هلا أصغيتم إلى الشباب؟ - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هلا أصغيتم إلى الشباب؟

نشر فى : الثلاثاء 28 أبريل 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 أبريل 2015 - 9:25 ص

سطع نجم الشباب بعد الثورة، وتنافست وسائل الإعلام من أجل دعوتهم والاحتفاء بمن 'صنعوا الثورة'، وتم الاعتراف بإنجازاتهم، والتنويه بقدرتهم على الابتكار، و'ضربت لهم تحية إكبار وتعظيم'. ولكن سرعان ما خفت بريق الأضواء، وبرزت اللامبالاة، وتوارى الشبان عن الأنظار فى مقابل احتلال جيل الكهول والشيوخ الصدارة، وهيمنتهم على المشهد السياسى على امتداد سنوات الانتقال الديمقراطى. فكانوا اللاعبين الجدد الذين قادوا المرحلة مبررهم فى ذلك أنهم أصحاب الحكمة والخبرة والدهاء. فالمرحلة لا تتحمل 'لعب' الصبيان.

اعتصم المعطلون عن العمل، دخل البعض فى إضراب جوع وحشى، أخاط البعض أفواههم، عبروا عن غضبهم من خلال أغانى الراب، شتموا، لعنوا، اتهموا، أدانوا،....ولا حياة لمن تنادى. قررت فئات أن تخوض تجربة الهجرة السرية، فقادتها مراكب الموت نحو المصير المحتوم فى حين ارتأت فئات أخرى الانضمام إلى المهربين، وعصابات المتاجرة بكل شىء: المخدرات، والعملة، والمواد الغذائية، وغيرها .واختارت فئات أخرى أن تضع حدا لحياتها فاحترقت محاكية فعل البوعزيزى أو انتحرت شنقا أو شربا للسم علها تجد أذنا صاغية .

أما الذين بحثوا عن الخلاص الفردى، وعن الحور العين فقد ارتموا فى أحضان الجماعات المتطرفة فأطاعوا، وامتثلوا، ونفذوا الأوامر، وتوحشوا علهم يغيرون مصيرهم. وهكذا عاد الشباب يستأثر باهتمام وسائل الإعلام من جديد فصار الحديث عن طرق استقطاب الشباب، وعن دور الجمعيات الخيرية فى تسفير هؤلاء إلى سوريا، وعن الأسباب التى دفعت هؤلاء إلى تفضيل الجهاد على البقاء بين الأهل والخلان.

***

ويتساءل الوزراء الذين قرروا أخيرا زيارة الحوض المنجمى (الجنوب التونسى): لم قوبلوا بالاحتجاجات، وتطاول عليهم الشبان، ولم يعاملوهم معاملة تليق بمواقعهم... لم كثر الصراخ، وتعالت الأصوات المهددة، واحتجز الإعلاميون ورقة ضغط فى يد المحتجين؟

ويتساءل المربون ما الذى جعل فئة من الشبان تعد حفلات 'دخلة الباكالوريا' (طقس احتفالى قبل إجراء الامتحانات) بتعليق صورة هتلر أو صورة الدواعش أو علم تنظيم داعش أو صورة بورنوغرافية أو... أو...؟
يتساءل أصحاب القرار، وذوو الخبرات، والمنتمون إلى النخب السياسية والفكرية ويتساءلون... ويضعون كل اللوم على هذا الجيل 'الملعون' ويتحسرون على زمن كان فيه الأب الآمر الناهى صاحب السلطة الأولى والأخيرة، ويتوعدون بإجراءات صارمة تردع هذا الجيل المنفلت الذى تجاوز كل الحدود.

أقصوهم وهمشوهم وحجبوهم فإذا بهم يعودون فى ثوب جديد، وهيئة مختلفة، وهوية مغايرة. وبالرغم من كل ذلك فإنهم لم يستطيعوا أن يفهموا ما الذى يدفع الشباب إلا من رحم ربك من اختيار هذه المسارات؟ أليست منظومة التربية والتعليم مسئولة بالدرجة الأولى عن هذا الضياع؟ ألم يقصر الأهالى فى رعاية أبنائهم واحتضانهن وفتح 'قنوات 'الحوار معهم؟ أليس الإحباط والشعور بانسداد الأفق وغياب البدائل وراء هذا السلوك؟ أليست الخيارات السياسية المفتقرة إلى تصور واضح وراء هذه العدمية؟ أليست عولمة الأفكار، والأحلام، والنماذج، وراء هذا الإعلاء من شأن رموز القوة، والبطش، والتوحش؟ أليس تكلس الخطاب، واجترار الأفكار، والعجز عن إنتاج المعانى وراء هذا الإحساس الذريع بالفشل؟

***

ما أيسر إصدار الأحكام، وما أسهل إدانة الآخر، ونبذه، وتحميله المسئولية. فالآخر يظل الجحيم على حد عبارة 'سارتر'. ولكن متى تتغير مواقف الكهول والشيوخ ويتدربون على تغيير نظرتهم ويرهفون السمع إلى ما يجرى من حولهم من تحولات فى نمط العيش، ورؤية الكون.

لقد رحب الشباب بنداء الموت مستعيضين عن المقاومة ولم تستهوهم النماذج المشرقة والتجارب الشبابية الناجحة الصادرة عن أولئك الذين انخرطوا فى العمل الجمعياتى فنظموا الأنشطة واقترحوا المشاريع وقدموا المبادرات، وساهموا فى البناء.

وبين الإدبار والإقبال مسافة تستدعى الانكباب على دراسة التحولات الطارئة على المجتمع قبل أن نخسر قوة من المفروض أن نعول عليها لاستكمال المسار.

التعليقات