عصافير - داليا شمس - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عصافير

نشر فى : الأحد 11 مايو 2014 - 7:45 ص | آخر تحديث : الأحد 11 مايو 2014 - 7:45 ص

فرد جناحاته وطار.. هكذا تقول الحكاية. ومن عالم الطفولة أيضا يأتينا صدى جملة «العصفورة قالت لى». لكن عندما نكبر ندرك المسافة بين الفكرتين: التحليق بحرية والولع بحلم قد يصل بنا أبعد من الشمس، والوشاية لتحقيق هدف أو مصلحة أو للظهور بصورة الشخص العليم ببواطن الأمور.

البنت الصغيرة نفسها التى كانت تقف فى شرفة منزلهم تتحدث إلى العصافير ببراءة شديدة لكى يقوموا بإبلاغ رسائلها للمسافرين بعيدا، هى نفسها التى تستمع فى مرحلة المراهقة لأغنية فيروز «جايب لى سلام عصفور الجناين، جايب لى سلام من عند الحبايب»، وهى نفسها التى قد يطلب منها يوما أن تكون «عصفورة» تبلغ ما ترى وتسمع لمن هم أعلى منها مكانة ونفوذا، ضمن عصافير كثيرة تنتشر فى أرجاء البلاد، وفقا لطبيعة المرحلة ونهج الإدارة.. وفى كل الأحوال هناك اعتماد على قدرة الطيور على أن تسمع الأصوات شديدة انخفاض الذبذبة، وإمكانية استخدام هذه الخاصية للاتصال والتواصل.

•••

فكرة العصفور الحر الطليق داعبت خيال الكثيرين، فهو يقطع مسافات طويلة.. وتشق أسرابه السماء يمينا وشمالا، شرقا وغربا.. تعبر بعض الأنواع البحار والمحيطات، تسيطر على المجال الجوى.. لذا صار العصفور رمزا للحرية ومرسالا للغرام، لكن فى عصور الانحطاط يظهر ويبرع ويسطع العصفور كاتب التقارير.. يبعث بها للسلطات بدعوى حماية الأمن العام وخدمة الوطن، أو فى بلد كفلسطين قد تتصل «العصافير» بقوات الاحتلال لكى يرشدوا عن أماكن اختباء الأصدقاء المطلوبين وذويهم.. والطيور دوما على أشكالها تقع.

يتحول العصفور إلى عبدداخل قفص قضبانه وهمية.. حبيس، رغم الامتيازات التى حصل عليها مقابل الوشاية.. يكتب ويكتب ويكتب.. يبلغ الأسرار والسلامات والتحيات واللفتات والهمسات والآراء.. يشعر بالزهو لإنجازات المرحلة، يصعد إلى أعلى الدرج، ثم يهوى.. وربما أثناء السقوط يلتقطه آخرون ليعمل لحسابهم ويتحول إلى مرتزقة، يحترف السقوط ثم القفز إلى أعلى.. وتدور به الدائرة.. والبعض يظنه عصفورا مغردا داخل القفص، وجد من يطعمه ويروى عطشه، ولا يعرفون أو لا يذكرون أو يتناسون تاريخ وملابسات دخول العصفور للقفص.

•••

غريب أمر الرحلات الطويلة التى تقوم بها هذه الطيور النحيلة، ومن فرط اندهاشنا بنجاح العصافير فى تحقيق الأهداف وقطع المسافات ننسى أن هناك عصافير أشرار، تماما كما فى القصص الخيالية التى تنطق بلسان الحيوانات، وأن فى أزمنة بعينها تعمل هذه العصافير ضد الحرية التى من المفروض أن يكونوا رمزا لها.. و«يفرفط الزمان ريشات» عصافير أخرى هربت من القفص، فى بلاد عندما نهدهد الأطفال ليناموا نغنى لهم «نام يا حبيبى نام وأدبح لك جوزين حمام».. تساءلت دوما: لماذا يريدون ذبح الحمام؟، واكتشفت مؤخرا أن التساؤل نفسه ورد على بال طفلة أخرى من سوريا، صارت الآن مغنية وهى لينا شاماميان، ذات الأصول الأرمينية. فى حفلتها الأخيرة بالقاهرة غنت «ياللا تنام» بعد أن بدلت كلماتها لتصبح تكملتها «ما راح أدبح ولا طير حمام، خليه يطير، خليه يعلى، يآخد منى لأرض السلام».. على الأقل حاولت تغيير واقع لا يعجبها، بدلا من القبول بالنوم على أنغام الطير المذبوح. ربما علينا نحن أيضا أن نتحرك قبل أن ينقلب «عصفور الوشاية» إلى حدأة تخطف اللقمة من أمامك، وتتكاثر السلالة. جربنا ذلك من قبل

التعليقات