الراوي والحكايات جزء أصيل من ثقافتنا، وكان الناس يجلسون أمام القهاوي يستمعون لحكايات أبوزيد الهلالي والزير سالم، وكان الأطفال يجتمعون لكي يسمعوا قصص الجدة في الدار، وفي رمضان تجتمع الأسر حول الحكايات الدرامية وأمام الفوازير، والحكاية تجذب الكثيرين؛ لذلك نقدم في سلسلة مكتوبة خلال شهر رمضان الكريم، مجموعة من الحكايات التي تتعلق بالحضارة المصرية القديمة، وتحديداً عن تفاصيل الحياة اليومية.

واستكمالاً للحديث عن المواد المتعلقة بالحيوانات وتوظيفها في أنشطة وأدوات يومية في حياة المصري القديم، نتحدث في حلقة اليوم عن العاج، الذي تواجد في كثير من الاكتشافات الأثرية، ولكن هل كانت توجد أفيال تعيش في بيئة مصر الزراعية قديماً للحصول على العاج؟

ونستمر مع الفصل الثاني من كتاب: "المواد والصناعات عند قدماء المصريين"، تأليف ألفريد لوكاس، وترجمة دكتور زكي إسكندرية، وترجمة الهيئة العامة للكتاب.

ويقول لوكاس: "كان العاج بنوعيه وهما سن الفيل وناب جاموس البحر يستخدم في مصر القديمة على مدى واسع منذ العصور النيوليثية –أي العصر الحجري الحديث- فما بعدها ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى كثافة ودفة وقابليته الحسنة للنقش والحفر، وإن كان استعمال سن الفيل بمصر في تاريخ قديم يعني بلا ريب أن هذا الحيوان كان معروفا جدا فيها، إلا أنه لا يدل على أنه كان يعيش بها، فالمحتمل غير ذلك وهو توافر الحصول على العاج في يسر؛ لأن الفيل كان موجودا في البلاد التي تقع في جنوب مصر مباشرة مثل السودان".

وأضاف: "أما جاموس البحر كان موجودا في مصر منذ عدة مئات من السنين وما زال، وبناء على ما ورد في النصوص القديمة كان يحصل على العاج في عهد الأسرة السادسة من بلاد الزنوج وفي عهد الأسرة الثامنة عشرة من بلاد بونت وبلاد جنتيو وبلاد كوش والأقاليم الجنوبية، وكانت كلها أفريقية تقع في جنوب مصر، ومن مناطق تحنو غرب مصر، ومن رتنو وإيسي - سوريا ولبنان حاليا- وكان كلاهما في آسيا".

والمصنوعات العاجية التي وجدت في المقابر، تشمل الخلاخيل وأطراف السهام والصناديق والأساور والأمشاط والأسطوانات المنقوشة والصحاف وتماثيل ودبابيس للشعر وأيدي السكاكين والختاجر والمراوح والسياط ورؤوس حراب الصيد الكبيرة، والتراصيع وأرجل الأثاث ورؤوس الصولجانات واللوحات والأواني والعصى.

وذكر لوكاس، أن المنحوتات والمحفورات العاجية كانت تصبغ أحيانا أو يرسم عليها صور ملونة وكان اللون الأحمر هو المستعمل بوجه عام، ووحد على بعض سهام من عهد الأسرة الأول وكان جزئيا أو كليا مصدره الأكسيد الأحمر للحديد، والبني القاتم والأسود كان يستعملان وكان اللون الأخضر نادرا جدا.

اقرأ أيضا: في حياة المصري القديم (3).. شَعر آدمي في مقابر الفراعنة