خسارة للبلاد - ديفيد س. برودر - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خسارة للبلاد

نشر فى : الجمعة 13 مارس 2009 - 7:09 م | آخر تحديث : الجمعة 13 مارس 2009 - 7:09 م

 تلقت إدارة أوباما للتو هزيمة مربكة على يد جماعات الضغط التى تعهد الرئيس بتحجيمها، وأصدقائهم فى كابيتول هيل واشنطن. فقد فقدت البلاد موظفا عموميا كفؤا فى منطقة يجهل الرئيس أوباما الكثير عنها، أى المخابرات القومية.

فقد انسحب، ليلة الاثنين، تشارلز فريمان، الذى كان مرشحا لرئاسة مجلس الاستخبارات القومية، المجموعة العليا للتنسيق بين أجهزة الاستخبارات التى تعد التقييمات عن مواضيع شتى للرئيس وغيره من كبار المسئولين بصورة مفاجئة.

إننى أعرف أن القرار اتخذ فجأة، لأننى تناولت الإفطار معه صبيحة ذلك اليوم. كان يعتقد فى وقت ما أنه قادر على الصمود فى وجه العاصفة التى سببتها تعليقاته على سياسة أمريكا تجاه الصين والشرق الأوسط وعداوة جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل وحقوق الإنسان فى التبت. وقال لى فريمان «أعتقد أن هدفهم ليس إيقافى وإنما منع الآخرين من الكلام والتعبير عن رؤاهم بحرية، وضمان أن تشارك لجنة الشئون الخارجية الأمريكية الإسرائيلية فى عملية التدقيق فى مرشحى المستقبل».

لكن بعد زيارة أخرى لأعضاء من الكونجرس، ذهب ترشيح فريمان.

كانت نهاية مذلة لواحدة من أبرز مناصب الحكومة الأمريكية على المستوى الدولى. وكشاب يجيد الماندرينية (اللغة الرئيسية فى شمال الصين)، عمل فريمان مترجما للرئيس ريتشارد نيكسون خلال زيارته الأولى للصين. وبعد ذلك، شغل فريمان عددا من الوظائف الدبلوماسية فى أفريقيا وآسيا، فعمل مساعدا لوزير الدفاع لتوسيع حلف الناتو، وبعد إضافة العربية إلى ذخيرته من اللغات الأوروبية، أرسل إلى المملكة العربية السعودية سفيرا، فيما قبل اندلاع حرب الخليج الأولى مباشرة.

وقال لى دنيس بلير، المدير التنفيذى المعتزل للاستخبارات القومية الذى عين فريمان، قبل انسحابه بليلة، «سنكون محظوظين، فى ظل التحديات التى نواجهها فى آسيا والشرق الأوسط، لو اقتنع بالعودة إلى العمل فى الحكومة».

ولم يهتم واضعو القوانين معظمهم من الجمهوريين والبعض منهم من كبار الديمقراطيين الذين انضموا إلى جماعات الضغط من أجل إزاحته لهذا كثيرا. وأغرقوا المدونات وأمدوا الصحفيين باستشهادات فريمان والكثير منها مذهل للغاية. وقد أشار ذات مرة إلى الصدام بين المتظاهرين من أجل التبت والحراس الصينيين بوصفه «اضطرابات عرقية» وتحدث عن جهود إسرائيل «لخنق العملية الديمقراطية الفلسطينية فى مهدها». إن الرطانة ملتهبة، لكن فريمان شخص كتوم، ومفكر، وبالغ الذكاء. وتكمن قوته الجبارة، كما يقول بلير، فى قدرته على التفكير فى الأوضاع من منظور الأطراف الأخرى ومن زوايا مختلفة. وقال لى فريمان لو أن نظام استخباراتنا فعل هذا لقوبلنا بالترحاب كمحررين فى العراق.

وهذا المجلس الذى كان سيرأسه لا يعد من جهات صناعة السياسة فى الولايات المتحدة، بل هو المكان الذى يجمع ويعرض ويختبر أفضل العقول فى وكالات التجسس القومية الست عشرة. قال فريمان «كان آخر ما أفكر فيه هو فرض أى رأى عليهم».

ولو لم تنتصر جماعات الضغط، لطلب من محللى الاستخبارات معرفة الأسباب والدوافع التى جعلت الصينيين يثيرون حادثا بحريا بعيدا عن سواحلهم واستخلاص الدروس المستمدة من ردود الفعل المختلطة من جانب الأمم والدول الأخرى.

وقال إنه، بمرور الوقت، كان سيطلب من المحللين أن يتذكروا أن «ليس المهم أن تكون المعلومات بالغة السرية، وإنما يجب أن تكون لها مصداقيتها، حتى لو كانت على صدر الصفحات الأولى لأكبر الصحف وأكثرها انتشارا». كان بإمكانه القضاء على العزلة المفروضة على عالم الاستخبارات بتوصية رجالها بلقاء الخبراء من الخارج، الذين قد «يفوق» نفاذ بصيرتهم «إنجازاتهم الأمنية». وكان سيجعلهم يتساهلون حتى فى قضايا «محلية» مثل: إذا كنا نحتل الترتيب الثامن والثلاثين على مستوى العالم فى مجال الصحة وكفاءة نظام التأمين الصحى، فما الذى نتعلمه من الدول السبع والثلاثين الأخرى؟».

وقد ذهب كل هذا الآن لأن «آراء» فريمان، على حد قول نانسى بيلوسى لدنيس بلير، «غير مقبولة».
وقال بلير إن البيت الأبيض أبلغه إنه إذا كان يريد تعيين تشارلز فريمان، فعليه أن يتولى الدفاع عن نفسه. وعندما سألت البيت الأبيض يوم الثلاثاء إن كان أوباما يدعم فريمان، أبلغنى متحدث باسم مجلس الأمن القومى بأنه سيتحقق من الأمر، لكنى لم أتلق جوابا حتى الآن. واختفى فريمان، ولم يعترض أوباما.

ديفيد س. برودر كاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
التعليقات