تساؤلات ما بعد «كورونا» - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 5 ديسمبر 2024 6:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تساؤلات ما بعد «كورونا»

نشر فى : الأربعاء 15 أبريل 2020 - 12:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 15 أبريل 2020 - 12:10 ص

قد يكون من المبكر أن نطرح تساؤلات عن مرحلة ما بعد «كورونا» بينما ما زلنا نعيش فصول مواجهة الفيروس القاتل الذى لم يتوصل العالم حتى الآن إلى مصل أو علاج له. ولكن إذا كنا نتعامل بمنطق «الفعل» وليس «رد الفعل» ينبغى أن نواجه تساؤلات المستقبل. ونظرا لأن الوباء طال الجميع، فإن هذه التساؤلات يتداخل فيها «المحلى» مع «الدولى»، حيث لم يعد من اليسير الفصل بينهما.
التساؤل الأول يتعلق بشكل العالم. العولمة بصورتها القديمة سوف تطرأ عليها تعديلات حتما. لم يتسبب الإرهاب أو الجريمة المنظمة أو حتى اللاجئين فى إغلاق الحدود المفتوحة ــ عنوان العولمة ــ مثلما استطاع فيروس «كورونا»، صاحب ذلك انكفاء الدول على شئونها الخاصة، حماية لنفسها ومواطنيها، إلى الحد الذى ظهرت فيه مشاعر سلبية تجاه روابط وحدوية مثلما حدث فى إيطاليا وإسبانيا تجاه الاتحاد الأوروبى. ولكن هذا لا يعنى أن هناك اتجاها لرفض العولمة برمتها، لأن دول العالم لم يعد بإمكانها العودة إلى الوراء، لأن الصيغ التى تجمع الكون كله، اتصاليا وسياسيا واقتصاديا، باتت من التشابك بحيث يصعب العدول عنها، فضلا عن أن مواجهة هذا الوباء، وربما أوبئة قادمة، يتطلب حالة من التكاتف العالمى، وهو ما لفت إليه بقوة فى أحاديثه فى الفترة الماضية «بيل جيتس».
التساؤل الثانى يتصل بقدرات الدولة. وضع فيروس «كوفيد ــ19» أو كورونا قدرات الدول على المحك، حيث ظهر واضحا أن النظام الطبى فى الكثير من دول العالم المتقدم غير قادر على مواجهة انفجار حالات الاصابة بالفيروس على نحو غير مسبوق، أو معد له، فإذا كان هذا حال دول متقدمة، وتمتلك قدرات مالية عالية، فماذا سيكون عليه حال دول متعثرة فى مسيرة التنمية، تعانى من ضعف القدرات المالية، والبنية الأساسية؟ وقد يتفرع من هذا السؤال نقاط فرعية كثيرة، أهمها الرأسمالية «المتوحشة» بلغة اليسار أو سياسات الليبرالية الجديدة التى قلصت من الانفاق الاجتماعى، وأدت إلى تقليص الخدمات المقدمة للمواطنين. هل يمكن أن تستمر هذه السياسات؟ أم أن الدول الرأسمالية سوف تتجه إلى التوسع فى الانفاق الاجتماعى أو التوجه نحو ليبرالية اجتماعية تعيد مرة أخرى دور الدولة بقوة.
التساؤل الثالث يتصل بمؤسسات الدولة والمجتمع، وأعنى القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى إلى جانب مؤسسات الحكومة. بالطبع لم يحن بعد وقت تقييم دور هذه المؤسسات، طبيعى أن تكون مؤسسات الدولة فى صدارة مواجهة فيروس كورونا، ولكن من الضرورى أيضا تقييم اسهام القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى، التى يتفاوت ثقلها وتأثيرها من مجتمع لآخر، لكن هذا التقييم مهم حتى نواجه عددا من الأساطير الموروثة مثل الرهان الشديد على مؤسسات المجتمع المدنى أو الاعتماد على إدراك القطاع الخاص للمسئولية الاجتماعية، فمن الضرورى التوقف أمام هذه القضايا حتى نعرف مآل الحديث مستقبلا عن الشراكة بين الدولة والمجتمع، أو النظر فى مثلث الشراكة: الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع المدنى.
هذه ثلاثة أسئلة تبدو فى صميم المعركة الممتدة ضد فيروس «كورونا»، وقد تكون هناك أسئلة أخرى مهمة تتصل بالسياسات الاجتماعية، والتخطيط العمرانى، والعلاقات الأسرية، تشكل محاور بحث اجتماعى فى المستقبل.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات