استقبل أحد أبطال العرض المسرحي "الصمت المحكم" الجمهور الذي حضر العرض على مدار يومين في قاعة صلاح عبد الصبور بمسرح الطليعة بمنطقة العتبة، بقطع البطيخ، كنوع من التفاعل مع الجمهور وجعلهم يفكرون قليلًا في علاقة البطيخ بأحداث العرض.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، وخلال تصاعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حظرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفع العلم الفلسطيني أو استخدام ألوانه الأربعة، ما دفع الفلسطينيين إلى البحث عن رموز بديلة تعبّر عن هويتهم الوطنية، فكان البطيخ -بلونه الأحمر ولبّه الأخضر وبذوره السوداء المحاطة بالقشرة البيضاء- تجسيدًا صامتًا للعلم، وتحول سريعًا إلى أيقونة ثقافية وفنية للمقاومة، لا تزال حاضرة حتى اليوم في الاحتجاجات واللوحات التعبيرية وموجات التضامن الرقمي.
العرض مأخوذ عن نص "مسافر ليل" للشاعر صلاح عبد الصبور، وقدم مخرج العرض جورج جيهام رؤية جديدة له دون الإخلال بالنص الأصلي.
ويناقش العرض فكرة العدل وكيف يتحقق، وأن البسطاء يعودون إذا استدعيناهم من ذاكرتنا، ولكن متى وأين وكيف؟ فالتوقيت عامل مؤثر في ذلك، وهذا ما يطرحه العرض خلال أحداثه التي تدور حول الصراع العبثي بين (عامل التذاكر - الظالم) و(الراكب - المظلوم)، في قطار، وهناك راوٍ يفسر للجمهور تفاصيل المشهد ويتركهم ليتفكروا فيه، والذي يُعتبر رمزًا للموقف المحايد أو السلبي أحيانًا وللصامتين عن الظلم الواقع على غيرهم.
استطاع مخرج العرض أن يقدم عملًا متكاملًا في عناصره، ولفتت الأزياء انتباه الجمهور، من حيث الألوان والتصميم البسيط المعبر عن طبيعة كل شخصية، ولعبت الموسيقى في بعض المشاهد دور الحوار بين الممثلين، وكانت معبرة في مشاهد أخرى عن الأحداث، ممزوجة في نسيج واحد مع باقي عناصر العرض، وتفاعل الجمهور مع ربط المخرج لأحداث العرض بالقضية الفلسطينية وأحداث غزة، وظهور ذلك بشكل مباشر في أحد المشاهد، حيث عرض المخرج على الشاشة، التي كانت عنصرًا أساسيًا في بناء الرؤية البصرية للعرض، مشاهد حقيقية من المجازر التي تحدث في غزة من العدوان الصهيوني.
يشارك في بطولة العرض عبد الرحمن حاتم ومصطفى حمدي ومؤمن وليد وأحمد هشام، دعاية وبوستر سيلفانا هاني، تأليف موسيقي شريف أشرف، مونتاج عبد الله طيبة وملابس هناء النجدي، تنفيذ ديكور إسلام عمر وإضاءة محمود جراتسي، مساعدا الإخراج أحمد هشام ومحمد شرقاوي، إخراج جورج جيهام.
يُذكر أن "الصمت المحكم" هو العرض الفائز بالمركز الثاني في مهرجان مواسم نجوم المسرح الجامعي، وهو ضمن العروض التي يتنافس بها صندوق التنمية الثقافية في المسابقة الرسمية للمهرجان هذا العام.