ألف مبروك يا جماعة فقد تخلصنا من الإخوان للأبد. ألف ألف مبروك، يااااه كانت غمة وانزاحت.
أخيرا سنرى مصر بدون إخوان وإن شاء الله حتكمل ومش حنشوف سلفيين تانى. كلها كام يوم ويحصلوا الإخوان إلى السجون والمعتقلات وتعود مصر للمصريين. أيوه، تعود مصر للمصريين اللى شكلهم حلو ونضيف من غير دقن ومن غير نقاب. المصريين اللى بنشوفهم فى الإعلانات والمسلسلات. خلاص تعيش مصر حرة ليبرالية. بلا إخوان بلا سلفيين بلا إرهابيين يا شيخ. نعم؟ بتقول ايه؟ فيه إخوان ماتوا عند الحرس الجمهورى؟ طب وإيه اللى وداهم هناك؟ ايه ده انت مش فرحان فيهم؟ إنت مش شمتان فيهم؟ يبقى انت معاهم! يبقى انت ضد الجيش والوطن وبتشتغل إرهابى بعد الظهر!
ــ لا يا سيدى انا مع اللى حصل فى تلاتين يونيو وشايف إن مرسى ماكانش ينفع يكمل لكن مش معنى كده انى ماطالبتش بالتحقيق فى اللى حصل فى الحرس الجمهورى أو إنى أعرف لغاية امتى حتفضل القنوات دى مقفولة أو إنى أشوف إن لغة القنوات الخاصة الآن مليئة بالتحريض والعنصرية.
ــ لا لا انت واحد مايع. خللى حقوق الإنسان دى تنفعك. لا ينفع الا الشدة مع هؤلاء. يجب أن نطهر بلادنا منهم.
ما سبق عزيزى القارئ هو لسان حال الكثيرين ممن يعيشون نشوة الانتصار الساحق على الإخوان أو هكذا يتصورون. هؤلاء لا تختلف ميولهم الفاشية عن ميول المتأسلمين الذين يرون أنك يجب ان تختفى من هذا الكوكب نصرة للدين ولكننا مختلفون، فنحن نفعلها نصرة للوطن. هؤلاء بليبراليتهم وتشدقهم بالحرية لا يختلفون عن خالد عبدالله «الداعية» بتاع ربنا الذى كان يتألق بعبارته المفضلة: «ربنا يريحنا منكم ومن أشكالكم».
أنا لا أثق بالإخوان ولا أصدقهم فبالتجربة هم لا يحترمون كلمتهم ويكذبون ويكذبون مادام ذلك يخدم هدفهم السياسى ولديهم من التخريجات والمبررات التى تمكنهم من لوى عنق الدين ما دام يخدم السياسة. الإخوان والسلفيون وقفوا وصفقوا لمصطفى بكرى فى مجلس لشعب وهو يتهم البرادعى بالعمالة.
الإخوان والسلفيون وقفوا مع الداخلية وطالبوا بقتل من يقترب منها وقالوا عن المعتصمين بالتحرير بلطجية وعملاء وشواذ ومدمنى مخدرات. الإسلاميون هم أول من لحس البيادة واعتبروا أن الهجوم على الجيش هو هجوم على الوطن. الإسلاميون هم أكثر من خون الأقباط وتجاهل قتلاهم فى ماسبيرو واتهمهم بالعمالة وبالاستقواء بالخارج ثم جرى ممثلو الإخوان على واشنطن والمحطات الأمريكية الفاجرة الكافرة المعادية للإسلام وهللوا لإشاعة تحرك بوارج أمريكية نحو مصر وعلقوا اللافتات بالإنجليزية فى منصة رابعة.
البلتاجى قال إن العمليات الإرهابية فى سيناء ستتوقف فى اللحظة التى سيعود فيها مرسى للحكم أى أن قيادى إخوانى يعترف أن رئيسه المخلوع يعتمد على إرهابيين لتثبيت دعائم حكمه.
نعم فعل الإخوان كل ذلك وأكثر ولذلك استحق مرسى أن يخرج الناس عليه واستحقت جماعته الكراهية والنفور من الناس ويستحق قيادات الإخوان التحقيق معهم فى تهم التحريض والعنف وعلاقتهم الخارجية المشبوهة. ولكن كل ذلك مسار سياسى قانونى جنائى يجب أن يأخذ مجراه.
ولكن لديك على الأرض حالة إنسانية. ناس فقدوا حياتهم سواء من الإخوان أو من الجيش أو من الأهالى المتضررة كل يوم من توابع الاعتصام الممتد فى رابعة. لديك مواطنون يعتقدون أنهم لو تركوا الاعتصام سوف يقتلون أو يسجنون. هؤلاء يا سيدى لن يختفوا من الساحة. ولو ذهبوا من رابعة سيعودون إلى بيوتهم بكراهية وإحباط وغل يكبر ويتوحش فى أقاصى الصعيد ومجاهل الدلتا وسيعود بصورة أخرى أكثر عنفا.
نشوة الانتصار والتعالى والغرور التى نراها الآن بالإعلام الخاص هى ما أنهت سطوة الإخوان وأطاحت بشعبيتهم ونحن الآن نعيد نفس الأخطاء كأن لدينا ذاكرة السمكة.
أستطيع أن أكتب مجلدات فى مدى غباء الإخوان وافسادهم للدين والسياسة ولكن تلك معركة أخرى بأدوات مختلفة. ولكننا نخسر هذه المعركة قبل أن تبدأ لأن مدعى الحرية ومن كانوا يصرخون من فاشية وعنصرية الإخوان يساهمون فى إعادة التعاطف معهم ويمثلون عارا على مبادئ الحرية التى يتشدقون بها. نحن نتجه بامتياز لأجواء التسعينيات حيث ركنا إلى الحل الأمنى والتشويه الإعلامى وتركنا نارا تستعر فى الصدور وتطرفا يتزايد يوما بعد يوم. نعم كان غلق القنوات مهما فى مرحلة حساسة ولكن أنا أقول اتركوهم يعودوا ويتكلموا فما زادهم ذلك إلا كراهية ونفورا. لا تعطوهم فرص عيش دور الضحية. مم تخافون؟ من خطابهم الإعلامى العنصرى؟ أم من غبائهم السياسى المفضوح؟
عزيزى الليبرالى الكاره للإخوان، منذ عدة أسابيع كنت تئن بالشكوى يائسا من انصلاح الحال والآن بعد أن من عليك الله بزوال الغمة أصبحت نسخة منقحة من فاشيتهم ومن عنصريتهم. ستقول لى إنهم يستحقون وإنهم ساندوا السلطات واستقووا بها عليك وكذبوا وغشوا ونشروا وصدقوا إشاعات التخوين والتكفير. لكن هل هذه حجتك؟ هل جعلت أسلوبهم المنحط مثلا أعلى لك بدلا من أن تحترم المبادئ التى طالما ناديت بها؟ هم فقدوا بوصلتهم الأخلاقية منذ زمن بعيد، هل ترى ذلك مثلا يحتذى به؟
ألا ترى أنك بتحريضك على الفلسطينيين والسوريين لم تختلف عن تحريضهم على الشيعة والبهائيين والمسيحيين والمسلمين الذين اعترضوا على الإخوان والسلفيين؟ لقد استبدلنا فزاعة «عداوة المشروع الأسلامى» بفزاعة «عداوة الوطن وخيانته». اختلفت الافكار والتوجهات والمظاهر وبقيت الفاشية والعنصرية لتجمعنا على الكراهية وتؤلف بين أحقادنا.
حاكم القيادات الإخوانية وحقق فى أحداث الحرس الجمهورى واعمل على إرساء مبادئ العدل سواء كان الضحية من معسكرك أو المعسكر الآخر. طالب بإطار واضح لعمل الأحزاب السياسية حتى لا يتغول الخطاب العنصرى والطائفى مرة اخرى. نعم يجب أن يحاكم قيادات الإخوان كما حوكم قيادات الحزب الوطنى فى حالة توافر الأدلة وفى إطار القانون ولكن تذكر أنك لن تستطيع أن تمحو الآلاف المؤلفة من الوجود. لن تستطيع أن تعتقل الآلاف بعائلاتهم وأطفالهم ولن تستطيع أن تمنعهم من الفوز بانتخابات النقابات. وكل ما تفعله أنك ترتكب نفس اخطاء الماضى بدفنها الآن ولكنك مجرد تؤجلها لتنفجر فى وجهك أو فى وجه أطفالك وأحفادك.
تحية لمن لم يتركوا نشوة الانتصار تنسيهم إنسانيتهم. هؤلاء القلة معزولون منبوذون من الجميع. هؤلاء غير مرحب بهم فى أى من المعسكرين إن لم يبدوا فروض الولاء للكراهية والشماتة.
الإنسانية الآن أصبحت جزيرة معزولة بين أمواج العنصرية والتطرف. يعيش عليها هؤلاء المنبوذون، تضيع اصواتهم فى وسط نداءات الانتقام ودعوات القتل. لا يبدو أن هناك توقعات متفائلة بزيادة عدد سكان هذه الجزيرة فى القريب العاجل ولكن ربما فى المستقبل يبدأ الناس فى الهجرة إليها ويحاولون أن يتعرفوا على مخلوق تم انتزاعه منا جميعا يسمى الإنسانية.
أكثر ما أخشاه أن يأتى وقت علينا نمر بهذه الجزيرة فنضرب كفا بكف ونقول «يا خسارة، ماعاد يعيش بها احد».