أنا والتعليم... تلميذًا ومدرسًا ومديرًا - جورج إسحق - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أنا والتعليم... تلميذًا ومدرسًا ومديرًا

نشر فى : الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 - 11:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 - 11:20 م

تمتلئ الساحة الآن بأخبار وتصريحات عن إصلاح التعليم فى مصر وهذا إيجابى جدا، ومن منا لا يتمنى أن يرى تعليما محترما يخدم المستقبل ويعمل على تقدم المجتمع، ويعمل على تخريج دفعات تؤمن بالعقل وليس النقل مبدعة خلاقة تثير الكثير من الأسئلة وتبحث فى المراجع عن الرد عليها. وفى نفس الوقت هناك رؤى متعددة لإصلاح التعليم يجب أن يستمع من يقوم على إصلاح التعليم اليوم إلى ما يقوله الخبراء فإننا نريد للتجربة أن تستمر وتنجح فى ظل إشراك كل فئات المجتمع التى يجب أن تدلى بدلوها لما فى هذا المجال من تنوع وآراء مختلفة حتى يشعروا أن الجميع شركاء فى هذا التغير من أول خبراء التعليم والمعلمين وأولياء الأمور والطلبة أنفسهم. وقد طلب الكثير ــ ومنهم الدكتور محمد غنيم ــ أن تشكل مفوضية للتعليم مستقلة عن وزارة التربية والتعليم مكونة من خبراء التربية المعروفين بالكفاءة العالية وتكون الوظيفة تطوعية أى تكون بدون مقابل، وهذه المفوضية وظيفتها وضع استراتيجية للتعليم لمدة خمس سنوات أو عشر حتى لا تتغير منظومة التعليم بتغير كل وزير جديد يتولى هذا المنصب وسوف أستعرض هنا كيف تعلمنا فى السابق وما هى الأسباب التى أدت إلى تردى التعليم حتى لا تتكرر المأساة.
***
فقد عاصرت وأنا تلميذ كيف أثرت الأنشطة المدرسية فى تكوين شخصياتنا من خلال تنوع النشاط من رياضى وثقافى ويبدأ التدريب بأن يسمح للتلاميذ بإدارة اليوم الدراسى كاملا وهذا يؤثر فى تحملهم للمسئولية وتعلم فن الإدارة. إلى جانب الأنشطة المهمة حيث يخصص وقت فى الجدول الدراسى للمكتبة وتدعونا إدارة المدرسة من خلال الأنشطة للخطابة فى المناسبات العامة وأول مرة تجرأت وتحدثت فى اجتماع عام كنت فى الصف الأول الثانوى وكان بالمدرسة مسرح كبير نمارس على خشبته الأنشطة والعروض المختلفة وملحق بالمدرسة نادى المعارف الذى سعدت بأنه مازال قائما بجوار مدرستى فى بورسعيد. وأخرجت المدرسة التى تعلمت فيها ومارست فيها تلك الأنشطة التى ذكرتها نخب زاملتها فى مراحل الدراسة منهم إبراهيم سعدة ومصطفى شردى ومحمود يس وصلاح طايل ومجموعة من الفنانين والرياضيين أمثال عادل الجزار ومنير جرجس الذين مارسوا الرياضة بملعب المعارف الملاصق للمدرسة والذى كانت تمارس فيه كل أنواع الرياضة. وكل هؤلاء شهرتهم بدأت فى المدرسة نتيجة الأنشطة التى مارسوها داخل نظام التعليم هذا. هذا فى عجاله ما تعلمته وأنا تلميذ نتيجة ممارسة الأنشطة التى كانت مواكبة للتغير والتقدم فى التعليم.
ثم عملت مدرسا فى مهنة التدريس والمعلم فى هذه المنظومة ركن أساسى فى العملية التعليمية فكان من شروط التدريس ضرورة أن يحمل المدرس مؤهلا تربويا دبلوم عام أو دبلوم خاص من كلية التربية إلى جانب استمرار التدريب على أحدث نظم التعليم تدريب جاد وأكرر جاد وليس شكليا لتنمية قدرات المعلمين واطلاعهم على أحدث الطرق فى التعليم وليس تدريبا روتينيا لا يستفيد منه أحد ويكون هذا التدريب مستمرا ويقيم كل من تدرب بعد فترة لمعرفة مدى تأثير هذا التدريب على أدائهم.
وكنا فى نهاية العام يطلب منا أن نقيم وننقد المنهج الذى ندرسه كنا نشعر أننا بالفعل شركاء فى العملية التعليمية وتأخذه وزارة التربية والتعليم بجدية كل ذلك بالإضافة إلى الاحترام الدائم للمعلم دون تملق أو تقليل من شأنه. وشاهدت خلال فترة عملى كيف كان المعلمون يساعدون طلابهم بشكل ودى دون مقابل وكونت ثروة ممن درست لهم فى جميع المجالات نتيجة لطريقة التعامل التى يسودها الاحترام والمحبة.
وعاصرت أيضا أسابيع الأنشطة حيث كان الطلبة بمساعدة الرواد يقومون بالأنشطة من خلال فاعليات جميلة وفى تلك الأسابيع تمكن الطلبة من مشاهدة عن قرب لفنانين عظماء أمثال محمد عبدالوهاب وأمينة رزق وفريد شوقى وسعاد حسنى وكمال الطويل وسامى السلامونى. وكان أهم ما يميز تلك الأسابيع أن الطلاب بأنفسهم كانوا يتولون إدارة المدرسة طوال أسبوع النشاط وهذا يكسبهم ثقة بالنفس وخبرة فى الإدارة.
***
وعندما أصبحت مديرا كانت الأحوال بدأت فى التدهور وحاولت أن أطبق نظام التعليم الذى تربيت عليه. فبدأت بالحضانات وتطبيق التعليم باللعب فقط وعدم إعطاء واجبات مدرسية حيث إن النظم التربوية الحديثة تمنع إعطاء أى طفل دون السادسة من عمره حرفا أو رقما والاعتماد فقط على اللعب فى التعليم لإعطاء الأطفال الفرصة لخلق وتنمية القدرات الخلاقة التى وهبها الله للإنسان لاستكمال تكوينها، ولكن أولياء الأمور ثاروا كالعادة ويريدون الواجبات المدرسية وخلافه وحاولت أن أقنعهم بضرورة تطبيق مثل هذه الأنظمة للأطفال ولكن للأسف دون جدوى.
ولكن فى أثناء ممارستى للعمل أدركت أن هذا الجيل الصغير هو ثروة مصر الحقيقية وإشراكهم فى الأفكار والاقتراحات شىء مهم للغاية، وأدعو وزير التعليم أن يلتقى بهؤلاء العباقرة فى مؤتمر كل عام وسوف يسمع منهم ما لايصدق من عبقرية وفهم واستيعاب، وبالفعل قمنا بهذه التجربة زمن الوزير د/ حسين كامل بهاء الدين وكانت تجربة ثرية وغنية جدا.
وكل من شارك فى هذه المؤتمرات تعلم النقد الموضوعى وأصبحوا الآن قيادات فى المجتمع وكنا فى الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية أول من تكلمنا عن المواطنة من خلال مشروع كبير هو (المشاركة مدخل لبناء روح المواطنة) لتنمية الانتماء وحب الوطن ونحن أول من طرح فكرة حقوق الإنسان فى تدريب للمعلمين وللتلاميذ.
هذه بعض الأفكار التى نطرحها للوزير حتى يستجيب لبعض ما يقوله الآخرين لبناء دولة ديموقراطية حديثة.
عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان
الاقتباس
فقد عاصرت وأنا تلميذ كيف أثرت الأنشطة المدرسية فى تكوين شخصياتنا من خلال تنوع النشاط من رياضى وثقافى ويبدأ التدريب بأن يسمح للتلاميذ بإدارة اليوم الدراسى كاملا وهذا يؤثر فى تحملهم للمسئولية وتعلم فن الإدارة.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات