مازال الحديث مستمرا عن الذكاء الاصطناعي - محمد زهران - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مازال الحديث مستمرا عن الذكاء الاصطناعي

نشر فى : السبت 20 مايو 2023 - 6:40 م | آخر تحديث : السبت 20 مايو 2023 - 6:40 م

المقال السابق عن مخاوف الذكاء الاصطناعى أثار بعض الأسئلة وأحببت أن أتطرق إليها فى هذا المقال. الأسئلة كلها تدور حول نقطتين: ما الذى سيجنيه العالم من الذكاء الاصطناعى؟ وما هى أخطار الذكاء الاصطناعى؟ سنتكلم أولا عن المميزات ثم سنتكلم عن المخاطر، لكن سنفعل ذلك بإيجاز نتمنى ألا يكون مخلا.
لنبدأ بفوائد الذكاء الاصطناعى، تلك البرمجيات يمكنها التعامل مع كم كبير من المعلومات فى مدة قصيرة فيمكنها مثلا تلخيص عدد كبير من التقارير أو الأبحاث العلمية لك، يمكنها تلخيص اجتماع حضره عدد من الناس وارسال هذا التلخيص لجميع الحضور، يمكنها تحليل بيانات كبيرة وإيجاد علاقات بين تلك البيانات وبعضها، مثلا يمكنها مراقبة المرور فى مدينة كبيرة والتنبؤ بالاختناقات المرورية بل واقتراح تغييرات فى الاتجاهات المرورية لتقليل تلك الاختناقات، طبعا بعض هذه التطبيقات مازال فى طور التطوير والتجريب والبعض الآخر ظهر كمنتجات تكنولوجية، لكن ظهور تلك المنتجات من طور التجريب إلى أيدى المستخدمين يأخذ شهورا وفى بعض الأحيان أسابيع فقط وليس سنوات مثل بعض أنواع التكنولوجيا الأخرى.
الذكاء الاصطناعى يساعد بدقة شديدة فى تشخيص الأمراض واقتراح العلاج، بل والمساعدة فى تصميم أدوية أو لقاحات جديدة. يمكننا أن نجد استخدامات للذكاء الاصطناعى فى أغلب التخصصات لأن الجيل الحالى من الذكاء الاصطناعى قادر على عمل شيئين: تحليل بيانات ضخمة جدا وبسرعة كبيرة والتنبؤ ببعض الأحداث بعد تحليل البيانات مثل التنبؤ بحدوث عطل فى جهاز ما بعد وقت معين أو التنبؤ بسعر الأسهم فى البورصة إلخ. لقد ناقشنا فى مقال قديم تأثير استخدام الذكاء الاصطناعى على كل هدف من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة.
هذا عن الاستفادة من الذكاء الاصطناعى، فماذا عن المخاطر؟
أولى المخاطر هو نزول تلك المنتجات إلى معترك الحياة دون أن تكون هناك قوانين منظمة لذلك، على سبيل المثال إذا فحص برنامج الذكاء الاصطناعى التحليلات الطبية لشخص ما ثم اقترح علاجا وعندما أخذ الشخص هذا العلاج مات أو تدهورت حالته، فمن سيحاسب هنا؟ مثال آخر: إذا ركبت سيارة ذاتية القيادة وطلبت منها توصيلك لمكان ما وأثناء الرحلة صدمت السيارة شخصا، فمن سيتحمل المسئولية؟ تطبيقات الذكاء الاصطناعى أكثر دقة من البشر لكنها ليست على صواب طوال الوقت، لذلك لابد من المضى قُدما وبخطى سريعة فى هذه التشريعات والقوانين المنظمة لاستخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، وحيث إننا نتحدث عن الاستخدامات سيقودنا ذلك لثانى المخاطر.
الاستخدام الشرير أو غير المسئول للذكاء الاصطناعى هو من أخطر ما سنواجه، مثلا برمجيات الذكاء الاصطناعى الحالية قادرة على صناعة فيديو كامل لشخصين يتكلمان وهذا اللقاء لم يحدث قط والفيديو مصنوع بدرجة يصعب كشفها على الأقل حتى الآن والموضوع سيتفاقم فى المستقبل. استخدام لبعض (وليس كل) تطبيقات الذكاء الاصطناعى على مستوى واسع من الشركات الكبرى (وحتى الصغرى) دون وجود تشريعات وقوانين منظمة يعتبر استخداما غير مسئول.
اختفاء وظائف يعتبر من الجوانب السلبية للذكاء الاصطناعى، لكن إذا توخينا الدقة فإن ذلك يحدث مع أى تكنولوجيا جديدة، الفارق الأساسى أننا فى عصر يتسارع فيه التقدم التكنولوجى وبالتالى اختفاء بعض الوظائف يأتى بسرعة أكبر، وهذه السرعة ستزداد بالنسبة للأجيال القادمة، الوظائف التى ستختفى ستكون دائما التى تحتاج مهارات وقدرات ذهنية أقل. ستظهر وظائف جديدة، ولكنها ستكون وظائف تحتاج لمهارات ذهنية عالية وإلا سيحل الذكاء الاصطناعى محلها، وهذا معناه أن التدريب والتعليم أصبحوا من أساسيات الحياة وإلا لن تجد عملا فى المستقبل. من الوظائف التى ظهرت أخيرا مع انتشار برمجيات مثل (chatGPT) وما شابهها ما يسمى (prompt engineer) وهو شخص وظيفته أن يطرح الأسئلة على (chatGPT) بدقة حتى يحصل منه على أفضل وأدق الإجابات.
نريد ثلاثة أنواع من الخبراء، الخبير الأول هو الباحث المتخصص فى نظريات الذكاء الاصطناعى، هو الشخص الذى يحسن تلك النظريات ويطورها وينشر الأبحاث العلمية وبراءات الاختراع. الخبير الثانى هو المسئول عن استخدام تلك التكنولوجيا فى الحياة العملية، مثلا خبير فى استخدام وتطبيق الذكاء الاصطناعى فى مجال الصحة وآخر فى مجال البناء والتشييد وثالث فى الاستخدامات الأمنية إلخ، النوع الثانى يتواصل مع النوع الأول لإعلامه بالمصاعب التى يواجهها مما يساعد الخبير الأول (الباحث) على العمل على تطوير تلك التكنولوجيا. أما الخبير الثالث فهو الذى يدرس تأثير تلك التكنولوجيا على حياة الناس بعد استخدامها، هنا نتكلم عن خبراء فى علم الاجتماع والاقتصاد والقانون إلخ لكن من ناحية الذكاء الاصطناعى. النوع الثالث من الخبراء يتحاور مع النوع الثانى من أجل تحسين استخدام تلك التكنولوجيا فى حياتنا.
فهل نحن جاهزون بهؤلاء الخبراء؟

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات