فن التعليم.. الطالب - محمد زهران - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فن التعليم.. الطالب

نشر فى : الأحد 13 نوفمبر 2016 - 1:20 ص | آخر تحديث : الأحد 13 نوفمبر 2016 - 1:20 ص

ربما كان من الأحرى بنا أن نسمى هذا المقال فن التَعَلُم لأن الحصول المعلومة شيء وإدماجها في ماتعرفه من معلومات ثم استخدامها شيء آخر أقرب إلى الفن وإن كانت له خطوات علمها لنا أساتذة التربية وعلم النفس.

 


لنبدأ بالحالة المثالية جدًا: من هو طالب العلم المثالى؟ إنه طالب يدرس مواد دراسية تلائم العصر ويشرح له مدرسوه أهمية كل مادة ويسمح للطالب بمناقشة مدرسيه بل ومخالفتهم في بعض الآراء أو طرق حل بعض المسائل ولا بدّ أن يناقشوه مناقشة الند للند فبهذا تنضج شخصيته، من أسرع الأشياء التي تجعلك تخسر صداقة وثقة صغار السن أن تعاملهم معاملة صغار السن!

 


بالإضافة إلى ذلك يكون للطالب بعض الأنشطة خارج الإطار المدرسي لتنمية التفكير النقدى والتعمق في بعض المواد التي تروق له، في هذه المرحلة تتكشف مواهب الطالب ويكتشف هو ميوله العلمية أو الأدبية أو الفنية ويكون بذلك مهيأً للدخول إلى معترك الحياة الجامعية.

 


لنعد الآن إلى الواقع: ماهو حال الطالب في المدارس؟ أولًا هو مثقل بالكثير من المواد التي لا يعرف أهميتها ومفروضة عليه، الإمتحانات هي أهم شيء وتقيس مدى "تحصيل" الطالب وليس مدى فهمه لأنه محكوم بكتاب وزارة التعليم، لا يسمح له بمناقشات مطولة (إن سمح له بالمناقشة أصلًا) إما لعدم إلمام المدرس بالمادة بالعمق الكافى فيخاف أن يسأله الطالب سؤال من خارج الكتاب فلا يعرف الرد وبذلك يصير مصدرًا لسخرية الطلاب أو لعدم وجود وقت للنقاش لأن المنهج كبير والعام الدراسى ليس طويلًا أو لكثرة عدد الطلاب في الفصل بما لا يسمح بمناقشات مجدية ناهيك طبعًا عن عدم وجود وقت أو إمكانيات أو رغبة في أية أنشطة إضافية. للأسف!

 


فما هو الحل لكى نحاول أن نقترب ولو قليلًا من الوضع المثالى ونبتعد ولو بخطوات عن الواقع الحالي؟

 


مقالنا اليوم عن الطالب فسنركز على ما يجب أن يفعله الطالب. فحديثى الآن موجة للطلاب، أولًا يجب أن نعترف أن الحصول على الشهادة مهم لأننا في "عالم شهادات" وبدون الشهادة لن تدخل الجامعة وبدون درجة جامعية لن تستطع أن تكمل دراساتك العليا سواء في الداخل أو الخارج (إن كنت تريد أن تكمل طريقك العلمي) أو لن تستطع أن تجد عملًا مجزيًا يناسب تطلعاتك، إذا فدراسة المناهج الدراسية المفروضة عليك مهم من الناحية العملية، كيف تستفيد منه أكبر استفادة؟ أولًا حاول أن تعرفة فائدة كل مادة تدرسها وعلاقة كل مادة بالمواد الأخرى حتى وإن كانت بعض المواد أدبية والبعض الآخر علمي فلكل منها أهميتها في بناء شخصيتك وفي بناء نظرتك للعالم حولك، فدراسة حقبة تاريخية معينة يكون أكثر وضوحًا إذا درست بعض أشعار تلك الحقبة والكثير من الأحداث التاريخية تفسرها خريطة جغرافية فالتوابل (البهارات) كانت بترول العالم القديم وحيث أنها لا تنموا في أوروبا لأنها تحتاج طقس حار فقد بدأت الحملات الاستكشافية والمنافسة بين دول أوروبا (خاصة إسبانيا والبرتغال) للمناطق حول خط الاستواء ومن هنا نعرف كيف بدأت الحملات الاستعمارية، ودراسة العلوم ترينا أهمية البترول في العصر الحالي وتوضح أن الحرب العالمية الأولى هي حرب الكيميائيين والحرب العالمية الثانية هي حرب الفيزيائيين. وهكذا فكل مادة دراسية تنظر للعالم من زاوية مختلفة. وليس من الحكمة أن تقول أنك تريد أن تتجه للدراسات العلمية لذلك لا تهتم بالدراسات الأدبية لأنك إذا تفحصت حياة كل الحاصلين على نوبل في الفروع العلمية ستجد لديهم إهتمامات أدبية وفنية لأن كل منها تنشط منطقة مختلفة من المخ، لن تجد عالمًا كبيرًا متخصصًا في نقطة صغيرة جدًا لأن الأفكار الكبيرة والمثيرة في الكثير من العلوم تأتى من تلاقى تخصصين أو أكثر (interdisciplinary research) وإذا تأملت الفرق البحثية في القرن الواحد والعشرين ستجد في الفريق الواحد علماء من تخصصات مختلفة لأن العلم كتلة واحد وليس جزر متفرقة.

 


إذا عرفت أهمية كل مادة وعلاقتها بالمواد الأخرى ستحب الدراسة أكثر ولكن قد لا يجيبك مدرسوك إن سألتهم عن ذلك لأسباب مختلفة كما أسلفنا فما الحل؟ الجيل الحالي من الطلاب محظوظ للغاية بوجود الإنترنت! يمكنك استخدام محركات البحث لتجد الإجابات عن أسئلتك ويمكنك دراسة مادة شبية على الإنترنت في أوقات فراغك (من مواقع مثل edx، coursera، Udacity، Khan Academy، …) فتتعلم على يد أفضل مدرسين العالم ويمكنك إنشاء مجموعة دراسية على الفيسبوك مثلًا من زملائك والطلاب الآخرين في جميع أرجاء البلاد لتتناقشوا في الأسئلة المهمة. العلم موجود وينتظر من يناديه!

 


طريقة أخرى تساعدك على تعميق فهمك للمواد وبيان نقاط الضعف عندك هي أن تشرحها للآخرين، وإن لم تجد من تشرحها له فإشرحها لنفسك كتابة. وإن استعصت عليك نقطة معينة لم تستطع شرحها بشكل مبسط فإعلم أنك لم تفهمها جيدًا.

 


وحاول دائمًا أن تربط أية معلومة جديدة بما تعرفه فعلًا فكأنك تبنى بناء كبيرة وكل معلومة هي لبنة في هذا البناء. وهذه أصعب نقطة (بناء خريطتك المعرفية) وتحتاج تدريب وقد نتحدث عنها مرة أخرى في المستقبل.
التعلم فن!

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات