شلالات الموصل: ما هو التالى لداعش؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شلالات الموصل: ما هو التالى لداعش؟

نشر فى : الثلاثاء 18 يوليه 2017 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 يوليه 2017 - 8:45 م

نشرت مجلة THE NEW YORKER مقالا للكتابة روبين رايت ــ الباحثة بمؤسسة كارنيجى للسلام ــ حول داعش وتحرير الموصل والفروق الجوهرية بين تنظيم داعش وتنظيم القاعدة.
استهلت الكاتبة المقال بذكرها أن تنظيم الدولة الإسلامية الآن على وشك الهزيمة بعد ثلاث سنوات بالضبط من إعلانه؛ فقد حرر الجيش العراقى الموصل، أكبر مدينة تحت سيطرة داعش، فى حين أن ميليشيا سورية توغلت فى قسم البلدة القديمة فى الرقة، عاصمة الخلافة الزائفة. وكانت الضربات الجوية الأمريكية بتكلفة تزيد على ثلاثة عشر مليون دولار يوميا بالإضافة إلى أن مستشارى الجيش وفرق القوات الخاصة كانت محورية فى كلتا الحملتين اللتين أطلقتا فى أواخر الخريف الماضى، ولكن من المبكر جدا الاحتفال. فمنذ صعود التطرف الجهادى قبل أربعة عقود، يتضح بأنها تتطور باستمرار وذلك بسبب قدرتها على إعادة هيكلة وإحياء الحركات التى تعرضت للهزيمة.
أسامة بن لادن الذى خرج من أفغانستان بشكل مخزٍ، فى عام 1989، بعد أن ساهمت حساباته الخاطئة فى مقتل الآلاف من المقاتلين العرب. تم طرده من السودان وفقد جنسيته السعودية فى التسعينيات، ثم عاد إلى تنفيذ هجمات 2001 على مركز التجارة العالمى والبنتاغون، بيد أنه اضطر للفرار من أفغانستان وتخلى عن مقاتليه فى تورا بورا، للذهاب إلى الاختباء. وبعد عقد من الزمان، قتل فى غارة من قبل الوحدات العسكرية البحرية وتم إلقاء جثته فى البحر.
تضيف الكاتبة أن على صوفان يقول فى كتابه الاستثنائى: «تشريح الإرهاب: من موت بن لادن إلى صعود الدولة الإسلامية فى كل مرة، يبدو أن تنظيم القاعدة محكوم عليه بالفشل يتضح أنه قد تعافى فعلا ويعود أقوى».«اليوم، يقول صوفان، القاعدة أكثر خطورة من أى وقت مضى». «فعلى الرغم من أن القاعدة قد خسرت مؤسسها بوفاته فإن هذا النموذج الجديد قد توسعت عضويته بشكل كبير».
وقد اتبعت داعش نمط مماثل. حيث ذكر صوفان أنها كانت «على وشك الانهيار فى عامى 2007 و 2008، فى أولى عملياتها العسكرية فى العراق، حيث أن قيادتها العليا كانت إما ميتة أو مختبئة أو فى السجن».. غير أن زعيمها الجديد أبو بكر البغدادى، فى غضون سبع سنوات، أعاد تنظيم مجموعته. وبحلول عام 2015، كان قد اجتذب أكثر من ثلاثين ألف مقاتل، من مئة دولة، للقتال من أجل الخلافة الحديثة الأولى. وعلى الرغم من معدل الوفيات المروع فى ساحة المعركةــ ما يقرب من عشرة آلاف مقاتل فى السنة ــ واصل الآلاف الانضمام للتنظيم.
***
بغية مراوغة داعش فى الموصل، أعلن العراق أسبوعا من الاحتفالات، يُذكر أن البغدادى قد هرب منذ فترة طويلة من الموصل وادعى الروس أنهم قتلوه خلال غارة جوية فى سوريا. ومصيره غير واضح، ولكن تجربة داعش فى الحكم ــ على مساحة حجم إنديانا أو من بلد الأردن ــ فشلت بشكل قاطع، من ناحية أخرى زار رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى الموصل فى معرض استعادة السيادة. وفى بيان له هنأ العبادى المقاتلين البطوليين والشعب العراقى على الانتصار العظيم. ومن المقرر أن يجتمع التحالف بقيادة الولايات المتحدة فى واشنطن لمناقشة الاستقرار فى المناطق المحررة فى العراق وسوريا.
على الرغم من هزيمة داعش فى الموصل يحذر صوفان من أن «القوة المتزايدة لعناصر التنظيم»، خاصة فى ليبيا، تشير إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية، مثله مثل تنظيم القاعدة، قد يكون مستعدا للتطور إلى مجموعة متعددة الجنسيات تضم عددا من الامتيازات» فداعش ولدت ثمانية فروع، مع سبعة وثلاثين ولاية، أو«مقاطعات»، من الجزائر إلى القوقاز وأفغانستان إلى اليمن، على الرغم من أن بعض عناصر التنظيم ضعيفة، أو نائمة، أو تم سحقها. لا تزال الظروف التى ولدت فى الأصل الجهادية المسلحة قائمة فى العراق وسوريا، وكثير من أكثر المناطق تقلبا فى العالم.
تناول صوفان فى كتابة موضوع الجهادية المسلحة حيث قام بتتبع القاعدة منذ إعلان بن لادن الاول للحرب على الولايات المتحدة قبل عقدين. وقد جمع الدلائل التى تربط بين هجمات القاعدة الأولى ضد الولايات المتحدة فى عام 1998 عندما أصابت سفارتين امريكيتين فى كينيا وتنزانيا وبين وقوع هجمات 11 سبتمبر، من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام فى كتاب صوفان الثانى «لافتات سوداء» ــ الذى كان من الكتب الأكثر مبيعا وفقا للتايمز ــ هو الخلاف، والاقتحام، وحتى الاقتتال بين الجهاديين أنفسهم. لقد كان هذا المخطط الفرعى لعقود من الزمن أكبر دوافع الانقسام اليوم بين القاعدة وداعش، وهما أعتى الجماعات الإرهابية فى العالم؛ ذلك الانقسام الذى اندلع فى فبراير 2014، بعد أن بدأت داعش الاستيلاء على الأراضى وادعى البغدادى التفوق فى العالم الجهادى؛ وأعرب عن اعتقاده بأن داعش «كيان حاكم حقيقى ومن ثم فهو أكثر من مجرد تنظيم جهادى، يقصد بذلك تنظيم القاعدة». بدأ البغدادى فى تحدى أوامر القاعدة، بما فى ذلك أمر وقف قتل زملائهم المسلمين والتعامل مع امتيازات أخرى. وازداد القتل باسم الخلافة الناشئة.
وفى رسالة نشرت على الانترنت، أعرب أيمن الظواهرى رئيس تنظيم القاعدة عن غضبه الشديد، وندد علنا بأفعال البغدادى وأعلن عدم مسئوليته عن أعمال داعش، وأوضح الظواهرى الذى خلف أسامة بن لادن فى وقت لاحق أنه من الأفضل أن يكون هناك عشرة أتباع مؤمنين بالجهاد حقا عوضا عن «عشرات الآلاف الذين جعلوا الأمة الإسلامية يكرهونهم ويكرهون أفعالهم وسلوكياتهم».
***
الانقسام مهم فى فهم ما قد يحدث بعد انهيار الخلافة. تنظيم القاعدة وداعش لم يتنافسوا ببساطة على السلطة والموقف فى عالم الجهادية؛ فقد اختلفوا بشكل عميق على الاستراتيجية؛ استرشد تنظيم القاعدة بالصبر على طريق إقامة الخلافة. وقد تم تحديد استراتيجيتها بناء على ثلاثة محاور فى مقال بعنوان «إدارة السافاجرى» الذى نشر فى مجلتها «صوت الجهاد». المرحلة الأولى هى إثارة الفوضى واستغلال الفراغات السياسية التى تليها، المرحلة الثانية هى تعبئة الدعم الشعبى للحكم السلفى الأصولى القائم على طرق الحياة والحكم وفقا للأسس التى قام بترسيخها النبى محمد فى القرن السابع. وبالنسبة لتنظيم القاعدة، فإن دولة إسلامية «لا يمكن أن تكون مستدامة أبدا حتى يمكن إقناع أغلبية مواطنيها بأنها الطريقة الصحيحة للحكم». فى المرحلة النهائية فقط يمكن للجماعات الجهادية خلق الخلافة. وقد رفض بن لادن بشكل متكرر الإذن لفروع القاعدة بإعلان إمارة إسلامية أو محاولة الحكم. حتى أنه رأى أن عودة الخلافة قد لا تحدث فى حياته.
بالنسبة لداعش كان المخطط مختلف تماما؛ حيث بدأ التنظيم بالتآمر للاستيلاء على الأراضى ومن ثم إرغام المسلمين قسرا على الانضمام إلى صفوفه هذا عطفا على آلام الموت فالبغدادى «لم يهتم أبدا بفكرة توفيق الآراء مع القاعدة»، كتب صوفان، وفى منتصف عام 2014، استولى مقاتلو داعش على المزيد من الأراضى والتى فاقت مساحتها بكثير مساحة الأراضى التى كانت تحت سيطرة النبى محمد فى بداية وقت تأسيس الإسلام.
وصلت الحركتان، «مع مواقفهما المتنافسة المطلقة إلى طريق مسدود، كان من الواضح بشكل متزايد أن هذا الجهاد لم يكن حقيقيا بما فيه الكفاية لكل منهما، ومع الانقسام بين تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية يرتكز الصراع داخل سلالة الجهاد السلفى نفسه، وهو انقسام ليس حول الهدف النهائى ــ كلا الجانبين يؤمنان بالخلافة المستعادة – ولكن الخلاف حول مدى السرعة للوصول إلى هناك».
كما ذكرت الكتابة أن الجهادية كانت مليئة بالصدامات ليس فقط بين الجماعات ولكن أيضا داخلها ــ حتى داخل القاعدة، حيث كان سيف العدل الذى خطط لهجوم السفارتين الأمريكيتين فى إفريقيا فى عام 1998 من أشد المعارضين لهجمات 11 سبتمبر فى عام 2001، محذرا من أن التداعيات خطيرة جدا. داخل طالبان، أيد البعض بن لادن، لكن آخرين عارضوه؛ اليوم، وقد شهدت داعش الانقسامات ذاتها؛ حيث شملت الوثائق التى تم التقاطها فى غارات على منازل آمنة دمرتها داعش وجود رسائل من بعض أفراد التنظيم تبث الشكاوى وبعضها الآخر يتساءل عن جدوى العمليات العسكرية التى يقوم بها التنظيم.
ختاما تقول الكاتبة إن الفواصل الداخلية ــ الاستراتيجية، والتكتيكية، والسياسية، والشخصية تتحدى مفهوم «صراع الحضارات» لعالم السياسة صامويل هنتنغتون، كما يقول صوفان، ويضيف صوفان: «إن النظرة الأولى للشبكة المعقدة من الصراع الذى يجتاح الشرق الأوسط المعاصر تكفى لاقتراح أن العالم قد عاد إلى قاعدة الصراع داخل الحضارة».«السنة تحارب الشيعة والفرس يحاربون العرب، الأتراك يناضلون مع الأكراد، وعلى مستوى القبائل والطائفية وحتى الحى. وجميع المقاتلين الكبار مسلمون؛ لجميع القوى العسكرية، ويمكن للقوى الخارجية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الروسى أن تؤثر على النتائج بشكل هامشى فى أفضل الأحوال».


النص الأصلي

التعليقات