تأثير الذكاء الاصطناعي على أهداف التنمية - محمد زهران - بوابة الشروق
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 1:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تأثير الذكاء الاصطناعي على أهداف التنمية

نشر فى : السبت 22 أغسطس 2020 - 8:25 م | آخر تحديث : السبت 22 أغسطس 2020 - 8:25 م

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015 سبعة عشر هدفاً إعتبرتها خطة للتنمية ولحياة أفضل للعالم ويجب الإنتهاء من تنفيذها بحلول عام 2030. هذه الأهداف تسمى أهداف التنمية المستدامة أو (Sustainable Development Goals) وهي ليست أهدافاً منفصلة تماماً عن بعضها ولكنها متشابكة وفي بعض الأحيان يعتمد بعضها على البعض الآخر لذلك يجب تنفيذها كلها. يرى البعض أن هذه الأهداف خيالية ولا يمكن تحقيقها في ظل أطماع البشر وأنانية الإنسان، لكن على العموم نستطيع أن نعتبرتلك الأهداف بوصلة نحوالطريق الصحيح.

في مقالنا اليوم سنستعرض تلك الأهداف بصورة عامة مع بعض التبسيط وفي كل هدف سنرى كيف يمكن للذكاء الإصطناعي المساعدة على الوصول أو الإقتراب من تحقيق هذا الهدف.

الهدف الأول: إنهاء الفقر المدقع الذي يعاني منه أكثر من 836 مليون شخص على مستوى العالم بالإضاقة إلى عدد أكبر يعاني من درجات متفاوتة من الفقر. يمكن لتطبيقات الذكاء الإصطناعي من زيادة إنتاجية الأراضي الزراعية وتوفير الكهرباء عن طريق الشبكات الذكية وتوفير الفاقد في المياه وهذا كله يساهم في زيادة الإنتاج وبالتالي زيادة حصة الأشخاص من الناتج العالمي إذا لم تتدخل الأنانية البشرية في الموضوع. سنرى لاحقا في هذا المقال كيف يحقق الذكاء الإصطناعي أهداف الزراعة والمياه والطاقة.

الهدف الثاني: إنهاء الجوع وتشجيع وتنمية الزراعة. هنا نرى إنتنرت الأشياء (الذي تكلمنا عنه في مقال سابق https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=11042020&id=055c7f0e-c200-4f55-a25e-735ad251b34a) يستخدم في الأراضي الزراعية عن طريق وضع مجسات صغيرة في الأراض تكون مهمتها قياس الرطوبة وكفاءة المزروعات والسماد وتحليل تلك البيانات باستخدام الذكاء الصناعي للتحكم في مواعيد الري وكمية المياه ووقت التسميد ونوع السماد وكميته إلخ. هذا يؤدي إلى زيادة إنتجية الأرض الزراعية. الذكاء الإصطناعي يمكنه أيضاَ دراسة موقع الأراضي الزراعية والمساحة والحجم والمناخ ويقرر أنواع المزروعات التي تصلح لتلك الأرض للحصول على أكبر محصول من حيث الكم والجودة.

الهدف الثالث: ضمان حياة صحية للناس من كافة المراحل العمرية. الذكاء الإصطناعي له استخدامات عدة في الطب من أول تشخيص الأمراض بدقة عالية وإقتراح علاج إنتهاء باستخدام انترنت الأشياء لكبار السن حيث يستخدمون أجهزة صغيرة (مثل الساعة مثلاً) لمراقبة النبض والضغط وما إلى ذلك وتنبيه الطبيب أو الإسعاف أو الأهل إذا حدث مكروه ... ومازال التطور مستمراً.

الهدف الرابع: ضمان مستوى عال من التعليم للجميع بدون تفرقة وتشجيع التعلم المستمر مدى الحياة. تكلمنا فيما سبق عن استخدام الذكاء الإصطناعي في تعليم الطالب حسب قدرته على الاستيعاب وتقييم الطالب وما إلى ذلك بالتفصيل في مقال سابق.

الهدف الخامس: تحقيق المساواة بين الجنسين. حتى هذه اللحظة ليس هناك جواب واضح عن كيفية مساهمة الذكاء الإصطناعي في تحقيق هذا الهدف. قد تستخدم تلك البرمجيات في تعيين الأشخاص في الشركات أو في تحديد مرتباتهم أو ترقياتهم، وفي هذه الحالة يجب التأكد بأن تلك البرمجيات لن تفرق بين الجنسين.

الهدف السادس: ضمان وصول مياه صحية وصالحة للشرب للجميع بدون تفرقة. كما في الزراعة يمكن هنا استخدام الذكاء الإصطناعي لتقليل استهلاك المياه المستخدمة في الري وتوزيع المياه على المناطق السكنية بحيث يتم تقليل الفاقد. هذا بالإضافة إلى قدرة الذكاء الإصطناعي على التنبؤ بالفيضانات والأمطار بحيث تستفيد منها الدول بقدر الإمكان.

الهدف السابع: ضمان الحصول على مصادر لطاقة بسعر مناسب للجميع. مثاما يحدث مع المياه يمكننا استخدام الذكاء الإصطناعي لإنشاء شيكات توزيع كهرباء تتميز بالكفاءة وتقليل الطاقة المهدرة. شبكات توزيع الطاقة الذكية من أهم مقومات التقدم.

الهدف الثامن: ضمان نمو إقتصادي وإزدياد حجو سوق العمل لضمان وظيفة محترمة للجميع. كما تحدثنا في مقال سابق فإن الذكاء الإصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة وسيساهم أيضاً في إختفاء بعض الوظائف. لكت تلك الوظائف التي ستختفي سيحل محلها برمجيات وأجهزة أكثر كفاءة بكثير من البشر مما سيزيد الإنتاجية والنمو الاقتصادي. إذا يجب إعادة توزيع العمالة حتى يضمن الجميع الحصول على وظائف محترمة وفي الوقت نفسة المحافظة على مكتسبات الذكاء الإصطناعي.

الهدف التاسع: بناء بنية تحتية قوية ومرنة للجميع وتشجيع الصناعة. هذا الهدف هو نتيجة لتحقيق بعض الأهداف السابقة المتعلقة بالمياه والطاقة.

الهدف العاشر: تقليل الفروق في الثروة والدخل بين الدول. الذكاء الصناعي يساهم في زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد مما يساهم في زيادة الثروات في العالم وهذا يقلل الفوارق بين الدول إذا تمكنت الدول النامية من استخدام الذكاء الإصطناعي بكفاءة في مختلف المجالات.

الهدف الحادي عشر: جعل المدن والقرى وجميع المستعمرات السكنية صالحة للعيش وآمنة. هذا يمكن تحقيقه كما رأينا باستخدام الذكاء الإصطناعي في بناء شبكات ذكية لنقل الطاقة تتابع استهلاك الكهرباء وتوزعه بطريق تقلل الضغط على الكابلات ومحطات الكهرباء وبالتالي تقلل حدوث أي خلل. يحدث شيء شبيه في محطات توزيع المياه وفي كمية استهلاك المياه في الزراعة. الذكاء الإصطناعي يستخدم أيضاً في تخطيط المدن وإتجاهات الشوارع لتقليل الإختناقات المرورية مثلاً.

الهدف الثاني عشر: ضمان توازن الإنتاج والاستهلاك. وهذا يحدث كما رأينا في إنتاج واستهلاك مصادر الطاقة والمياه والمنتجات الزراعية. يمكن للذكاء الإصطناعي أيضاً التنبوء بزيادة في استهلاك سلعة ما قد أن تحدث تلك الزيادة فتسارع الدولة أو القطاع الخاص في زيادة الإنتاج.

الهدف الثالث عشر: التحرك السريع لمحاربة التغير المناخي. الذكاء الإصطناعي يستخدم لبناء برمجيات محاكاة شديدة الدقة للنظام المناخي مما يساعد الدول على معرفة كيف يمكن تقليل انتاج ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن الإحتباس الحراري والكميسة التي يجب تقليلها إلخ.

الهدف الرابع عشر: المحافظة على المسطحات المائية من محيطات وبحار. يستخدم الذكاء الإصطناعي هنا لمراقبة درجة تلوث المسطحات المائية واستخدام المحاكاة للمساعدة في إتخاذ القرار في كيفية مواجهة هذا التلوث الي قد يقتل بعض الكائنات البحرية.

الهدف الخامس عشر: المحافظة على الغابات ومقاومة التصحر وعدم الإخلال بالتنوع البيولوجي. يمكن للذكاء الإصطناعي عن طريق صور جوية متابعة الحياة البرية في الغابات والصحراء والتعرف على أي إختلال أو التنبؤ به مما يساعد على إتخاذ خطوات نحو معالجة هذا الإختلال.

الهدف السادس عشر: بناء مجتمعات تتعايش في سلام في ظل مؤسسات عادلة. يستخدم الذكاء الإصطناعي هنا في التأمين وفي مراقبة الحدود بين الدول لمنع الإختراقات كما يستخدم في منع الجرائم السيبرانية.

الهدف السابع عشر: تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة. هذا هدف عام جداً وأعتقد أنه يعتمد على تحقيق الأهداف السابقة والتي تستفيد من الذكاء الإصطناعي.

الذكاء الإصطناعي تكنولوجيا تغلغلت في كل مناحي حياتنا حتى وإن لم نلحظ ذلك وسيستمر تغلغلها أكثر في المستقبل القريب والمتوسط لذلك من الأفضل استغلالها أفضل استغلال، لكن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لاسعاد البشرية إذا لم نحارب الأنانية المتفشية على مستوى الأفراد والجماعات تجاه الآخرين.

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات