ما يمثله أوباما من تحدي!! - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما يمثله أوباما من تحدي!!

نشر فى : الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 5:54 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 فبراير 2009 - 5:54 م
استقبل العرب نجاح أوباما بفرحة غامرة لعدة أسباب أولها ما سببه لهم جورج بوش بعنصريته وغروره بل وتعميقه لصورة الغربي المستعمر (الكاوبوي) المرفوضة تماما من الشعوب العربية.

والسبب الآخر هو أصوله الأسلامية فهو باراك حسين وهذه أول مرة في التاريخ الأمريكي الذي يتولى رئاستها رجل له أصول عائلية إسلامية ولونه أسود، فكأنه أعاد الحقوق لكثير من المسلمين والسود والأقليات، لا في أمريكا فقط بل في العالم كله.

أما السبب الأخير فهو حركة أوباما السريعة والواضحة في اتجاه المصالحة مع كل العالم، فهو أول رئيس لأمريكا يذكر في خطاب تنصيبه أن أمريكا هي بلد المسلمين والمسيحيين واليهود وغير المتدينين وكأنه يفتح ذراعيه للعالم كله، ويدعو للتعامل مع العرب المسلمين بكل احترام، لأجل كل ذلك تفاءل السياسيون والمعلقون ورجل الشارع متوقعين أن كل المشاكل سوف تحل في عهد أوباما والحقيقة – حسب وجهة نظري – أن كل ما قاله وفعله أوباما يخيف أكثر مما يطمئن، ويجعلني أتشاءم لا أتفاءل، وليس ذلك بسبب مشاعر معينه تنتابني تجاهه، لكن لعدة أسباب موضوعية أضعها أمامك – عزيزي القارئ – وعليك بعد ذلك أن تقيم أسبابي وأن تقبلها أو ترفضها أو تتحفظ على البعض منها:

أولا : أن أوباما داعب المشاعر على طريقة العرب:

لقد بنى أوباما دعاياته الانتخابية على شعار ( التغيير ) وهو تعبير غامض وغير واضح المعالم لكنه جذاب ، ولقد ذكرني هذا الشعار بالشعار المرفوع لدينا من سنين ( الإصلاح ) وهذه الشعارات تخيفني لأنها شعارات فضفاضة غير محددة تثير العواطف والمشاعر. فالتغيير يعني أن ما كان قبلا خطأ وهو حكم على كل ما مضى بأنه رديء وفاسد ويجب تغييره، ومثله ( الإصلاح ) فكلمة الإصلاح تعنى أن الفساد موجود والانحراف يستشري وهو أيضا حكم عام ، ومن قواعد التفكير العلمي أن الأحكام العامة على شخص أو سياسة أو زمن ما سواء كان ايجابيا أو سلبيا هو حكم خاطئ لأنه لا يوجد ما يمكن أن يطلق عليه أسود أو ابيض، خطأ أو صواب ، لذلك فشعارات مثل هذه تثير الأحاسيس وتحمس الشباب بدون أن نمسك شيئا محددا في أيدينا.

هذا ما يشعر به الكثيرون في أمريكا ، بعد أن استبشروا خيرا ، حيث أن جميع اختياراته لا تنم إطلاقا على التغيير فهيلاري كلينتون للخارجية وبيناتا للمخابرات ( CIA ) وجورج ميتشيل للشرق الأوسط ومدير البيت الأبيض كل هؤلاء عملوا في إدارة كلينتون. وترك وزير الدفاع الجمهوري في منصبه واختار وزير خزانة جمهوري أيضا ، فأين التغيير أذن ؟! أم هو كلام ؟! كلام يباع للشعب الأمريكي وللعالم اجمع ، ولكن لن يشتريه سوانا .

ثانيا: إن سياسة أوباما هي سياسة بوش لكن بأسلوب مختلف :

كلنا يعلم أن السياسة الأمريكية ثابتة و لا تتغير بتغير الرؤساء ، وذلك لأن أمريكا دولة مؤسسات ، والخطوط العريضة للسياسة الأمريكية واضحة ومحددة ولا تتغير بهذه السهولة ، لكن الفارق في الأسلوب ، فالحزب الجمهوري واضح وحاد وجاد في تناوله للأمور ، ذلك لأن طبيعته المحافظة وتمسكه بالتقاليد الأمريكية وتديُّن أعضائه الشديد يجعلهم حريصين جدا على عدم الكذب أو تلوين الكلام ، ويبدون أمام العالم وكأنهم يتحدونه بقسوة ، ويتحدثون عن المبادئ والقيم كثيرا لأنهم تحت مراقبة شديدة من كبارهم في الحزب والكنيسة وقادتها..

أما الديمقراطيون فعكس ذلك تماما ، فهم متلونون أو كما قال الشاعر العربي : يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب ، وأذكرك عزيزي القارئ بكلينتون مقارنة ببوش الأب ، إن الديمقراطيين كلامهم جميل وجذاب لكنهم يحققون نفس أهداف الجمهوريين..

فمثلا في الأزمات الاقتصادية على مدى التاريخ الأمريكي كانت سياسة الجمهوريين هي زيادة الضرائب بنسبة معينه ، وهذا وضوح ، أما سياسات الديمقراطيين فهي دائما إنقاص الميزانيات من التعليم والإعلام والبحث العلمي ...الخ وهذه أمور غير واضحة ولا تحتاج إلى إعلان ، وهكذا في كل سياساتهم سواء كانت داخلية أو خارجية ، وهذا أمر مخيف لأنك تسمع وترى وتفرح ولكن عندما تجرب تحزن .

ثالثا : إن أوباما بعكس بوش متحرر أخلاقيا :

لقد ابتهج العالم العربي الإسلامي لان أوباما اسود له أصولة أسلامية ..الخ وهو بذلك سيكون قريبا لعاداتنا وتقاليدنا وهو ما حاول أوباما أن يعلنه ، عندما تحدث عن أبيه علنا ودون خجل ثم استدعي جدته أو زوجة جده المسلمة لتعيش معه في البيت الأبيض ، وهناك أشاعه أنه دعا 17 من عائلته المسلمة لأمريكا ، لكن الحقيقة أن أول قرار لأوباما لم يكن غلق سجن جوانتانامو ، ولكن كان قراراً محليا وهو إلغاء قرار بوش بعدم إنفاق الحكومة على إجهاض البنات اللاتي يحملن سفاحا وهن صغار السن ، فقد قرر أوباما أن يجهضوا على حساب الدولة الأمريكية وهذا تشجيع للفساد

ثم أنه قرر قبول الشواذ جنسيا في الجيش وهذا عكس سياسة بوش المحافظة ، واذكر انه في عهد كلينتون الديمقراطي أراني أحد القساوسة الأمريكيين خطابا بتوقيع الرئيس يحذر فيه الكنائس من رفض أي شاذ متقدم للعمل بالكنيسة ، و أوباما يشجع أيضا زواج المثليين ، فماذا سيفعل العرب المسلمين معه ، هل سيقبلون سياسته ويرفضون أخلاقياته ، بعكس بوش ، وماذا لو اكتشفوا الخديعة في الاثنين ؟!

عزيزي القارئ : هل شعرت بالخوف مثلي ؟! أرجو أن لا تفعل فأنا محتاج لمن يطمئنني .

 

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات