تيران وصنافير.. سياسة أم قضاء أم برلمان؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 12:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تيران وصنافير.. سياسة أم قضاء أم برلمان؟

نشر فى : الثلاثاء 21 يونيو 2016 - 9:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 يونيو 2016 - 9:00 م
ما هى الطريقة المثلى للتعامل مع الحكم الذى أصدره القضاء الإدارى أمس ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وما ترتب عليها من نقل ملكية جزيرتى تيران وصنافير من مصر للسعودية؟!.

هناك جانبان مهمان الأول قانونى والثانى سياسى.

فى الشق القانونى وبعيدا عن العواطف والانحيازات ــ ورغم أهميتها فى هذه القضية ــ فمن المفترض على الحكومة ان تحترم الحكم وتتصرف طبقا له، بمعنى أنه صار عليها ألا ترسل الاتفاقية إلى مجلس النواب، إلا بعد أن يتم حسم الحكم فى درجته النهائية فى المحكمة الإدارية العليا.

هناك جدل شديد حتى بين كبار أساتذة القانون ويتمثل فى السؤال الآتى: هل من حق واختصاص القضاء الإدارى ان يبت فى قضايا تتعلق بأعمال السيادة، ويختص بها فقط رئيس الجمهورية ومعه مجلس النواب؟.

السؤال بصيغة ثانية: إذا افترضنا أن المحكمة الإدارية العليا قد حكمت بتأييد بطلان الاتفاقية، ثم قام مجلس النواب بالموافقة عليها، فما هو الحل: هل نلتزم بحكم القضاء أم بموافقة البرلمان؟! ومتى تبدأ أعمال السلطة القضائية ومتى تنتهى أعمال السلطة التشريعية؟!.

النقطة المهمة أيضا فى هذا الصدد إذا كان الكثير من المصريين قد فرحوا بهذا الحكم ــ ولهم كل الحق ــ فكيف سيتصرفون إذا جاء حكم محكمة الدرجة الأعلى ــ أى الإدارية العليا ــ مخالفا للحكم الأول.. هل سوف يقبلونه باعتباره أيضا عنوانا للحقيقة أم ماذا؟!.

هناك رأى لكثير من خبراء القانون يقول إن القضاء الإدارى غير مختص بالمرة بهذه القضية التى تتعلق بأعمال السيادة وإنه إذا صح هذا الحكم فمعنى ذلك أن القضاء سوف ينصب نفسه فوق سلطة البرلمان التى هى سلطة الشعب.

فى كل الأحوال علينا أن نستمع إلى خبراء وأساتذة القانون فى هذا الجدل القانونى، والآن ننتقل إلى الشق السياسى.

تقديرى الشخصى أن هذا الحكم ــ وبغض النظر عن رأينا فيه ــ يمكن أن يمثل منفذا للخروج من الأزمة.

كنت قد كتبت يوم الجمعة الماضى فى هذا المكان مقالا بعنوان «اقتراح لحل معضلة تيران وصنافير»، اقترحت فيه على الحكومة والرئاسة وسائر أجهزة الدولة أن تترك البرلمان يناقش بحرية كاملة الاتفاقية، ولا تمارس عليه أى ضغط من أى نوع. وكان تقديرى أن البرلمان سيعترض على هذه الاتفاقية التى جرى تمريرها بطريقة غريبة، وإذا حدث ذلك فإنه يمثل مخرجا وحلا طبيعيا للحكومة والشعب بأكمله بل وللسعودية من هذه المشكلة الصعبة.

الآن وبعد هذا الحكم فإن الفرصة مهيأة أكثر لتجريب هذا السيناريو.

بطبيعة الحال فإن جهات كثيرة فى الحكومة تقول إن الحكم سيتم نقضه فى المحكمة الإدارية العليا، اعتمادا على أن القضاء الإدارى غير مختص بالنظر فى مثل هذا النوع من القضايا المتعلقة بممارسة أعمال السيادة.

لكن أتمنى أن تفكر الحكومة فى زاوية مهمة للغاية وهى أن سقف طموحات غالبية الناس خصوصا المعارضين للاتفاقية قد ارتفعت إلى عنان السماء بعد سماعهم الحكم من المستشار يحيى دكرورى نائب رئيس مجلس الدولة صباح أمس. صحيح أن غالبية الناس غير مهتمة بمعرفة الفوارق بين هذه المحكمة وتلك، او بين حدود الاختصاص بين السلطتين القضائية والتشريعية، وأعمال السيادة، لكن فى السياسة فإن غالبية المواطنين تحسب الأمور بمنظور بسيط ومختلف، والرسالة التى وصلت اليها بعد الحكم ان معارضتها للاتفاق كانت تصرفا صحيحا، وان على الحكومة ان تستجيب للحكم وتوقف الاتفاق.

أتمنى أن تتعامل الحكومة مع هذه القضية بمزيد من التعقل والهدوء وان تحسب كل خطوة بدقة، وألا تنجرف كما فعلت عندما فاجأت الرأى العام أوائل أبريل الماضى ووقعت الاتفاقية بطريقة فاجأت الجميع.

نحن نحتاج إلى ممارسة السياسة حتى نتجنب الخسائر المجانية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي