ديكتاتورية الميدان.. وديمقراطية الصندوق - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 3:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ديكتاتورية الميدان.. وديمقراطية الصندوق

نشر فى : الخميس 1 ديسمبر 2011 - 9:15 ص | آخر تحديث : الخميس 1 ديسمبر 2011 - 9:15 ص

لميدان التحرير وشبابه فضل عظيم على الثورة لكنه ليس صاحب الحق الحصرى فى الحديث باسمها ولا حتى فى تحديد أولوياتها وإلا ستكون مصر كمن خرجت من استبداد مبارك ونظامه البائد لتسقط فى ديكتاتورية الثوار وهى أسوأ أنواع الديكتاتوريات كما تعلمنا من دروس التاريخ.

 

إن أحداث الأيام الأخيرة تشير إلى تنامى النزعة الاستبدادية لدى شباب التحرير إلى الدرجة التى جعلت الشباب المتعصمين فى الميدان يتصورون أن من حقهم عمل أبواب حديدية له ويقررون طرد الباعة الجائلين منه بدعوى أنهم يسيئون لصورة الاعتصام رغم أن هؤلاء الباعة بكل ما لهم وما عليهم أصبحوا جزءا أصيلا من أى اعتصام «تحريرى».

 

إن نزوع الثوار إلى الاستبداد وشعورهم بأنهم أصحاب الحق الحصرى فى تقرير مصير البلاد والعباد بعد الثورة بدعوى أنهم هم من ضحوا بأنفسهم وخاطروا بأرواحهم فى هذه الثورة ينطوى على مغالطة كبيرة ومخاطرة أكبر.

 

المغالطة أن الطليعة تشعل الثورة لكن باقى الشعب هو الذى يحتضنها ويغذيها، بل ويضمن لها النجاح. فلو لم ينضم ملايين البسطاء إلى الطليعة الثورية يوم 28 يناير وفى الأيام التالية لتمكن نظام مبارك من إبادة هذه الطليعة التى مهما كان حجمها لم تكن لتصمد أمام آلة القتل الجبارة لهذا النظام.

 

أما المخاطرة فتكمن فى حقيقة أن ديكتاتورية الثوار تميل إلى العنف والإقصاء كما حدث فى بدايات الثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة الإيرانية وهو أمر لا أظن أن أحدا يريده لمصر.

 

فى المقابل فإن الأيام الماضية فتحت أمام ثورة مصر مسارا أكثر رحابة من أجل تحقيق أهدافها بأقل قدر من المخاطر وهو المسار الديمقراطى عندما أذهل المصريون العالم باصطفافهم أمام لجان التصويت فى أول انتخابات حرة تشهدها البلاد منذ أكثر من ستين عاما.

 

فصندوق الانتخابات أصدق أنباء من الكتب والصحف وبرامج الدردشة فى التليفزيون. فعندما يشارك أكثر من 60% من الناخبين المصريين فى المرحلة الأولى للانتخابات وعندما يضطر الناخب إلى الوقوف ساعات طويلة من أجل ممارسة حقه الانتخابى لا يمكن لأى إنسان مهما كانت تضحياته فى ميدان التحرير أن يأتى ليقول إن هذا المواطن ليس له الحق فى تقرير مصير البلاد وأن الثوار فقط هم أصحاب الحق بما قدموه من تضحيات.

 

إن إصرار ثوار التحرير على تجاهل دلالات مشهد الزحام على مراكز الانتخاب يكشف عن عمق المأزق الذى يعيشه هؤلاء الشباب الذين يرفضون الانتقال من مرحلة الفعل الثورى إلى مرحلة العمل السياسى ويتجاهلون حقيقة أن أعظم آمال أى حركة ثورية هى الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية عبر صناديق الانتخاب.  

التعليقات