سوريا تحترق: كيف تحولت ثورة محدودة إلى جحيم - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سوريا تحترق: كيف تحولت ثورة محدودة إلى جحيم

نشر فى : السبت 22 أغسطس 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : السبت 22 أغسطس 2015 - 9:10 ص

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالا للكاتب أنتونى ساتين، مؤلف الشاب لورانس: صورة للأسطورة جون موراى عندما كان شابا، يتناول فيه الوضع فى سوريا وكيف أودت سياسات الأسد إلى ما عليها الآن، مشيرا إلى الدور الذى لعبته الدولة الإسلامية فى المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص خلال عام مضى، كل ذلك من خلال عرضه لما احتواه كتاب بعنوان «سوريا تحترق».

يشير ساتين فى البداية إلى ما استعرضه تشارلز جلاس مؤلف الكتاب والمتخصص فى شئون الشرق الأوسط، من نواحى القصور فى تعامل نظام الأسد والحكومات الغربية فى دراسة كاشفة حول صعود تنظيم الدولة الإسلامية.

ويبين ساتين أن أوائل 2014 ليست ببعيدة، ولكن من الصعب تذكر وقت لم يكن فيه اسم الدولة الاسلامية فى العراق والشام يتردد يوميا. ولا يكاد يمر يوم الآن دون ذكر تفوقها الاستراتيجى أو وحشيتها التى تفوق الخيال. غير أن داعش، التى تُعرَف بالمنظمة الارهابية فى العالم العربى، تعيش تحت هذا الاسم منذ عام فحسب. ففى ذلك الوقت، صارت رمزا للإرهاب الإسلامى وموضوع العديد من الكتب، مثل «الدولة الإسلامية» عبدالبارى عطوان، و«داخل داعش» لبنيامين هول و«صعود الدولة الإسلامية» باتريك كوكبرن. وساهم كوكبرن أيضا بمقدمة لكتاب تشارلز جلاس الجديد: «سوريا تحترق».

ومن مشكلات الكتابة عن الوضع الراهن فى الشرق الأوسط، كما يعرف جلاس جيدا، وهو صحفى مخضرم، أن الأمور اليقينية اليوم تعتبر تكهنات مثيرة للضحك غدا. وربما مازالت إيران تشير إلى الولايات المتحدة باعتبارها «الشيطان الأكبر»، ولكن الدولتين تتشاركان الآن بعض المصالح الاستراتيجية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تصر دائما على أن الرئيس السورى بشار الأسد يجب أن يتنحى، إلا أنها تدرس الآن إمكانية أن ينجو من الحرب، ولم يكن من المتصور أن تصبح الأسلحة الكيماوية التى أعلنت أمريكا أنها «خط أحمر» فى الآونة الأخيرة، ربما يمكن قبولها قريبا باعتبارها وضعا راهنا. ولكن إذا كانت الأنباء تتحرك بسرعة، فالتقييم لا يتغير بنفس السرعة، وهو من دواعى أهمية قراءة كتاب «سوريا تحترق».

***

ويوضح ساتين أن جزءا كبيرا من الكتاب ينصب على الخلفية الروتينية. حيث إن هناك سر التعايش الناجح نسبيا فى القرن التاسع عشر بين الجماعات الدينية والعرقية تحت راية العثمانية، حيث كان يبدو أن السياسة الإمبراطورية «احكم قليلا، حتى تحكم جيدا». وقد فشل العرب فى تأمين مكاسبهم بعد الحرب العالمية الأولى؛ وكارثة الانتدابات الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى؛ ومجزرة حماة عام 1982، عندما أرسل حافظ الأسد قوات لقمع انتفاضة اسلامية؛ وكارثة أكبر عام 2011 عندما سمح ابنه، وهو نسخة باهتة من الأب، بتحول المطالبة بمعاقبة المسئولين المخطئين فى درعا إلى الفوضى التى نراها الآن، بتكلفة مقتل 320 ألفا، وفرار نحو أربعة ملايين سورى خارج البلاد. ويتساءل المرء عما إذا كان الأسد يتمنى لو كان تعامل مع حادث درعا بشكل مختلف.

ويوجه ساتين أن هناك سببا آخر، أفضل لقراءة هذا الكتاب. حيث يتجول جلاس فى الشرق الأوسط ويكتب عنه منذ الثمانينيات عندما كان مراسل شبكة إيه بى سى فى الشرق. واحتل بنفسه عناوين الأخبار عام 1987، عندما احتجز رهينة فى بيروت ما يقرب من تسعة أسابيع. ومن المفيد التعرف على وجهة نظره حول كيفية تصاعد حدة الصراع، والسبب فى أنها لم تتطور على النحو الذى توقعه العديد من الآخرين. وعندما تنطلق أسطورة أن كل العلويين، طائفة الأقلية التى ينتمى إليها الأسد، تحسنت أحوالها فى ظل النظام الحالى، يلاحظ جلاس أيضا أن عدم وجود الثروة بين العديد من العلويين هو التفسير المحتمل لعدم انخراط غالبية السنة فى سوريا فى محاربة النظام.

وينهى سايتن مقاله بما لاحظه جلاس بأن العديد من المطاعم والمقاهى فى دمشق تعمل بشكل طبيعى، على الرغم من أن الأسعار قد ارتفعت، وأن ثلاثة أرباع المدارس فى البلاد كانت تعمل فى الخريف الماضى. لكنه يدرك أيضا القوى الضخمة التى تعتصر هذا البلد الرائع وشعبه المتنوع.

ويطرح تفسيرا معقولا للانقسامات الطائفية فى بلد تفخر بتعدديتها. موضحا كيف انتشرت رايات داعش السوداء بسرعة خلال عام مع الدور المعقد الذى تلعبه الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر وغيرها. وبينما تمكن من تتبع عواقب سياسات الولايات المتحدة والسياسات التركية والعربية التى خلقت هذه الفوضى، أمضى فى المنطقة وقتا طويلا للتنبؤ بما سيكون عليه العالم فى غضون عام. وأينما كان، سوف يفهم القراء الأمر على نحو أفضل مع مثل هذا الكتاب.

التعليقات