فى مصر جدول سياسى ضاغط، ومحطته الكبرى التالية هى الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر 2011.
وتستحق الانتخابات البرلمانية وإلى أن تجرى أن نلتفت لها كمجتمع وكرأى عام لما لها من أهمية قصوى ترتبط بدور البرلمان القادم الذى سيختار أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، وبالمنافسة القوية المتوقعة بين القوى السياسية المختلفة، وبالكثير من تفاصيل تنظيمها وإدارتها والإشراف عليها ومراقبتها التى لم تزل بعد غائبة (فقانون الانتخابات لم يصدر بعد).
وبصراحة شديدة، أشعر بأن أهمية الانتخابات البرلمانية وما يستتبعها من ضرورة الالتفات المجتمعى العام لها تحتم على المرشحين المحتملين للرئاسة أن يمتنعوا عن الإطلاق العلنى لحملاتهم الرئاسية إما بجولات فى المحافظات أو بأحاديث إعلامية إلى حين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية. فجولات مرشح وأحاديث آخر ولقاءات ثالث تصرف الرأى العام عن متابعة الجدل الدائر حول قانون الانتخابات الجديد، وعن النظر بدقة فى برامج الأحزاب المختلفة التى تعتزم المنافسة على مقاعد مجلس الشعب، وعن متابعة القضايا الكبرى المطروحة الآن فيما خص حدود العلاقة بين السياسى والدينى وبين السياسى والمالى فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
والحقيقة أن لدى المواطنات والمواطنين فى مصر وبعد العقود الطويلة من مركزية «الرئيس» فى الحياة السياسية المصرية من الاستعداد التلقائى للاهتمام بالمنصب الرئاسى على حساب البرلمان الشىء الكثير. من هنا عظم المسئولية الملقاة على المرشحين المحتملين فى مقاومة هذا الاستعداد التلقائى والتراجع عن صدارة المشهد السياسى المصرى لصالح القوى والأحزاب المشاركة فى الانتخابات البرلمانية إلى حين الانتهاء منها، ففى هذا مصلحة الوطن.
أثمن كثيرا توجه بعض المرشحين المحتملين للرئاسة للإسهام فى الجهود الوطنية الجماعية كالمشاركة فى المؤتمر الوطنى الذى سيعقد يوم السبت القادم بهدف دفع التحول الديمقراطى إلى الأمام وفى حملات الدبلوماسية الشعبية التى ذهبت إلى دول حوض النيل للبحث عن مخرج لأزمة المياه. فهم بهذا يقدمون نموذجا جيدا لتغليب مصلحة الوطن على حسابات المصلحة الشخصية الضيقة، ويحصلون فى ذات الوقت على شىء من الاهتمام الإعلامى بما يقومون به وبدورهم.
إلى مرشحى الرئاسة الآخرين، أرجوكم توقفوا عن جولاتكم وأحاديثكم الآن. فليست هذه لحظة الرئاسة، بل وقت البرلمان وواضعى الدستور الجديد الذى نؤمل أن ينقلنا إلى الديمقراطية.