اختطاف الدين - خولة مطر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اختطاف الدين

نشر فى : الأحد 19 يونيو 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الأحد 19 يونيو 2016 - 9:20 م
كان واقفا خلف القضبان يردد نعم أنا أنتظر 72 حورية التى سيعطينى إياها الله.. وكرر أنه مستعد للقيام بعملية انتحارية ضد من وصفهم بكل الأوصاف البذيئة لأن الله يريد ذلك ولأن أمير الجماعة ولى الله على الأرض، كما يصفه بعضهم أو كما يصوروه قد قال له ذلك.. ردد كما قال الكثيرون قبله أو بعضهم لأن البعض الآخر ربما قيل له إنه لو كذب أمام محاكم «الكفره» فذلك لا يعد خطيئة ولا إثما أمام الله نفسه.. وقف البعض المراقب من بعيد أو القارئ لملابسات محاكمهم فى كل بلدة عربية ليتساءل ما حكايتهم مع الحوريات.. باسم الله يقتلون وباسمه ينهبون وباسمه يغتصبون ويسْبون النساء وباسمه يجندون الأطفال ويعلمونهم كيف يقتلوا بعنف وكيف يقطعوا الرقاب وكيف ينظروا إلى النساء بشديد الاحتقار فيما هم مستعدون للموت بأحزمتهم الناسفة فى سبيل الحوريات ليس واحدة أو اثنتين بل 72 واحدة.. أليس هذا فى علم النفس دليلا على شىء من المرض النفسى، ربما كل هذه الأمة بحاجة إلى علاج ما، ربما فقط ربما، خاصة وأن أعداد الباحثين عن الحوريات بعد السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة لا تتقلص أعدادهم بل على العكس تزداد، وأخيرا برزت ظاهرة النساء المفخخات، يا ترى ما الذى تم وعدهم به بعد عملياتهم التى تقتل الكثير من الأطباء والمهندسين والمعلمين والمتعلمين الذين تعتبر هذه الأوطان فى أشد الحاجة لهم ولهن؟؟

●●●

تردد الكثير من الدراسات والأبحاث حول الشباب العربى الزاحف للانضمام إلى تلك التنظيمات المتطرفة وكثيرة الجهل، أنه يتم إغراء الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعى وعبر الإغواء وأكثر وسائلها تأثيرا هو موضوع الوعد بالحوريات ليس واحدة بل كثير منهن مما يدل أنهم يعلمونهم الآن وعلى الأرض أن المرأة عورة وناقصة ولكنها فى وصف الحورية شىء من الجمال لإشباع الرغبات الحسية..

كيف يرتبط دينهم وتكرارهم لمقولة إن الله أمرهم والله طلب وتفسيراتهم للكثير مما هو فى القرآن والحديث لما يتناسب وخطابهم هذا الحسى جدا فيما يرددون على اتباعهم أن عليهم الابتعاد عن الحسى الإبقاء على الروحى!!! أليست هذه أعراضا لمرض نفسى جماعى لجيل كامل من الشباب استجذبته المساجد المغلقة بالمال والجهل أو الفقر والجهل فكلاهما يؤدى إلى نفس النتيجة، وهى أن جيلا كاملا من الشباب العرب قد تم اختطافه إلى المجهول أو ربما إلى الهلاك.. جيل تم تلقينه بكثير من الجهل ورفض البحث ما خلف الخطاب المتناقض، فكيف أنه عليك أن تترك الحسيات فيما تقتل نفسك والآخرين فى سبيل الرحيل إلى مزيد أو كثير من الحسيات وأكثرها الجنس..

ما قصة العرب مع الجنس؟؟ شىء ما يغلف كل كلامهم وإيحاءاتهم وأحاديثهم كلها، كلها تنتهى إلى هناك حتى أصبح الأمر وكأنه هوس فقط فيما العالم منشغل بابتكارات متعددة تخفف من الآم البشر وتنشر الأمن وتطيل أعمارهم دون مرض أو ألم.. ففيما ينشغل شبابنا سواء الراضخ للفقر والجهل والبطالة فى دولنا العربية أو ذاك الذى هاجر أو حتى ولد فى عاصمة أخرى ولكنه بقى محاصرا بهويته الأولى التى خرج بها من بلاده أو حتى لم يعرفها أبدا فهو الآخر ضحية تلك مع كثير من تهميش من قبل عواصم أوروبية تتشدق بالحديث عن استيعاب الآخر وحقوق الإنسان والمساواة بين البشر إلا أنها لم تستطع أن ترى كيف تدمج القادمين الجدد فى مجتمعاتها..

●●●

فيما ينشغل شبابنا إما بهوس الدين أو بالهروب منه ومن كل شىء آخر عبر مؤثرات مختلفة، انظروا حجم وكمية المخدرات التى تُستهلك فى أوطاننا حتى بين الشرائح الأكثر فقرا، فقبل الرغيف تأتى سيجارة الحشيس فى الأهمية!! فيما كل ذلك يفكر الآخرون فى كيفية تخفيف عذابات اللاجئين السوريين يرحلون إليهم ليبتكروا أفكارا تقلل من نسبة الوفيات بين من ركبوا البحر غير خائفين أو لأن الموت سيطاردهم حتما، فما الفرق أن تموت تحت أنقاض منزلك أو فى قاع البحر اللازوردى؟؟ راح الكثير من الشباب القادم من دول بعيدة عن سوريا وأديان مختلفة وأعراق، كذلك يعمل هؤلاء بجد ودون كلل على دعم السوريين حتى فى تفاصيل حياتهم اليومية، فهناك الشابان القادمان من ادنبره اللذان فكرا فى أن الهواتف الذكية هى الأمل الوحيد للاجئ وأن شحنها بالكهرباء يشكل عائقا كبيرا وطوابير طويلة فى مخيمات اللجوء فابتكرا وسيلة لشحنها عبر الطاقة الشمسية المتوافرة كثيرا فى اليونان، حيث المحطة الأولى فى رحلة الألف ألم.

كيف يفكر هؤلاء فى كل ذلك فيما لا يزال شبابنا إما مشغولا بالحوريات القادمات مع الدم والنعش أو فى الهروب إلى عوالم الخيال المريض.. إنه المرض لا تفكروا فى القضاء عليه عبر القصف الجوى والزحف بالجيوش الجرارة بل وقبل كل ذلك انظروا أين ينتشر هذا المرض.. وكيف وصل إلى الاستحواذ على عقول شبابنا.
خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات