أكرم أمين.. من المدرسة الحكومية إلى الفضاء - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكرم أمين.. من المدرسة الحكومية إلى الفضاء

نشر فى : السبت 21 نوفمبر 2015 - 6:20 م | آخر تحديث : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 3:36 م
أكرم أمين أحمد جمال الدين عبداللطيف، تخرج من مدرسة عمر بن الخطاب التجريبية الحكومية، في منطقة السبع عمارات بمصر الجديدة، وكان ترتيبه رقم ١٦ على أوائل الثانوية العامة، تقدم للالتحاق بهندسة عين شمس، لكن الجامعة الألمانية بالقاهرة قدمت له في سبتمبر ٢٠٠٥ منحة مجانية كاملة للدراسة بها، شأن ما تفعله مع جميع المتفوقين، وتخرج منها بالفعل عام ٢٠١٠ في قسم الاتصالات، والآن صار أكرم مرشحا ليحلق في الفضاء عام ٢٠١٧، ضمن الفريق البحثي، في مجال المناخ الأرضي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية" ناسا".

أكرم قصة نجاح مصرية حقيقية ينبغي أن ندرسها ونحتفي بها وسط كل الاحباطات التي نعيشها، لكن كيف صار خريج المدرسة الحكومية المصرية على أعتاب أن يكون ربما رئدا للفضاء؟!.

البرفيسور أشرف منصور رئيس مجلس الأمناء بالجامعة الألمانية بالقاهرة، قدم لنا، أنا وأربعة من الزملاء الصحفيين أكرم مساء الثلاثاء الماضي في مدينة شتوتجارت الألمانية، ضمن لقاء في غاية الثراء مع أكثر من عشرين دارسا وباحثا مصريا مرموقا في ألمانيا.

أكرم من مواليد القاهرة عام ١٩٨٨، وتأثر بوالده الضابط الكبير بالقوات المسلحة، وكان يهوى الطيران، أما والدته فهي أستاذة للتربية الموسيقية في جامعة حلوان، وتوفي والده وهو في سن ١٤ عاما، وتلقى مساعدة ورعاية كبيرة من حماه.

خلال دراسته الجامعية تعلم الألمانية والإنحليزية، وفي عام ٢٠٠٩ حصل على منحة جديدة للسفر إلى المانيا لمدة ستة أشهر للعمل على مشروعه البحثي في مجال هندسة وتكنولوجيا الاتصالات في جامعة أولم العريقة، التي درس فيها أشرف منصور، ثم عاد للقاهرة لينجز حلمه في إنشاء الجامعة الألمانية.

تم اختيار أكرم ضمن ٥٠ طالبا من بين ٩٠٠ طالب لدارسة الفصل الدراسي التاسع في جامعة شتوتجارت كجزء من الحصول على الماجستير. وبعد أن حصل عليه بالفعل عمل كمهندس اتصالات في أحد أكبر المراكز البحثية هناك، ثم التحق بجامعة ميونخ للتكنولوجيا وحصل على درجة ماجستير أخرى في مجال علوم الفضاء المختصة بالظواهر الأرضية. ثم التحق بمؤسسة بحثية تتيح وتؤهل للالتحاق ببرامج الفضاء، وبعدها تعلم الطيران والغطس.

وفي يوليو ٢٠١٤ تقدم أكرم وزميلته المصرية هناء جابر بمشروع "مصر ضد فيروس سي" للمركز الأمريكي العالي للفضاء في مسابقة بحثية لإجراء تجارب على بروتين الفيروس في درجة جاذبية أقل. فاز البحث وبعدها تم ترشيحه هو وتسعة أمريكيين ونيوزيلندي وكندي، في أطار "برنامج بوسيوم" للذهاب إلى الفضاء العام بعد المقبل، في إطار مهمة لسفينة فضاء على ارتفاع ١٠٠ كيلو متر لتجري تجارب على ذرات الرمال في السحاب في درجة هواء أقل.

أكرم يسافر كثيرا إلى الولايات المتحدة ليواصل التدريب واكتساب المزيد من المهارات تمهيدا للصعود إلى الفضاء.

يقول أكرم إنه تلقى تعليما جيدا في المدرسة الحكومية، ويتمنى أن يحقق إنجازات كبرى كي يساعد بلده مصر.

أكرم سوف يأتي إلى مصر قريبا، وهو نموذج مشرف للشباب المصري الذي يريد أن ينجح ويحقق الكثير.

لماذا أكتب عن هذا النموذج اليوم؟

لأنه مشرف ومبشر ويقول إن المدارس المصرية ورغم كل الكوارث والتجريف ما تزال "تعافر" لتقديم نماذج للتفوق.

قال لي الدكتور أشرف منصور، إن نموذج أكرم في غاية الأهمية حتى نقول للشباب إن النجاح والتفوق ليس مستحيلا، وأن هناك طاقات إيجابية كثيرة في هذا البلد، بدلا من الاستمرار في لعن كل شي خصوصا التعليم.

والسؤال كيف نعظم من نماذج أكرم، ونقلل من "النماذج الكافكاوية السوداوية"، ومتى نحاول أن نبني ونقدم قصص نجاح حقيقية بدلا من التركيز على النماذج السلبية فقط وهي كثيرة؟!!

نماذج أكرم كثيرة، وتحتاج من يسلط عليها الضوء ومن حسن حظي أنني قابلت الأسبوع الماضي نماذج مصرية في ألمانيا تدعو للفخر، وتجعلنا نتأكد أن هذا البلد قادر على النهوض إذا انصلح حال التعليم والإدارة.
وللحدث بقية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي