أسئلة الإعلام الجديد - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسئلة الإعلام الجديد

نشر فى : الثلاثاء 18 يونيو 2013 - 12:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 يونيو 2013 - 12:50 م

أكثر من مائة باحث وصحفى وأكاديمى من ٣٥ دولة من قارات العالم المختلفة، كانوا يناقشون قضايا الإعلام الجديد، والذى تم تعريفه وتحديده، باختصار إنه إعلام المواطن، عبر وسائل التواصل الاجتماعى (الفيس بوك وتويتر) والمدونات، كما أن التعريف لم يستبعد المواقع الإخبارية، لذا بات التعريف أقرب إلى أن يكون الاعلام الالكترونى هو الإعلام الجديد.

 

وبالرغم من أن المؤتمر الذى عقد فى مدينة مونبيلييه بجنوب فرنسا، كان يستهدف بالأساس قضايا كبرى مثل بناء النماذج الاقتصادية لهذا الإعلام وأيضا التعرف على البرامج الجديدة (السوفت وير) لتفعيل وتنشيط هذا النوع من الإعلام، إلى جانب كيفية التعامل مع القضايا السياسية الكبرى داخل أجهزة الإعلام الالكترونى (نموذج الحالة السورية)، إلا أن السؤال الذى ظل يطارد جميع الجلسات، وكان بحق بطل المؤتمر، هو ما مدى مصداقية الأخبار والمعلومات التى يتم تداولها عبر وسائط الإعلام الجديد، ولماذا لا يثق الناس عادة فى الأخبار التى ترد عبر هذا الإعلام، وبشكل عام كان هذا السؤال عادة ينطلق مما نطلق عليهم دول الجنوب، مثل كمبوديا وإندونيسيا وهاييتى وغالبية الدول الأفريقية المشاركة فى المؤتمر، وطبعا دولنا العربية ليبيا وتونس والأردن وفلسطين وسوريا والعراق، بينما كان الباحثون والصحفيون القادمون من أوروبا فى حالة دهشة دائمة مع طرح السؤال فى كل جلسة من جلسات المؤتمر.

 

ربما كان الفارق بين دولنا العربية، ودول الجنوب الأخرى، إن جاز التعبير، أنهم يطرحون هذا السؤال وغيره من الأسئلة، ولديهم من الطموحات الكبرى ما يثير الإعجاب بالفعل، خاصة أن أسئلتهم كانت تعكس مدى التطور الذى وصلت إليه هذه الدول، وأن سؤال المصداقية يطرح نفسه لكن بالتوازى مع طرح الأسئلة الأخرى المعنية بالتقدم والتطور، وكيف بمكن لبلدانهم أن ترتقى بهذا النوع من الإعلام حتى يكون أحد أهم وسائل التنمية، وأيضا التواصل بين قوى وفئات المجتمع المختلفة، بينما تمسك العرب بسؤال المصداقية منفردا ما يعكس عمق أزمة عدم الثقة فى هذه المجتمعات سواء بين صناع هذا الإعلام والحكومات، أو بين الاتجاهات المختلفة داخل صناع هذا الإعلام، كما أن الأهداف التنمية تكاد تكون شبه غائبة فى بنية التفكير المصاحب لصناعة الإعلام الجديد.

 

وفى المقابل، كان الفارق واضحا عند صناع الإعلام فى دول أوروبا (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، روسيا، بيلاروسيا) حيث لديهم الرؤية واضحة فى كيفية الاستفادة من هذا النوع من الإعلام، الذى يعكس رأى المواطن مباشرة من دون تدخل أصحاب سلطة النشر (الصحفى ومن بعده رئيس التحرير أو مسئول النشر) وهو ما اعتبروه حالة صحية مذهلة تمكن صانع القرار فى الدولة من فهم طلبات الرأى العام، من دون انحيازات وسائل الإعلام التى تتدخل عادة، بدعاوى المهنية، لإعادة صياغة ما طلبه الرأى العام والذى يمثل انحرافا فى غالبية الأحيان عن مطالب المواطنين.

 

وهو ما عكسه ممثل مونبيلييه فى البرلمان الفرنسى، الذى أشار بوضوح، أن الاعلام الجديد هو جزء من الخطة الطموحة لمدينتهم (مونبيلييه) التى ستصبح قريبا أول مدينة ديجيتال فى البلاد، أى أنها ستعتمد على العالم الرقمى فى إدارة جميع خدمات المدينة، والمساهمة فى تطويرها وحل مشاكلها.. انهم على الضفة الأخرى للمتوسط لا يتحدثون عن توفير الخدمات كالماء والكهرباء.. انهم يتحدثون عن كيفية استخدام الديجيتال للتيسير على المواطنين، والتقارب فيما بينهم.. لا تفريقهم واحترابهم.. وتلك حكاية أخرى.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات