محمد صبحى وشرف الإعاقة - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد صبحى وشرف الإعاقة

نشر فى : الجمعة 3 يونيو 2016 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 3 يونيو 2016 - 10:05 م
محمد صبحى فنان مهموم بقضايا الإنسان فى وطنه. شهد تاريخه تحولات فنية وإنسانية يمكن رصدها بسهولة للمتابع لتاريخ الفن فى بلادنا، مارس بصدق التمثيل على المسرح، فى السينما والإذاعة والتليفزيون والآن انتهى إلى تجربة يستجمع فيها كل ما اكتسب من خبرات فنية ليضيف إليها عمقا إنسانيا نبيلا فى برنامجه التليفزيونى «مفيش مشكلة».

كان أن شاهدت الحلقة الأخيرة من برنامج الفنان محمد صبحى فألزمتنى مكانى أمام الشاشة الصغيرة أنا التى لا يفلح أى إغراء ملون يعرض عليها فى الاستمرار لدقائق فى متابعتها. جلست مشدوهة أتأمل فى وجد وأنصت فى خشوع لتلك النماذج البديعة التى قدمها الإنسان الفنان محمد صبحى بحرفية فنية وجمال إنسانى يليق بقدر وقدرة تلك الشخصيات من احتجاب «القدرات» الخاصة كما سماهم وليس «الاحتياجات» كما تطلق عليهم الدولة.

لا أظن أبدا أن تلك الشخصيات التى سكنت نسيج عقلى وقلبى قد تغادر لأى سبب بعد أن تضاءلت أمام صدقها وإقبالها على الحياة ــ الكثير من هموم نعيشها ونتخيلها نهاية العالم.

توالت النماذج بصورة كثيفة لتؤكد أصالة الفكرة التى أراد محمد صبحى أن يزرعها فى وجدان المشاهدين.

بطل تنس الطاولة الذى سينافس على بطولة العالم بعد أيام قابضا على المضرب بفمه بعد أن فقد ذراعيه فى حادث لم يفتقد فيه كرامته وإنسانيته التى دفعته دفعا للرد بقوة على من تصوره عاجز عن اللعب وعليه أن يكتفى بالتحكيم.

عروس البرنامج التى جاءت بالثوب الأبيض ولها صوت رقراق كجدول ينحدر من السماء. والمذيعة التى وصفت لنا ما تراه بعيون خبا منها البصر وتألقت البصيرة ثم الخطاط الذى يحتضن القلم بما تبقى من ذراعين. بالله كم كنت رفيقا بنا تلك الليلة فأرسلت لنا ملائكتك تذكرنا نحن «أصحاء الجسد» «معاقى» الفكر والنفس بضعفنا وهواننا على الأرض!

حلقة «مفيش مشكلة» التى قدمها الفنان محمد صبحى جاءت أكثر بلاغة من أى إعلان إعلامى يتفضل به البعض من آن لآخر فى إشارة لمشكلة حقيقية فى مجتمعنا المصرى وإن كان العالم أسبق فى حلها من جميع جوانبها إلزاما من الدولة وتطوعا من المجتمع المدنى.

ما قدمه محمد صبحى فى صورة إنسانية بديعة يلزمه قانون وتشريع.

عفوا أنا لا أتجاوز ما فعلته الدولة سلفا إنما أدعو لأن نتبنى جميعا تبعات تفعيل القانون الذى يقضى بتشغيل نسبة الخمسة بالمائة من أصحاب القدرات الخاصة فيما يتفق وقدراتهم فى كل مؤسسات الدولة والقطاع العام والخاص.

أدعو أيضا أن نضيف بندا خاصا يتعلق بكل ما يتم التخطيط لبنائه فى مصر من مدن جديدة وأحياء سكنية ومؤسسات خدمية وميادين وشوارع تضمن لأصحاب القدرات الخاصة انتقالا سهلا وحركة يسيرة. وأن تلزم الجميع بالقانون.

أتمنى لو أعيد عرض تلك الحلقة مرات أظنها أفضل وقعا على النفس فى الشهر الكريم بديلا عما ينتظرنا من كوابيس وأحداث جسام وحوادث عنف ووصلات رقص وردح ومكيفات وفواصل ابتزاز وتعريض بالأطفال والكبار المرضى. كلها والحمد لله تكفير ذنوب تليق بالشهر الفضيل.

فى النهاية أطالب وأظن معى كثيرون بوسام خاص للفنان محمد صبحى يؤكد أن الفن تعبير حقيقى عن الإنسانية بعد أن أكد صبحى فى ذلك العمل البديع أن ما نظنه «إعاقة» إنما هو «شرف» فى مجتمع يحترم الإنسان.
التعليقات