تمرد على التقشف - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تمرد على التقشف

نشر فى : الثلاثاء 17 فبراير 2015 - 1:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 فبراير 2015 - 1:10 م

نشر الموقع الإخبارى هفينجتون بوست الأمريكى مقالا لهوارد فاينمان حول الصعود اليسارى الواضح فى أوروبا والمؤثر بشكل كبير على سياسات العالم، متناولا تداعيات ذلك الصعود على سياسات الاتحاد الأوروبى، مسترشدا بنتيجة الانتخابات اليونانية الأخيرة والتى أسفرت عن فوز حزب سيريزا اليسارى. حيث يوضح فاينمان، فى مستهل مقاله، أن مقابل النمو البطىء والدَّين الساحق، ضيق القادة «المتقشفون» فى ديمقراطيات مثل اليونان وإسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة (وحتى وقت ليس ببعيد اليابان) على الرعاية الاجتماعية وخففوا قيود التنظيم عن الأعمال.

لكن مع انتشار البطالة، خاصة بين الشباب، والدلائل المزعجة للركود المتجدد فى بلدان عديدة، بدأ رد فعل سلبى قوى. وقد يتمثل رد الفعل فى اختيار اليونان رئيس وزرائها الجديد وهو ألكسيس تسيبراس اليسارى البالغ من العمر 40 عاما ويتعهد بالتفاوض على 272 مليار دولار من الديون الخارجية بينما يزيد أجور الحكومة وإنفاقها.

ويبين فاينمان أنه فى اليونان، وفى أنحاء أوروبا، وفى أماكن أخرى، يستجيب التقشفيون لأنماط تسيبراس بتحذيرات تنبئ بالسوء الكثير منها مبالغ فيه أو مضحك أو شنيع أو مجرد خطأ محض.

وفى هذا الإطار يعرض فاينمان تقارير محررى هفينجتون بوست فى الولايات المتحدة وفى دول أخرى وهى اليونان، فرنسا، المملكة المتحدة، إسبانيا واليابان:

لا ورق تواليت

عندما اقتربت الانتخابات اليونانية، اقترحت واحدة من بين التقشفيين على أهل بلدها تخزين ورق التواليت. والنظرية هى أن جمع تسيبراس سوف يحول اليونان إلى فنزويلا أخرى، وهى مشهورة بندرة السلع الغذائية وتقنينها، بما فى ذلك ورق التواليت.

ومع ذلك فحتى الآن غالبا ما لن تتحقق أزمات ورق التواليت إلا مع وجود التقشفيين. ويُقال إنهم فرضوا هذا النقص على تلاميذ مدارس قطالونيا على سبيل المثال.

وعندما انتقل تسيبراس إلى مقر إقامته الرسمى وجد أنه حتى مستلزمات الحمام ألغتها الحكومة المنصرفة.

وقال «لقد أخذوا كل شىء. لقد بحث عن صابونة لمدة ساعة.» ولا كلمة عن ورق التواليت.

الشيوعيون قادمون!

منذ سقوط الاتحاد السوفيتى وصعود الصين المجنونة بالأرباح، كان من الصعب على رأسماليى أوروبا (ناهيك عن بقية العالم) جعل الشيوعية تبدو مخيفة. والآن، لدى المتقشفين القوى المعادية للتقشف كى يشيطنوها. فعلى الرغم من تاريخ الشيوعية العميق فى اليونان، لم ينجح الكلام القديم. ربما لأن التقشفيين لم يقرروا ما إذا كانوا سيتهمون أعداءهم بأنهم شيوعيون أكفاء على نحو لا يرحم أو أكاديميون سذج وغير مناسبين. وإذا كان مجلس وزراء تسيبراس يشير إلى شىء فهو يميل نحو الاقتصاديين وأساتذة الجامعة المثاليين.

بوتين قادم!

وهو ما يراه البعض حادثا بالفعل، فقد ذهب الاتحاد السوفيتى. لكن مازال هناك بوتين، والمقترحات الخاصة بأن لديه فرصة للتوسط فى اليونان وفى بلدان أخرى تسعى إلى الهروب من قبضة الديون المرهقة من الاتحاد الأوروبى وغيره من المنظمات الدولية الغربية. لكن روسيا، وخاصة مع هبوط أسعار النفط والغاز، ليست فى وضع تكون فيه مقرضا لليونان أو أى بلد آخر لم يرسل بوتين الدبابات إليه. وحتى الكوبيون تخلوا عن الروس ويحصلون على مساعدات من فنزويلا، وسوف يحصلون عليها من العم سام.

النازيون قادمون!

فى اليونان، عثر حزب تسيبراس على حلفاء، إن لم يكن أصدقاء، بين القوميين المتشددين اليمينيين الذين يكرهون القروض الأجنبية الثقيلة لأسباب قَبَلية أكثر منها اقتصادية. وحدا هذا بالبعض إلى الإشارة إلى أن الحركة المناوئة للتقشف سوف تعيد اليمين المتطرف مرة أخرى إلى السلطة. لكن يتعين عليك أن تكون يمينيا خالصا فى اليونان كى تزدرى فكرة تأجير ميناء بيريه (أى أثينا) للصين، الذى كان فكرة تقشفية لكيفية إنقاذ اليونان.
ومع أن هناك دلائل على إحياء اليمين فى أوروبا، فرسالة اليسار المناوئة للتقشف ليست هى السبب. وفى فرنسا بشكل خاص، هناك الكثير من التفسيرات الأخرى لكون اليمين فى سبيله للظهورـ ولماذا معظم الناخبين فى فرنسا يمقتونهم. وقالت آن سنكلير، المدير التحريرى للهفنجتون بوست، فى باريس «خوفنا بشكل أكبر من اليمين».

العدوى اليونانية تنتشر

لحزب تسيبراس سيريزا نظير إسبانى اسمه بوديموس. وتبين استطلاعات الرأى جاذبية بوديموس المتزايدة. وتشمل الاختبارات المبكرة الانتخابات الإقليمية فى أندلسيا فى 22 مارس تعقبها انتخابات إقليمية على مستوى الدولة فى 26 مارس. لكن فى إسبانيا، يتحد المحافظون والاشتراكيون على السواء فى تأكيد أن «إسبانيا ليست اليونان» كما قال مدير تحرى هفنجتون بوست فى مدريد مونتسيرات دومينجيز.

وليست إسبانيا غارقة فى الديون كاليونان، ومازال الزعماء الإسبان يتوقعون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2 بالمائة هذا العالم. وهو يزعمون أنه سوف يخلق 800 ألف فرصة عمل ويهبط بمعدل البطالة إلى 22 بالمائةـ وهو مازال بائسا، لكن ربما يكفى لمنع اكتساب بوديموس.

وفى إشارة إلى من ابتعد عن منهج التقشف نجد اليابان التى تخلت عن التقشف قبل سنوات، ويبدو أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يريد الآن فعل الشىء نفسه.

لقد انتهى الاتحاد الأوروبى!

الاتحاد الأوروبى الذى يتعرض للضغط بالفعل، هناك إشارات حول تداعيه، وأن اليونان قد تكون السبب القريب. وإحدى النظريات تقول إن اليونان سوف تُطرَد، وهو ما سيحدث أثر الدومينو. ويشير آخرون إلى أن الاتحاد الأوروبى سوف ينتهى به الحال متساهلا، الأمر الذى سوف يحدث نوعا مختلفا من أثر الدومينو بالنتيجة نفسها. لكن هذين السيناريوهين يقللان من شأن خصوصية قادة الاتحاد الأوروبى ومؤسساته وبراعتهم. فهو أكبر كتلة اقتصادية فى العالم الآن، وهى الكتلة التى
أثبتت أنها أكثر قدرة على البقاء والنجاح مما توقعه كثيرون.

ويشير إلى ما لمّح به تسيبراس من ناحية أن جزءا كبيرا مما يريده هو وأعضاء حزبه هو مقعد على طاولة المفاوضات المباشرة، ومن ناحية أخرى إلى الاستثمار فى اليونان، فى مقابل تقديم قروض جديدة لها.

إنها الفوضى، وسوف تضيع الحرية!

فى المملكة المتحدة، قال ديفيد كاميرون، المحافظ، إن حكومة العمال المناوئة للتقشف سوف تؤدى إلى «الفوضى». وهذا الشهر رتب مناسبة تصوير غير مسبوقة مع خمسة من حزب المحافظين حيث اصطفوا ليحذروا من أخطار التخلى عن التقشف، كما يقول مهدى حسن من هفنجتون بوست بالمملكة المتحدة. وقد قدموا نظرة رسمية (لكن ليس) ملفا (رسميا) مليئا بادعاءات بشعة بشأن ما سوف يفعله حزب العمال لنسيج الحياة البريطانية.
تذكرنا هذه التحذيرات بتحذيرات أخرى من توقعات مخيفة مشابهة ظهرت فى مواجهات شبيهة قبل وقت طويل. فعندما كان فرانسوا ميتران يخوض معركة انتخابات الرئاسة على بطاقة يسارية فى فرنسا عام 1981، أشار عضو فى القيادة المحافظة إلى أن انتصار ميتران سوف يأتى بالدبابات الروسية إلى قصر الكونكورد وبحقبة من القمع فى فرنسا. وفاز ميتران، ولم تصل الدبابات قط. ويتذكر سنكلير ذلك قائلا: «لقد ضحكنا على ذلك لسنوات».

وفى العام نفسه، فاز صديق مقرب من ميتران، وهو الاشتراكى أندرياس باباندريون، فى الانتخابات باليونان. وكانت هناك تحذيرات مشابهة بشأن كيفية خسارة الحرب الباردة، لأن اليونان، المحورية باستمرار، سقطت فى أيدى الشرق.

وفى النهاية كان من خسروا الحرب الباردة هم الروس.

التعليقات