطة، فتحول شيخه إلى موظف كبير لدى الدولة، وبالتالى صار تابعاً للجالس فى السلطة تحركه سياساته وانحيازاته وأجهزته الأمنية أيضاً، وتخصم من دوره الحضارى إقليمياً ودولياً، والمستغرب بعد الثورة، أن من كانوا يطالبون الأزهر بالاستقلال عن السلطة والتحرك خارج الحدود باعتبار شيخه إماما للمسلمين وليس مجرد موظف مصرى رفيع، هم من يستنكرون عليه اليوم حركته، ويطالبونه بالانطواء تحت جناح السلطة الجديدة لمجرد أن المواقف تغيرت، ومن كان يفكر ويكتب للمعارضة بالأمس، بات يفكر ويكتب للسلطة اليوم.

 

الحكم على شيخ الأزهر من منظور سياسى يتبدل بتبدل الانحيازات، ينقل حالة الاستقطاب فى المجتمع إلى داخل ساحته وبين علمائه، ويضعف منه ومن تأثيره محلياً قبل أن ينال من سمعته إقليمياً ودولياً، والذين كانوا يطالبون السلطة بالأمس أن ترفع يدها عن الأزهر، يحاولون اليوم وضع أيديهم عليه، وكأنهم لمجرد أن مواقعهم تبدلت فى اتجاه السلطة، صار استقلال الأزهر مذموماً ودوره الخارجى مستهجناً، والدور الوحيد المقبول منه أن يكون فى خدمة السلطة وليس فى خدمة الإسلام. 

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات