آخر رئيس للبنان؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

آخر رئيس للبنان؟

نشر فى : الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 9:50 م

نشر موقع على الطريق مقالا للكاتب نصرى الصايغ.. نعرض منه ما يلى.

إنها ليست نبوءة أبدا. مجرَد توقع. أمر محتمل أو لا مفر منه. قد يكون الرئيس ميشال عون آخر رئيس جمهورية. وهذا الاحتمال، مبنى على ما آل إليه لبنان من خراب عام، من تداع تام. من انسحاق كامل، من إفلاس مبرم، من نهايات متتالية، من موت ينتظر، على قارعة الهاوية.

إنها ليست نبوءة أبدا. إنها من صلب السياسة، وما آلت إليه الأمور. لبنان راهنا شبه ميت. كله يعانى، وكى لا تقع فى التكرار، يكفى أن يُقال إن جمهورية الفساد هى الأقوى. لا قوة أبدا، توازى ديكتاتورية الفساد، ولا سلطة تعلو سلطة الفاسدين. وسلطة الفاسدين موزعة على كل الطوائفيين. ومعروف، أن الفساد يستغل الطائفية، لا العكس. لا إله يعلو على آلهة الفساد وأديانها السافلة.
لبنان اللبنانيين، غير متوافر. اللبنانيون، عليهم أن يستعدوا للأسوأ. منذ أعوام قليلة، وزعاماته تتغَول، فسادا و… طائفيا. لا شيء له ديمومة غير هذا المسار. المواطنون والمراهنون على الدولة المدنية، وعلى الديمقراطية وعلى المحاسبة والمساءلة، وعلى سداد الديون وعلى مئة أمنية.. عليهم أن يكرسوا ما تبقى لهم من وقت، تحضيرا لجنازة البلد. والأدلة كثيرة.
شُبه للبنانيين أن لهم دولة. هذا حبر على ورق. الدولة حاولت أن تولد مرارا، على مدار مئة عام، فكانت النتيجة أن بلغنا المئة، ولم ننشئ إلا مزارع، عاثت فيها القيادات الطائفية المتناسلة، فسادا وتهديما وارتهانا. اللبنانى الفاسد، يجد فى هذه المزرعة منافعه وحثالاته. وحده يستطيع أن ينتمى وأن يعلن:
«أنا فاسد، إذن أنا لبناني».
كل هذا بات معروفا ومعلوكا ومقرفا، ويلزم أن نضع نقطة على السطر.
عون، آخر رئيس للجمهورية. ما دليلك أيها القلم؟ استعرض المشهد السياسى اليوم. لن تجد أحدا من الطغمة قد غيَّر أو تغيَر. إنهم سلالة أصيلة ومتأصلة فى ركوب الأزمات، كما يركبون الصفقات.
لبنان يعانى، ومعاناته شاملة. أى لا شيء «زابط» أبدا. وقد بلغت الأزمات أبواب اللبنانيين. هل نذكرها؟ لن نفعل. اللبنانيون يعيشونها، ولا يجدون مفرا. فيما السلطة المتسلطة، بما تضم من فئات، ينطبق عليها «كلن يعنى كلن»، هم ومن معهم من رعاع ينتمون إلى الحثالات البشرية. هؤلاء، مهتمون فقط، «بتأليف» حكومة.
لبنان يغرق بالفقر، الرابع من آب دمر ثلث بيروت، الديون عار مرتكبوه هم، وهم وحدهم، وكلهم يعنى كلهم، والأزمات أطول من «أبجد هوز».. ومع ذلك، فإنهم يصرون على ما كانوا عليه من قبل: المحاصصة، كونها الباب المشرع للفساد.
ما أفدح أقوالهم، كلهم يعنى كلهم، عندما يعلنون أنهم سيحاربون الفساد.

إخس. الكذب ملح ضمائرهم، يجيدون الغصب والاغتصاب. وقد بلغ فيهم انعدام الإحساس والكرامة والضمير، أن اللبنانيين، دون الرعاع، يسمونهم بأسمائهم. يدلون عليهم بالإصبع، غير الوسطانى، يشاهدون برامج تكشف الفساد الأكبر والفساد الأعظم، ولا يرف لهم جفن. مطمئنون إلى أن يدهم فوق القضاء اللبنانى، كالقدر. مجلس نواب يشبه حديقة (ضف الصفة المناسبة)، يمارسون فيها حروبهم ضد الدولة، وضد القوانين، وضد الناس، وضد الأحرار، وضد الفقراء، وضد الصادقين، وضد المؤمنين بالقدر، ويجدون المبررات القانونية لطمس الفساد والفاسدين والمفسدين.
فى المجلس، تتم التبرئة والتعمية. لا أحد يجرؤ، على تبيان النهب الذى أوصل الدين إلى المليارات. ولهم من القوة، ما يجعلهم موظفين مطيعين لحاكم البنك المركزى، وقبيلته المالية والسياسية والمذهبية والإعلامية. لذا، فإن حاكم لبنان، من زمان، هو حاكم مصرف لبنان وليس الجنرال عون.
يمكن متابعة احتفالات التعرى السياسية بكامل فجورها. هؤلاء العراة، صادقون جدا مع زيهم. لا أخلاق تردع ولا قوانين تُحترم ولا مصالح تُصان.
هم الآن بصدد تركيب حكومة. لن يحصلوا على بدعة تأليف جديدة، برغم ماكرون وبرغم ما آلت إليه هموم الناس وشجونهم. احذروا التفاؤل: المحاصصة من أساسات النظام الطائفى. النهب من معتقدات الممارسات الطائفية. القبض على أنفاس الموازنة مهنتهم. لذلك، هم لا يؤلفون حكومة للبنانيين. إنهم يؤلفون حكومة لهم وتشبههم. «توافقية»؟ طبعا. كلن يعنى كلن. ذوو اختصاص. طبعا أيضا. يجب أن يعرفوا فن ضرب الكم. إلى آخره.
على أن اجتماعهم الآن متعذر. تماما كما تعذر منذ ما بعد الطائف. هناك رغبة لدى البعض بالاستقواء. الاستقواء بالسورى، مر زمنه. الاستقواء بالخليجى، مأزوم. الاستقواء بأمريكا عبر استدراج العقوبات والترويج لها بشرط أن تطال الخصوم الفاسدين، وليس أهل البيت.. باختصار، لا سلطة واحدة موحدة فى لبنان. ولا إمكانية لتأليف حكومة، كما درجت العادة، حيث يحتاج التأليف إلى ما يقارب السنة، كما احتاج انتخاب عون إلى أكثر من سنتين، عاش فيها لبنان، وكأن شيئا لم يكن. وها نحن اليوم نعيش بلا حكومة، فى ظل «رئيس قوى جدا، لا قدرة له، على تحريك أمر، إلا إذا كان يخص «التيار القوي».

قد تمر الشهور القادمة، بلا تأليف حكومة. ما يعنى أن لبنان مرشح لبقاء هذه الحكومة المستقيلة إلى زمن الاستحقاق الرئاسى. وسوف تكون بديلا عن رئيس الجمهورية. من يدرى، فقد تؤجل الانتخابات النيابية، وهذا حصل سابقا، وقد يمتد الفراغ الرئاسى لسنوات، فالعوض بسلامتكن. لبنان خلص.
لذا، قد يكون عون آخر الرؤساء.
خلاصة غبية.
هل نستحق هذه العقوبات؟
طبعا. هذا ما جنته الحشود الطائفية.
«خرجنا»
ما حصل، لم يكن صدفة أبدا. الحكاية بدأت منذ مئة عام. لبنان الحلم يباس. لبنان الناس يأس. لبنان الطائفيين: إلى حتفنا.

النص الأصلى:
https://bit.ly/3qllWa9

التعليقات