خمسة أسباب للتفاؤل رغم كآبة عام 2023 - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 4:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خمسة أسباب للتفاؤل رغم كآبة عام 2023

نشر فى : الإثنين 27 نوفمبر 2023 - 7:30 م | آخر تحديث : الإثنين 27 نوفمبر 2023 - 7:30 م

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكاتب ستيفن وولت، يقول فيه إنه بالرغم من أن عام 2023 كان مليئا بالكثير من التطورات، منها انقلابات عسكرية (بالقارة الأفريقية)، وصراعات مسلحة (بإقليم ناجورنو كاراباخ ــ الحرب الروسية الأوكرانية ــ وأخيرا حرب حماس وإسرائيل) وغيرها، راح ضحيتها الآلاف من الأرواح البريئة، إلا أنه ذكر خمسة أسباب تجعلنا نتشبث بالأمل.. نعرض من المقال ما يلى:
بالنظر إلى أحداث العام الحالى سنجد أن هناك العديد من الأسباب التى تثير الغضب وتدعو للقلق خاصة فى الأسابيع السبعة الماضية؛ إذ مازالت الحرب فى أوكرانيا مستمرة بلا هوادة مع تلاشى احتمالات النصر، كما اندلع الصراع فى الشرق الأوسط مرة أخرى وفقد آلاف السكان المدنيين أرواحهم، والسودان محاصر فى حرب أهلية وحشية، ناهينا عن الأحداث المناخية الكارثية، إذ من المؤكد أن الكوكب سيصبح ــ فى السنوات المقبلة ــ أكثر دفئا ورطوبة وبالتبعية أكثر خطورة. أما الولايات المتحدة فتسير نحو واحدة من أبشع المراحل السياسية فى التاريخ الحديث، فمستقبلها أصبح ــ كديمقراطية حقيقية ــ على المحك. ومع ذلك، هناك ضوء وسط كل هذا الظلام وهذه المعاناة، وفيما يلى خمسة أسباب لذلك.
●●●
أولا: لا توجد حرب بين القوى العظمى. طبعا هذا لا يعنى أن الولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها من القوى الكبرى أكثر أهمية من بقية دول العالم، ولكن لأن الصراع الشامل بين القوى العظمى ــ خاصة عندما تكون نووية ــ من شأنه أن يؤدى إلى معاناة إنسانية أكبر من الصراعات بين الدول الأضعف. ولقد أعطانا القتال فى أوكرانيا مثالا حيا على ذلك. كما أن الحرب بين القوى العظمى ستكون لها عواقب اقتصادية هائلة وتؤثر سلبا على حياة مئات الملايين من الناس فى جميع أنحاء العالم. وهنا لابد من الإشادة بالجهود التى يبذلها صناع القرار الآن فى الولايات المتحدة والصين لخفض درجة التوتر بين أقوى دولتين فى العالم.
●●●
السبب الثانى الذى يدعو للتفاؤل هو الأشخاص العاملون فى المجال الإنسانى وصناعة السلام. ففى عالم يستمر فيه الصراع والمصاعب، لابد أن نلتفت لآلاف الأشخاص الذين يعملون كل يوم بجد لتخفيف الأعباء والمعاناة، وسد الفجوات، وتجاوز الانقسامات مثل منظمة أطباء بلا حدود، ولجنة الإنقاذ الدولية، وغيرهما الكثير. ومع تركيز الاهتمام الغربى على غزة، فلابد أن نشعر بالامتنان لجميع الأشخاص الذين يرفضون الانجراف وراء الرغبة فى الانتقام، والذين يؤمنون بالإنسانية المشتركة وحق الحياة لجميع الناس فى غزة وإسرائيل والضفة الغربية، والذين ما زالوا يسعون من أجل السلام العادل فى مواجهة العقبات الهائلة. أشخاص أمثال دانييل ليفى (مفاوض السلام الإسرائيلى السابق)، وعمرو حمزاوى (مدير برنامج كارنيجى للشرق الأوسط)، وفيفيان سيلفر (التى فقدت حياتها فى هجوم حماس)، أو مجموعات مثل «كسر الصمت» أو «الوقوف معا».
جدير بالذكر أن الأشخاص العاملين فى المجال الإنسانى ونشر السلام لا يصبحون أثرياء، وغالبا ما يواجهون النبذ وحتى الاضطهاد. ونادرا ما يتقلدون مناصب داخل الحكومات حيث تكون النزعة أكثر تشددا، وهو ما قد يفسر لماذا تميل الدول القوية إلى تجنب الدبلوماسية لصالح الإكراه والمواجهة. ومع ذلك، يجب أن نكون ممتنين لجميع الرجال والنساء الذين يعملون لصالح جميع الشعوب والذين يضعون المبادئ الأخلاقية قبل التقدم المهنى، خاصة أشخاص مثل جوش بول ــ الذى استقال من منصبه فى وزارة الخارجية بسبب عمليات النقل السريعة للأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل ــ أو مئات المسئولين الحكوميين الذين احتجوا علنا، أو وقعوا على رسائل مفتوحة، أو كتبوا فى وسائل المعارضة الرسمية للتعبير عن مخاوفهم بشأن السياسة الأمريكية. وليس من الضرورى أن يؤيد المرء كل ما قالوه حتى يعجب بشجاعتهم والتزامهم الأخلاقى.
طبعا لا يجب أن ننسى الأطراف الأخرى فى الشرق الأوسط التى لا تدعم توسيع الصراع إلى ما هو أبعد من إسرائيل وغزة والضفة الغربية. فالمستوطنون الإسرائيليون صعدوا أعمال العنف ضد الشعب الفلسطينى منذ 7 أكتوبر، وأطلق الحوثيون فى اليمن بعض الصواريخ على إسرائيل، وحتى الآن لا يبدو أن حزب الله أو إيران حريصان على التدخل، على الأقل ليس حتى الآن. لكن صحيح أن إدارة بايدن لم تفعل أى شىء ملحوظ لوقف الحرب، إلا أنها حاولت منعها من النمو. إذ من شأن حرب إقليمية أن تتسبب فى خسائر أكبر فى الأرواح. ولأن خطر التوسع يزداد كلما طال أمد القتال، نأمل أن يتم الاستماع إلى الأصوات التى تطالب الآن بوقف إطلاق النار.
●●●
ثالثا: وسط هذا العام الكئيب يوجد بصيص من الأمل ظهر فى اللحظات التى تغلب فيها الحكم الجيد على الترويج للخوف أو التعصب أو الشك، بمعنى آخر، تغلبت بعض الدول على الشعبوية. فتعد هزيمة حزب القانون والعدالة فى الانتخابات البولندية الماضية بمثابة خطوة إيجابية نحو الحفاظ على الديمقراطية فى بولندا، ومساعدة القضية الأكبر المتمثلة فى الوحدة الأوروبية. وتظل «الديمقراطية غير الليبرالية» تشكل ضغطا خبيثا فى السياسة العالمية المعاصرة، إلا أن هناك العديد من الناخبات والناخبين العقلاء يواجهون هذه المحاولات.
كذلك، تتوسع الحريات الإنجابية فى جميع أنحاء العالم، مما يعزز المسيرة الطويلة نحو المساواة بين الجنسين رغم أنها لم تكتمل بعد. كما اتخذت جمهورية كوريا الجنوبية واليابان خطوات جديدة نحو المصالحة، حتى ولو كان الدافع الرئيسى لهذا التطور هو خوفهما المتبادل من الصين.
●●●
رابعا، حرية التعبير. لا شك أن الحرية الأكاديمية تخضع للحصار فى بعض الجامعات، وكثيرا ما تتحول الخلافات السياسية المشروعة إلى تشويه شخصى. لذا تحتاج الجامعات إلى القيام بعمل أفضل فى الدفاع عن مهمتها الأساسية ــ وهى السعى الحر والمفتوح للمعرفة ــ ومقاومة الضغوط لاتخاذ موقف جماعى بشأن القضايا الاجتماعية والسياسية الكبرى. ولكن على الرغم من التهديدات المتزايدة للحرية الأكاديمية، لا يزال يتمتع كل واحد منا بالحرية فى قراءة الأفكار المعروضة بهذا المقال، وتجاهلها إذا كان هذا هو ما يفضله، والموافقة عليها أو عدم الموافقة عليها علنا. هذه الحريات تشكل عناصر أساسية للمجتمع المنفتح والأكثر صحية، الذى يوفر حماية ضد التعصب والركود السياسى والطغيان.
●●●
السبب الأخير يتعلق تحديدا بالوضع الجيوسياسى والاقتصادى للولايات المتحدة، فالأخيرة تعانى من استقطاب شديد ومشكلة خطيرة تتعلق بالعنف المسلح، وهناك أيضا رئيس سابق يهدد علنا بإسقاط نظامها الديمقراطى إذا أعيد انتخابه. ولكن على عكس العديد من الدول الأقل حظا، فإن الأمة الأمريكية لا تتعرض للحرب، ولا تواجه أى تهديد بغزو أجنبى، ولا تزال من بين أغنى مجتمعات العالم، كما تم ترويض التضخم فى وقت الوباء، ويتفوق الاقتصاد الأمريكى على بقية العالم الصناعى، حتى أنه نما بشكل أسرع من الصين فى العام الماضى.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف

النص الأصلي

التعليقات