أليس غريبا أن السوريين والعراقيين والأفارقة وكل الذين يهاجرون إلى بلاد الغرب هذه الأيام، يفضلون أن يتعرضوا للموت بحرا أو سيرا على الأقدام أو هربا من الشرطة ويدفعون حياتهم ومدخراتهم للذين يسهلون لهم أمر الهروب من جحيم الحروب والعصابات الإرهابية وديكتاتورية الأنظمة العربية، لماذا يتوجهون غربا؟ برغم كل هذه الهوايل والصعوبات والمغامرات حاملين أمتعتهم وأطفالهم الرضع معهم، لماذا؟

لماذا لا يتوجهون شرقا؟ حيث الدول البترولية الغنية، رغم المشتركات من حيث اللغة والثقافة والعادات والتقاليد وربما الدين أيضا، لماذا؟

ربما بعض الإجابات تقول، إن هذه الهجرة لها طبيعة خاصة، فهى ليست هجرة مؤقتة لثلاثة أو أربعة أشهر ولكنها هجرة لمدة طويلة، حيث إن هؤلاء أصابهم الإحباط من الحلول السياسية كما أصابهم التشرد جراء ما يحدث لهم، فهجرتهم هى للبقاء، ثانيا البلاد الغربية هى بلاد تعطى وتثمن كرامة الإنسان حتى لو سجين ومهاجر غير شرعى، فتهتم به وتعالجه وتساعده، فضلا عن حرية المعتقد والفكر وحرية التعبير عن الرأى والحفاظ على كرامة العمال وما إلى ذلك من ما لا يجدونه فى البلاد العربية الغنية، مثال على ذلك، قطر التى تسخر العمال من الهند والفلبين وباكستان لبناء الأستاد الأوليمبى لعام 2022 تحت الشمس الحارقة وفى بيوت مقتظة من العمال وفى ظروف غير آدمية، لدرجة أن بعض الدول طالبوا الفيفا بإلغاء الدورة فى قطر بسبب الظلم الواقع على العمال، هذه عينة فقط عما يجرى فى بلاد الشرق.

أعتقد أن أزمة المهاجرين إلى الغرب كشف شيئين، خوف الغرب من المهاجرين ولكن فى الأخير يسهلون لهم الحياة، والشىء الثانى هو أن البلاد العربية برغم أن كثيرا من حكامها تعلموا فى الخارج إلا أنهم لم يطبقوا القيم لا الغربية ولا العربية بعد على الذين يأتون إليهم للعمل أو الهجرة أو لإيجاد لقمة عيش كريمة.

ادعو هذه البلاد أن تفتح هذا الملف الشائك وتتجه نحو سياسة أكثر أخلاقية وعادلة وكرامة مع الذين يعملون لديهم، وعملا بالقيم العربية والإسلامية والإنسانية.