حديث البنادق! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حديث البنادق!

نشر فى : الجمعة 19 يونيو 2020 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 19 يونيو 2020 - 8:15 م

يستعجل البعض إعلانا مصريا حاسما، عن فشل حقبة التفاوض مع إثيوبيا، التى استمرت نحو عقد من الزمان، بشأن الوصول لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، والانتقال إلى مرحلة الخيار العسكرى، لمنع أديس أبابا من فرض حصار العطش على 100 مليون مصرى.

فجولة المفاوضات الأخيرة، التى شارك فيها وزراء الرى والموارد المائية فى مصر والسودان وإثيوبيا، وبحضور مراقبين دوليين من الولايات المتحدة الأمريكية ومفوضية الاتحاد الأوروبى وجنوب إفريقيا، كانت كاشفة عن مقدار التعنت فى مواقف أديس أبابا، ما أدى إلى فشلها فى حل الخلافات الجوهرية حول هذه القضية المصيرية للشعب المصرى.

ووفقا لبيان وزارة الرى المصرية، الذى صدر فى ختام الاجتماعات الأخيرة التى استمرت على مدى خمس جولات، فقد «رفضت إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولى، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لها تعديلها بشكل منفرد».

وأفاد البيان أن «إثيوبيا اعترضت فى ختام الاجتماعات على اقتراح بأن تتم إحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث كفرصة أخيرة للنظر فى أسباب تعثر المفاوضات والبحث عن حلول للقضايا محل الخلاف، ما أدى إلى إنهاء المفاوضات».

واضح جدا أن إثيوبيا منذ بداية المشروع، لا تريد التوصل إلى اتفاق ملزم يجبرها على مراعاة مصالح الآخرين، وتحاول إضاعة الوقت من أجل فرض السد كأمر واقع على مصر، بصرف النظر عن الأضرار الكارثية التى يمكن أن يلحقها باقتصادها والملايين من مواطنيها.

إزاء هذا الوضع المعقد، يصبح طبيعيا بعد كل هذه السنوات، وقف القاهرة هذا الاستنزاف للوقت والجهد فى مفاوضات لا طائل منها، وأن تنتقل إلى حزمة أخرى من الخيارات القوية، حتى تجبر أديس أبابا على احترام المصالح المصرية والاتفاقات التاريخية الحاكمة لمياه نهر النيل.

أصوات فى مصر، ترى أنه لا داعى للبحث عن خيارات سياسية جديدة، لممارسة الضغوط على إثيوبيا، التى لن تصغى أو ترضخ لها كما حدث فى السابق، خصوصا فى المحادثات التى استضافتها واشنطن قبل فترة، وأنه يجب على القاهرة أن تظهر «العين الحمراء» لأديس أبابا من منطلق «يا روح ما بعدك روح»، طالما كان الموضوع يتعلق بحياة ومصير شعب.

هذا الأمر ينطوى على خطأ بالغ ومخاطر جسيمة، وسيظهر مصر أمام العالم فى صورة الدولة المعتدية، التى تتجاهل السياسة وتلجأ إلى السلاح لحل مشاكلها، وهو ما يخلق حالة من العداء لها فى القارة الإفريقية، الأمر الذى يهدد مصالحها وعلاقاتها الخارجية مع الجميع.

ينبغى أن تكون خطواتنا محسوبة فى هذا الاتجاه، ونسلك كل الطرق الباقية حتى لو كانت نسبة الأمل فيها منخفضة جدا، وعلينا اللجوء إلى بقية الخيارات السياسية، وأهمها طلب تدخل مجلس الأمن الدولى، لوقف الخطوات الأحادية الإثيوبية التى يمكن أن تزعزع الأمن والاستقرار فى القارة الإفريقية، وتنعكس آثارها السلبية على مختلف دول العالم.

يجب أن تستنهض مصر كل قواها السياسية والدبلوماسية، وبمساندة حقيقية من الدول العربية، لخلق أزمة دولية كبيرة، بحيث تضع العالم والمنظمات الدولية أمام مسئولياتها، لإلزام إثيوبيا باحترام حقوقنا فى مياه النيل، الذى يمثل لنا مسألة حياة أو موت.

لكن فى حال استمرت إثيوبيا على مواقفها المتشددة، وقررت المضى قدما فى اعتبار مياه النيل ملكية خاصة لها، تستطيع التصرف فيها كيفما تشاء، فإن الخيار الأخير وهو «حديث البنادق»، سيفرض نفسه على الجميع، ونأمل ألا نصل إليه لمصلحة شعوب وادى النيل كافة، وأن تتصرف أديس أبابا بحكمة وعقلانية تجنبا لأسوأ السيناريوهات.

التعليقات