التعاون الاقتصادى بين الولايات المتحدة وأوروبا بعد ترامب - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعاون الاقتصادى بين الولايات المتحدة وأوروبا بعد ترامب

نشر فى : الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 9:52 م

نشر موقع The German Marshall Fund تقريرا لعدد من الخبراء يحاولون فيه الإجابة عن تساؤل الكثيرين: «ماذا يتوقع حلفاء الولايات المتحدة فى أوروبا من إدارة بايدن الجديدة»، ركز جزء من التقرير على علاقات الولايات المتحدة الاقتصادية مع دول أوروبا... نعرض منه ما يلى.
سيؤدى انتخاب جو بايدن إلى وجود شخص عابر للأطلسى فى البيت الأبيض. ولن يُنظر إلى الاتحاد الأوروبى بعد الآن على أنه كيان معاد، فيمكن أن يكون مرة أخرى حليفا قيما للولايات المتحدة يسعى للتأثير على السياسات الأمريكية فيما يتعلق بالتجارة والصين.
عملت إدارة ترامب على شن هجوم مباشر على نظام التجارة العالمى، على الرغم من أن منظمة التجارة العالمية (WTO) كانت بالفعل مشلولة جزئيًا قبل تولى ترامب منصبه. فلقد توقفت آليتها الحاسمة، لتسوية المنازعات، عن العمل بسبب حق النقض الأمريكى فى تعيين قضاة استئناف جدد. كما منعت إدارة ترامب قبل الانتخابات مباشرة شغل نجوزى أوكونجو إيويالا من نيجيريا لمنصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية.
لقد وقف الاتحاد الأوروبى دائمًا إلى جانب النظام التجارى متعدد الأطراف، وإذا كان بايدن جادًا فى تنشيط العديد من المنظمات الدولية التى انسحب منها ترامب، فيجب عليه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى وبقية العالم فى إصلاح وإحياء منظمة التجارة العالمية. وهذا يعنى على الأقل إسقاط حق النقض ضد أوكونجو إيويالا، والعمل مع الاتحاد الأوروبى والأعضاء الآخرين فى منظمة التجارة العالمية للموافقة على تعيين قضاة استئناف جدد وإصلاح آلية تسوية المنازعات، ودفع الاتفاقية الأمريكية الأخيرة مع الاتحاد الأوروبى واليابان لمواجهة الممارسات التجارية الصينية فى منظمة التجارة العالمية، والعمل مع الاتحاد الأوروبى وآخرين لإنشاء إطار متوافق مع منظمة التجارة العالمية لتعديل حدود استخدام الكربون حتى يتمكن الأعضاء من اتخاذ إجراءات ضد تغير المناخ دون التعرض لعوائق المنافسة فى السوق العالمية. باختصار لا يمكن للتجارة، فى سياق ما بعد الجائحة، أن تعود إلى دورها كمحرك رئيسى للنمو الاقتصادى العالمى إلا من خلال عمل منظمة التجارة العالمية مرة أخرى.
***
شهدت السنوات الأربع الماضية تدهورا كبيرا فى العلاقات التجارية الثنائية للولايات المتحدة ودول أوروبا، حتى لو ظلت أحجام المعاملات كبيرة. حيث استهدفت إدارة ترامب صادرات الصلب والألومنيوم الأوروبية إلى الولايات المتحدة بحجة مخاوف تتعلق بالأمن القومى. وهددت، باستمرار، بفرض رسوم جمركية عالية على واردات السيارات الأوروبية وقطع غيارها. ولم تفعل شيئًا لحل النزاعات التجارية طويلة الأمد حول قضايا مثل إعانات الطائرات، وخصوصية البيانات، وفرض ضرائب على شركات تزويد خدمات الإنترنت، أو قضية معايير الصحة والصحة النباتية.
من هنا ومن أجل إعادة ضبط العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسى ولأن يكون الاتحاد الأوروبى شريكًا مهمًا للولايات المتحدة قدر الإمكان فى أى مواجهة اقتصادية مع الصين، سيتعين على إدارة بايدن الانخراط بشكل بناء فى العديد من هذه النزاعات. فيجب إزالة التعريفات المفروضة على الصلب والألومنيوم. كما أن فرض الاتحاد الأوروبى مؤخرًا لرسوم جمركية انتقامية أقرتها منظمة التجارة العالمية بقيمة 4 مليارات دولار على الإعانات الأمريكية لشركة بوينج هو تذكير بأن الوقت قد حان لإصلاح المخاوف المتبادلة بشأن دعم الطائرات. سيتعين على بايدن أيضًا إنهاء مماطلة إدارة ترامب فى عملية إصلاح ضريبة الشركات العالمية لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والتأكد من أن مشاركة الشركات الأمريكية ليست اختيارية. إن لم يحدث ذلك، سوف تنتشر ضرائب الخدمات الرقمية الوطنية فى الاتحاد الأوروبى (وأماكن أخرى حول العالم) بسرعة، مما يؤدى إلى تسميم العلاقة التجارية عبر الأطلسى.
سيكون التحدى الأساسى للسياسة الخارجية والاقتصادية لبايدن هو إدارة العلاقة الأمريكية مع الصين الاستبدادية. لقد أوضح أنه سيستخدم الديمقراطية كمبدأ منظم للدفاع ضد الاستبداد والفساد المتزايد وكذلك لتعزيز حقوق الإنسان. الاتحاد الأوروبي ــ ربما باستثناء مجموعة من الأعضاء مثل المجر وبولندا ــ سيكون حليفًا طبيعيًا فى هذا؛ حيث توضح قرارات الحكومة الأوروبية الأخيرة الخاصة بتقييد شركة هواوى أو استبعادها من شبكات الجيل الخامس 5G كيف أن التقييمات السياسية الأوروبية للصين تقترب أكثر من تقييم الولايات المتحدة. إذن لا يوجد سبب وجيه لعدم قيام الاتحاد الأوروبى بشكل عام، بدعم الولايات المتحدة فى المواجهات الاقتصادية مع الصين، بما فى ذلك قضايا مثل الصادرات التكنولوجية الحساسة، والمطالبة بفرض قيود على الدعم الحكومى الصينى، والظروف فى هونج كونج أو شينجيانغ (أو تايوان).
***
كانت خصوصية البيانات ونماذج الأعمال لأكبر شركات التكنولوجيا فى العالم مصدرًا متكررًا للتوتر بين الولايات المتحدة والجانب الأوروبى، سواء فيما يتعلق بالنقل القانونى للبيانات الخاصة بالأوروبيين إلى الوكالات الموجودة فى الولايات المتحدة أو حملة سياسة المنافسة التى أطلقتها المفوضية الأوروبية فى منتصف 2010. وبعد تنفيذ قوانين خصوصية البيانات، التى تشبه إلى حد بعيد قواعد الاتحاد الأوروبى، فى كاليفورنيا والولايات الأمريكية الأخرى، يبدو التشريع الفيدرالى الجديد سيجعل الولايات المتحدة أقرب إلى معايير الاتحاد الأوروبى. وفى حين أن وصول هيئة الاستخبارات الأمريكية إلى البيانات الشخصية للأوروبيين سيظل مثيرًا للجدل إلى حد كبير، فإن تشريعات خصوصية البيانات الفيدرالية الجديدة يمكن أن تكون بمثابة أساس أكثر صلابة يمكن من خلاله إنشاء مسارات جديدة متفق عليها بشكل مشترك للتجارة عبر المحيط الأطلسى القائمة على البيانات.
إذا كان الأمر كذلك، ينبغى على الاتحاد الأوروبى أن يتعامل مع هذه العملية بشكل بناء. وينطبق الشيء نفسه على تحقيقات مكافحة الاحتكار على المستوى الفيدرالى ومستوى الولايات لممارسات أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية، والتى قد تكون فى النهاية أكثر نجاحًا من إجراءات الاتحاد الأوروبى حتى الآن.
من المرجح أن تؤدى بداية رئاسة بايدن إلى انتعاش قوى فى الرأى العام الأوروبى المؤيد للولايات المتحدة، لأسباب ليس أقلها أنه تعهد بإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ والتحرك بقوة لزيادة خفض انبعاثات الكربون الأمريكية. ومع ذلك، فإن الافتقار المحتمل لأغلبية ديمقراطية فى مجلس الشيوخ يهدد بإحباط تطلعاته المناخية. وإذا تحرك الاتحاد الأوروبى بقوة لخفض انبعاثاته ولم تتخذ الولايات المتحدة تدابير مماثلة، فإن ضرائب حدود الكربون على الصادرات الأمريكية إلى أوروبا ستصبح حتمية فى غضون سنوات قليلة. وسيكون من المستحيل على قادة الاتحاد الأوروبى منح بايدن أى استثناءات مادية.
فى النهاية، يعنى فوز جو بايدن أن أوروبا والعالم قد تجنبوا سيناريو كابوسيا، ويجعل العودة إلى علاقة بناءة مع أوروبا ممكنة. ومع ذلك، فإن العالم مختلف عما كان عليه قبل أربع سنوات، ويجب أن تشهد العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عطاءات جديدة للعمل كما كان الحال فى الماضى. نأمل أن يدرك بايدن وقادة الاتحاد الأوروبى الفرص المتاحة أمامهم.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/2KZ5Lzg

التعليقات