عاصفة ريجينى الأوروبية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عاصفة ريجينى الأوروبية

نشر فى : الإثنين 14 مارس 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 14 مارس 2016 - 10:35 م
عقب ثورة 30 يونيو، تلبدت سماوات العلاقة بين مصر والدول الأوروبية ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية بالغيوم، بعد أن ظنوا أن السيناريو الإخوانى، الذى تصوروا أنه سيحقق مكاسب كبيرة لهم، قد بات طوع البنان، وعندما سار الركب، وأصبحت جماعة الإخوان خارج المعادلة، فتشت كل عاصمة عما يحفظ مصالحها مع القاهرة، ورأينا مع الأيام كيف انقشع الضباب، وعادت العلاقات مع العواصم الأكثر تأثيرا، لا نقول إلى سابق عهدها، لكن على الأقل بما يطوى صفحة غير مريحة.

اليوم، ورغم أن العلاقات الرسمية مع غالبية الدول الأوروبية تمضى بشكل معقول، إلا أنها على الصعيد الشعبى ربما ليست كذلك، وباستثناء بريطانيا المتهمة بإيواء الإخوان، وانحياز صحافتها وإعلامها للجماعة، فإن الشارع السياسى فى العواصم الأوروبية لم يكن على هذا النحو المقلق من الغضب تجاه القاهرة، ولعل قرار البرلمان الأوروبى الأخير حول وضع حقوق الإنسان فى مصر واثارته لقضية مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى، مؤشرا على وعورة الطريق التى وصلنا إليها.

دعونا نسلم أن للغرب مصالح كثيرة فى المنطقة وقد يلجأ أحيانا إلى اسلوب الضغط والابتزاز لتحقيق تلك المصالح، لكن لا يجوز استحضار نظرية المؤامرة عند كل أزمة، وتصوير الأمر على أنه استهداف، وسعى لإسقاط الدولة، والأفضل أن نقف بصدق مع أنفسنا ونحدد اخطاءنا، بدلا من دفن الرءوس فى الرمال، أو النظر إلى الأمور بعين واحدة، فعندما يشير الفيلسوف إلى القمر، لا نقول مثل الأحمق: «هذا أصبع».

جميل أن يجتمع البرلمان المصرى فى يوم عطلة للرد على عاصفة «افتراءات» نظيره الأوروبى، بشأن «وضع حقوق الإنسان وعمليات الاختفاء القسرى والتعذيب فى السجون وأقسام الشرطة»، التى نتهم عادة منظمات حقوقية بالسعى لإثارتها، وطبيعى أن تصدر الخارجية المصرية بيانا يعتبر توصية البرلمان الأوروبى بحظر تصدير أسلحة القمع إلى مصر «بأنها «غير منصفة»، لكن ذلك لا يعطى البعض حق الذهاب بعيدا عن العقل والمنطق، فيتهم أعضاء البرلمان الأوروبى بتقاضى الرشوة تارة، أو بسيطرة الإخوان عليهم تارة أخرى.

صوت 588 عضوا فى البرلمان الأوروبى لصالح قرار ربما يكون فى بعض جوانبه متحاملا على مصر، ويمثل تلويثا لسمعتها فى ظل اضطرابات فى الإقليم، وتحديات خطيرة، نحن فى غنى عن المزيد منها، فهل كل هؤلاء واقعون تحت تأثير الجزرة الإخوانية؟!، وهل تحول الإخوان إلى هذا الأخطبوط المرعب الذى دفع بصحيفة قومية، عرفت برزانتها على مدى سنوات عمرها الذى تتجاوز المئة إلى أن تضع عنوانا عريضا يقول «البرلمان الأوروبى وقع فى فخ التنظيم الدولى للإخوان»؟!!

يجب أن نكون أكثر عقلانية، فيتوارى أعضاء حزب «التهييج والتهريج» من المشهد، وأن تدار الأزمة، على الصعيد الإعلامى على الأقل، بطريقة أكثر رشدا، وأن يتصدى للمشكلة أناس يدركون حجمها، فالصراخ فى برامج التوك شو، وصحافة «فرش الملاية» سيوردنا موارد التهلكة، فى وقت نحتاج فيه إلى الجدية لمحاصرة الشرر الذى ينذر باندلاع حرائق، لا يعلم البعض خطورتها.

فى قضية مقتل ريجينى، التى تسببت فى فتور العلاقات مع إيطاليا، نحتاج إلى إيقاع أسرع فى الوصول إلى حقيقة ما جرى، وألا نتجاهل فى الوقت ذاته وجود متربصين يمكن أن يستغلوا الواقعة لتحقيق مآرب أخرى، غير أن العالم ليس شريرا على إطلاقه، كل ما نريده الصدق مع الذات، وكثير من العقل فى مواجهة المشكلات.
التعليقات