بداية، يطمئن كاتب المقال الطبيب النفسى بول دى بومبو، مرضى التشنجات العصبية المزمنة بوجود أمل فى تقليل حدة أعراضها أو التخلص منها نهائيا كما ورد فى عدد من الأبحاث العلمية.
أولا، تأتى التشنجات العصبية المزمنة على شكل حركات لاإرادية، من ارتعاش الوجه إلى ارتعاش الساق، وأصوات لاإرادية - قد تكون هذه أصواتًا غير كلامية، مثل الصفير أو السعال، أو كلمات، مثل تكرار نفس العبارة مرارًا وتكرارًا. للأسف، قد تُعرض هذه الأعراض مرضى التشنج للوصم من المجتمع أو الوصف بـ«غريب الأطوار» أو «مختل عقليًا».
يؤكد الكاتب أنه ليس كل من يعانى من التشنجات اللاإرادية مصابًا بمتلازمة توريت (TS)، وهى حالة عصبية محددة تتميز بوجود تشنجات صوتية وحركية تستمر لأكثر من عام.
لحسن الحظ، تحسّن علاج التشنجات اللاإرادية منذ أن اكتشفها طبيب الأعصاب جورج جيل دو لا توريت لأول مرة عام ١٨٨٥. فى البداية، كان يُعتقد أنها حالة «عقلية». لذا استُخدم العلاج الفرويدى لعلاج التشنجات اللاإرادية ومشاكلها الأخرى، وتمحورت الأسباب حول إلقاء اللوم على والدى المريض وحل خلافات طفولتهما.
اليوم، تُعرف متلازمة توريت بأنها ناتجة عن مزيج معقد من الأسباب. وهى وراثية بدرجة كبيرة، كما أن العوامل البيئية، مثل مضاعفات الولادة، قد تلعب دورًا أيضًا. يُعتقد أن التشنجات العصبية المزمنة، سواءً أكانت جزءًا من متلازمة توريت أم لا، تنشأ من اختلافات عصبية محددة، إذ تلعب دوائر القشرة المخطّطية (CSTC) فى الدماغ دورًا مهمًا فى التحكم الحركى. يقول الطبيب النفسى دى بومبو إن التشنجات العصبية تُعتبر بمثابة خلل فى هذه الدوائر، مما يؤدى إلى تشنجات حركية و/أو أصوات يصعب كبتها. يوضح الكاتب أنه كلما زادت تشنجات الشخص المريض، زاد عمق المسارات العصبية الكامنة وراء تشنجاته، مما يؤدى إلى رغبة أقوى فى التشنج.
الآن، ما هى استراتيجيات التحكم فى التشنجات العصبية؟
يقول دى بومبو أن التدخل السلوكى الشامل للتشنجات (CBIT) هو من أكثر الأساليب السلوكية المُثبتة علميًا للتخلص منها أو إدارتها. معلومة إضافية، إذا كانت التشنجات متوسطة أو شديدة، فقد يُفكر مُقدم الرعاية الصحية فى وصف دواء بالتزامن مع برنامج العلاج السلوكى الشامل للتشنجات.
يشير الكاتب إلى أن العلاج السلوكى الشامل (CBIT) طُوِّر فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، اشترك عالم النفس السريرى دوجلاس وودز وزملاؤه فى اكتشاف هذا العلاج، وهو قابل للتكيف مع مختلف الأعمار. يجمع هذا النهج بين عناصر العلاج السلوكى المعرفى (CBT) والتدريب على عكس العادات (HRT)) يركز على تغيير عادات التشنج من خلال زيادة الوعى بالرغبات الداخلية (لتقليل شدة التشنجات العصبية وتحسين الأداء العام).
ماذا يفعل المريض إذا لم يستطع التعامل مع طبيب مختص. يوضح الكاتب فى أربع خطوات رئيسية كيفية اتباع نهج المساعدة الذاتية فى العلاج السلوكى المعرفى.
على المريض تدوين كل معلومة عن الحركة التى تزعجه، مثل كم مرة تحرك النبض خلال 15 دقيقة؟ (سيساعد هذا على تتبع مدى فعالية هذه الحركة). خلال فترات النشاط الزائد، اسأل نفسك:
• من الحاضر؟
• ماذا تفعل؟
• أين أنت؟
• متى يحدث هذا؟
• كيف يتفاعل الناس؟
يؤكد الكاتب أن تدوين هذه المعلومات سيساعد على معرفة ما يزيد أو يخفّض التشنج، وسيمنح المريض فكرة عن كيفية إجراء تعديلات بيئية لتخفيف التشنج.
استشهد الكاتب بأحد مرضاه لمزيد من التوضيح. كان جايدن، البالغ من العمر 15 عامًا، يعانى من تشنجات متكررة فى الحلق، تسبب له الحرج خاصةً عندما تحدث فى بيئة هادئة، مثل المكتبة أو أثناء المحاضرة.
فى الجزء الأول من العلاج السلوكى الشامل، قرر جايدن تتبع تشنجات الحلق أثناء جلسة دراسته، فدوّن:
من حاضر؟ أنا وحدى.
ماذا تفعل؟ تقرأ الكتب المدرسية أو تحل المسائل.
أين أنت؟ فى مكان هادئ للدراسة.
متى يحدث هذا؟ فى وقت متأخر من بعد الظهر، بين الساعة 3 و4 مساءً.
كيف يتفاعل الناس؟ لا أحد موجود ليعلق، لكننى أشعر بالإحباط من نفسى عندما أصفّى حلقى.
بمراجعة ملاحظاته، أدرك جايدن أن تشنج الحلق يزداد عند محاولته التركيز وعند الضغط على نفسه. لذا ساعده تهيئة بيئة دراسية أكثر استرخاءً والتواجد مع الآخرين فى تقليل تشنجاته.
يؤكد الكاتب على ضرورة تحليل جميع مراحل التشنجات العصبية منذ الرغبة الأولى التى تنذر بالتشنج، للتهيئة للمرحلة الثانية وهى الوعى بالتشنج قبل ظهوره بالكامل.
فى البداية، قد تزداد التشنجات العضلية مع التركيز عليها. مع ذلك، خلال أسبوع من استخدام هذه الاستراتيجية، من المرجح أن تلاحظ انخفاضًا فى التشنجات العضلية المتباعدة.
يختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على ضرورة الحفاظ على الدافع فى التدريب السلوكى الشامل القائم على الأدلة. من البداية، خطط لمكافآت صغيرة لنفسك لتحفيزك على التقدم فى مراحل العلاج السلوكى الشامل. حاول أن تجعل العمل على التدريب السلوكى الشامل القائم على الأدلة ممتعًا قدر الإمكان. ابدأ فى استعادة ما كنت تستمتع بفعله قبل هذه التشنجات. لنفترض أنك من محبى ألعاب الفيديو، لكنك خفّضت من وقت اللعب بعد أن لاحظت زيادة التشنجات خلاله. مع تطبيقك المنتظم لاستراتيجيات العلاج السلوكى الشامل وتحقيق تقدم ملموس، يمكنك أن تكافئ نفسك بزيادة تدريجية فى وقت اللعب. هذه المكافآت لا تعزز الدافع فقط، بل تذكّرك بأن التقدّم فى العلاج يعنى استعادة متع الحياة التى ظننت أنك فقدتها.
بول دى بومبو
موقع «Psyche»
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص الأصلى