فى مصر.. لا تزال أمام البرادعى أسئلة مهمة ليجيب عنها - إليزابيت إسكندر و ميناس منير - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:19 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مصر.. لا تزال أمام البرادعى أسئلة مهمة ليجيب عنها

نشر فى : الإثنين 7 يونيو 2010 - 9:57 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 يونيو 2010 - 9:57 ص

 فى مقال إليزابيث إسكندر وميناس منير فى مجلة السياسة العالمية (World Politics review) أن البرادعى استطاع منذ عودته إلى مصر ودخوله دائرة الضوء السياسى الحصول على دعم الكثير من الكتل السياسية، إلى جانب الشعب المصرى الذى راهن على المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية باعتباره بطلا.

غير أن حماس الكثير من المصريين، خاصة الشباب والمهمشين، فى الانضمام إلى حملة البرادعى يرجع بدرجة كبيرة إلى الإحباط والرغبة فى التغيير السياسى والاجتماعى، أكثر من كونه راجعا إلى تأييد البرادعى فى حد ذاته.

فى حقيقة الأمر، تقوم الإستراتيجية التى اتبعها البرادعى حتى الآن على إعطاء كل طرف ما يريد، بغرض إرضاء ألوان الطيف السياسى على اختلافها. ويضم التحالف غير المألوف الذى أسسه البرادعى تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير كلا من الأحزاب اليسارية والإخوان المسلمين.

ويرجع نجاح البرادعى فى الجمع بين هذه العناصر فى جزء منه إلى رفضه وضع أجندة سياسية، ومن ثم يمنع أى محاولة لتحديد لونه السياسى الحقيقى. ويستطرد الكاتبان بالقول إنه من المقرر أن يزور البرادعى لندن يوم 11 يونيو بهدف الترويج لحملته بين المصريين المقيمين فى الخارج.

وبالرغم من أن الكثيرين فى مصر قد يشعرون بالرضا تجاه أى بارقة أمل، فإن الحصول على تأييد المقيمين فى الخارج سوف يكون أكثر صعوبة.

وإذا كان للبرادعى أن يحظى بثقة وتأييد هؤلاء، وإذا كان له أن يقدم نفسه باعتباره شخصية سياسية ذات رؤية محددة ومستدامة، عليه أن يضع رؤيته استنادا إلى الأسئلة الرئيسية التالية:
أولا: كيف ستبدو مصر فى ظل رئاسة البرادعى؟ ذلك أن الشركاء فى تحالف البرادعى يتبنون سياسات متعارضة، فيما يتعلق بواحدة من القضايا الحاسمة التى تخص مصر، وهى تعريف وتطبيق حقوق المواطنة المتساوية. ومنذ مارس 2007، عندما جرى إقرار التعديلات الدستورية فى محاولة لتكريس مبدأ المواطنة فى الثقافة السياسية والقانونية المصرية، أصبحت تلك القضية من القضايا الرائجة والأساسية فى الوقت نفسه.

لكن النقطة العالقة هى كيفية تحقيق المساواة بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات، كما هو مدرج فى المادة الأولى من الدستور، فى الوقت نفسه الذى تُعتبر فيه الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، بحسب المادة الثانية من الدستور. ويرى الكثير من المثقفين والعلمانيين المصريين فى المادة الثانية من الدستور عائقا أمام تطبيق نموذج الدولة المدنية بمعناها المكتمل، والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون.

وعلى العكس من ذلك، يفهم الإخوان المسلمون المواطنة وفقا للإعلان الصادر عنهم بمناسبة انتخابات مجلس الشورى التى أجريت فى الأول من الشهر الجارى باعتبارها تعنى تمتع المسلمين وغير المسلمين بحقوق مدنية متساوية، لكن فى حدود أحكام الشريعة الإسلامية.

يقدم البرادعى نفسه كمرشح علمانى يؤمن بالإصلاحات الديمقراطية للنظام السياسى المصرى، وبالفصل بين الدين والدولة. لكنه فى ظل علاقات البرادعى بالإخوان المسلمين، فإنه سوف يواجه تعقيدات عند حدوث أى مناقشة حول تعديل المادة الثانية من الدستور. وفى المقابل، إذا كان راغبا فى التضحية بمبدأ فصل الدين عن الدولة، فهل باستطاعته الاستمرار فى تقديم نفسه كمؤيد للدولة المدنية فى مصر؟

ثانيا: كيف سيكون موقفه فيما يخص السياسة الخارجية؟ ليس من الواضح كيف سيتعامل البرادعى مع الطموحات الإيرانية فى الشرق الأوسط، على سبيل المثال، خاصة فيما يتعلق بوكلاء طهران فى المنطقة، والمتعاطفين معها فى مصر، ومن بين هؤلاء الإخوان المسلمين. ويعتبر هذا الأمر حاسما إذا ما أخذنا فى الاعتبار اكتشاف خلية حزب الله فى سيناء فى أبريل 2009 والدور الذى قام به محامو الإخوان المسلمين فى الدفاع عن المتهمين بالانتماء إلى هذه الخلية.

علاوة على ذلك، كيف سيوفق البرادعى بين توجهات السياسة الخارجية التى تتبناها الأطراف المشاركة فى التحالف؟ يعرب الإعلان الصادر عن الحزب الناصرى بمناسبة انتخابات مجلس الشورى عن نية الحزب إجراء استفتاء حول اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل.

وبالمثل، يؤكد الإعلان الصادر عن الإخوان المسلمين بوضوح أنهم إذا حصلوا على الأغلبية، فسوف يسعون إلى مراجعة الاتفاقات الدولية التى عقدتها مصر، وأنهم سوف يطرحون اتفاقية كامب ديفيد للاستفتاء العام، فى محاولة إلى قطع العلاقات مع «العدو الصهيونى». فهل سيخاطر البرادعى بعلاقات مصر الدولية عامة، ويقطع جميع الصلات واتفاقات السلام بين مصر وإسرائيل خاصة؟

أخيرا: انتقد بعض المراقبين المصريين البرادعى لأنه حاول اختصار الطريق نحو قمة الهرم السياسى فى مصر، عبر استهداف الرئاسة مباشرة. فقد دخل المعركة السياسية مستهدفا المنصب الأعلى، دون أن يؤسس فى البداية حزبا سياسيّا أو برنامجا من أجل إرساء وتقوية قاعدة سياسية ناضجة وصلبة. وعندما يتجاوز البرادعى الخطوات المتعلقة ببناء حزب وإيضاح كيفية تطبيق أجندته عمليّا، فإنه يجعل حركته عاجزة عن إثبات قدرتها على قيادة وتجديد الحياة السياسية المصرية فى الأجل الطويل.

بالإضافة إلى ذلك، أثبت الشارع المصرى فى الماضى أنه يتشكك فى إمكانية مواصلة الثقة فى الشخصيات السياسية، بمجرد إخفاقها فى السباق الانتخابى. وفى الوقت الراهن، لا تتوافر لدى البرادعى حتى القدرة على التغلب على الشروط الواردة فى الدستور التى تقيد الحق فى الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى 2011 . لكنه إذا خاض المنافسة وخسر الانتخابات، وهو أمر مرجح للغاية فى ظل الظروف الراهنة، فإنه قد يعرض مستقبله السياسى للخطر. فماذا عن جمعيته السياسية للتغيير إذَن؟

و يختم الكاتبان مقالهما بالقول إن هذه الأسئلة تحتاج إلى إيضاح، لأن إحداث تغيير حقيقى فى مصر يتطلب شفافية وإستراتيجية سياسية طويلة الأجل. وطرح البرادعى لإستراتيجية واضحة هو السبيل الوحيد لتمكين الشعب من إصدار حكم صادق حول ما إذا كان لديه برنامج مستدام للإصلاح، برنامج يكون أقدر على الصمود من شخص البرادعى نفسه، بغرض المشاركة فى إجراء تغيير طويل الأمد. ولا شك فى أن تأخر البرادعى بتقديمه هذه الأجندة سوف يؤدى إلى فقدان الجمعية الوطنية للتغيير قوتها الدافعة، ويدل على أن دعاواه إلى الإصلاح تفتقر إلى المضمون.

مجلة السياسة العالمية
 World Politics Review

إليزابيت إسكندر و ميناس منير إليزابيت إسكندر محللة فى شئون الشرق الأوسط ميناس منير صحفى ومترجم وكاتب فى القاهرة
التعليقات