أقرب علاقة في حياتك - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 22 يوليه 2025 2:14 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

أقرب علاقة في حياتك

نشر فى : الإثنين 21 يوليه 2025 - 8:45 م | آخر تحديث : الإثنين 21 يوليه 2025 - 8:45 م

نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتبة شيماء المرزوقى، تتناول موضوعًا نفسيًا عميقًا يلامس كل إنسان: الحوار الداخلى، أو ما يُعرف بالصوت الذى يخاطبنا من داخلنا. تنطلق الكاتبة من حقيقة بسيطة ومؤثرة، وهى أن أقرب علاقة فى حياة الإنسان هى علاقته بنفسه، لتسلّط الضوء على أثر هذا الحوار الذاتى فى تشكيل مشاعرنا وسلوكنا، بل وصحتنا النفسية.

 


المقال يذكّرنا بأن ما نقوله لأنفسنا، وكيف نقوله، قد يكون مصدر دعم أو إحباط، وأن إعادة تشكيل هذا الصوت الداخلى بلطف ووعى هو خطوة أساسية نحو توازن نفسى أفضل.. نعرض من المقال ما يلى:
كلنا نسمع هذا الصوت، هذا الحديث الصامت الذى يدور فى عقولنا بلا توقف. أحيانا، يشجعنا ويطمئننا، وأحيانا، ينتقدنا بشدة ويحبطنا. إنه «الصوت الداخلى» أو «الحوار الذاتى»، وهو من أكثر العناصر التى تؤثر فى سلوك الإنسان ونظرته لنفسه، لكنه غالبا يترك دون وعى أو تنظيم.
أظهرت دراسة أجريت من قبل مجموعة من الباحثين، ونشرت فى عام 2005 فى مجلة «علم النفس والعلاج النفسى»الصادرة عن الجمعية البريطانية لعلم النفس، أن طبيعة هذا الحوار الداخلى، سواء كانت نتيجته سلبية أو إيجابية، ترتبط ارتباطا مباشرا بالصحة النفسية، إذ وجدت الدراسة أن الحديث الداخلى السلبى يرتبط بمعدلات أعلى من القلق والاكتئاب، بينما يرتبط الحديث الإيجابى بدرجة أعلى من التكيف والثقة بالنفس.
من أين يأتى هذا الصوت؟ سنجد أنه يتكون نتيجة تجاربنا المبكرة فى الطفولة، وتحديدا الطريقة التى تحدث بها إلينا من حولنا، فالصوت الناقد قد يكون انعكاسا لعبارات سمعناها فى الماضى: «أنت لا تنجح أبدا»، «لن تفعل شيئا صحيحا»، ويستمر هذا الصوت بالتكرار حتى بعد أن نكبر، وكأننا أصبحنا خصوما لأنفسنا.
فى المقابل، بعض الناس يطورون صوتا داخليا متسامحا ومرنا، لتذكيرهم بأن الخطأ جزء من التعلم، وأن المحاولة أفضل من التردد. وهذا النوع من الحوار الذاتى لا يأتى بالصدفة، بل يمكن بناؤه بالتدريب والمراجعة المستمرة لما نقوله لأنفسنا.
واحدة من الطرق المقترحة لتحسين الحوار الذى يدور بداخلنا، هى «إعادة الصياغة»، أى استبدال العبارات السلبية ببدائل أكثر واقعية وإنصافا. مثلا، بدلا عن قول «أنا فاشل»، يمكننا أن نقول «أنا لم أنجح هذه المرة، لكنى أستطيع أن أتعلم وأحاول من جديد». هذه التعديلات البسيطة لا تزيف الحقيقة، لكنها توجه العقل نحو زاوية أكثر توازنا، وأكثر إشراقا.
الصوت الداخلى ليس مجرد خلفية ذهنية، بل هو قوة مؤثرة تحدد قراراتنا ومواقفنا وحتى علاقاتنا. ويمكننا تشبيهه بالعدسة التى نرى بها أنفسنا والعالم، فإن كانت العدسة مشوشة وسوداوية، فإن كل شىء يبدو قاتما. أما إذا كانت صافية ومتزنة، فإننا نبدأ برؤية الواقع كما هو، ونجدد قدرتنا على التعامل معه بهدوء ووعى.
فى النهاية، قد لا نختار دائما ما يحدث لنا، لكننا، بالتأكيد، نستطيع أن نختار كيف نتحدث إلى أنفسنا عنه، لأن أقرب علاقة فى حياتك، هى علاقتك بنفسك، فاحرص على أن تكون فيها أكثر لطفا.

التعليقات