** كرة القدم تُلعب بهذا المزيج بين المهارة وبين الشراسة وبين القوة وبين الفن وبين السرعة وبين التهدئة وبهذا المزيج بين الفرد وبين المجموع
** شوقى غريب لعب بطريقة 3/4/3 التى لا تلعب بها الفرق المصرية المحلية.. وصنع شخصية هجومية فى لاعبيه
** هل تصفون أداء ليفربول بأنه «رجولى» وأن اللاعبين يلعبون برجولة.. أم تعجبكم كرتهم بكل ما فيها من مظاهر جيدة وممتعة وجديدة؟!
** ما معنى مشهد جمهور الشباب المصرى الرائع الذى شجع بحماس وبحب منتخب بلاده بأيدى تحمل العلم؟
** أبدأ بالمشهد الكامل. أبدأ بالتنظيم الرائع. بقدرة المصريين الدائمة على التحدى والإبداع. بقدرة أجيال الشباب المصرى الذين أداروا بطولتين كبيرتين خلال أربعة أشهر بإشراف وبدور مميز لأجهزة الدولة المصرية وبقدرتها على الإدارة بالقرار الحاسم فى وقت الحاجة للقرار. والمشهد الكامل يحتوى على جمهور عظيم معظمه شباب ساند منتخب بلاده بحب وانتماء. وذهب للاستاد حاملا العلم. وشجع ببهجة واستمتع بالحدث. فما معنى هذا الرابط بين أيدى الجمهور المصرى وبين العلم سوى أنه رابط عالمى أيضا صنعته كرة القدم وانتصاراتها رابط بين متعة اللعبة وكبرياء الأمم؟!
** لكن من أسوأ ما طرح فى الايام الماضية كان هذا الجدل حول اللاعبين الثلاثة الكبار الذين سوف يستعين بهم المنتخب الأولمبى فى دورة طوكيو. فقد كان ذلك إشارة إلى إعلان الاستغناء عن ثلاثة أبطال يخوضون معركة رياضية فرضت عليهم بما فى المعركة من ضغوط نفسية وعصبية، نتيجة ظروف محيطة بصناعة كرة القدم وبإخفاقات متتالية للمنتخب الأول.
** لو كنا نمارس اللعبة ونديرها ونتابعها باحتراف، وبعقول مدركة لأسباب وطبيعة اللوائح المنظمة للبطولات الدولية والأولمبية لقلت إنه من الضرورى الاستعانة بالنجوم الكبار الثلاثة فى طوكيو. لكن لأننا نلعب بعواطفنا ونعمل بخواطرنا فى كثير من الأحيان، أقول الآن إنه من الأفضل خوض منافسات الألعاب الأولمبية بالفريق البطل الفائز بكأس القارة، وبنجومه، وبروحهم القتالية التى أترجمها بمعيار فنى، وهو أن كرة القدم تلعب هكذا ويجب أن تلعب هكذا. تلعب بهذا المزيج بين المهارة وبين الشراسة. وبهذا المزيج بين القوة وبين الفن. وبهذا المزيج بين السرعة وبين التهدئة. وبهذا المزيج بين الفرد وبين المجموع. وكانت تلك كرة الفريق الأولمبى فى خمس مباريات صعبة متتالية.
** دعوا المنتخب الأولمبى يذهب إلى طوكيو وحده. يذهب كاملا. فتماسك الفريق وروحه التى ظهر بها وتماسكه الرائع يدخل فى إطار الإعداد النفسى والمعنويات. بجانب الإعداد البدنى والإدارة الفنية وقد كان كلاهما رائعا.. فالفريق لعب بجهد بدنى عنيف خمس مباريات متتالية. ولعب بطريقة لعب لا تمارسها الأندية، 3/4/3 أو 3/1/3/3. وغرز شوقى غريب فى اللاعبين نزعة هجومية وشخصية هجومية بعد سنوات من زراعة طريقة دفاعية انزراعية قديمة، تقوم على خطة: «شدوا حيلكم يا رجاله.. أو نموت ويحيا الفريق»؟!
** دافع المنتخب الأولمبى بأربعة لاعبين. ثلاثة فى الدفاع، أسامة جلال، ومحمد عبدالسلام، وبيكهام. ولعب أكرم توفيق أمامهم. لكن ذلك لم يكن كافيا فى حالات الضغط من جانب الفرق المنافسة فكان يساند عمار حمدى، وابوالفتوح، والعراقى، وأحيانا رمضان صبحى. وفى الوقت نفسه يهاجم المنتخب بستة لاعبين ومنهم جناحان. يهاجم برمضان صبحى وأبوالفتوح ومصطفى محمد وعبدالرحمن مجدى، وكريم العراقى، وعمار حمدى.. ولعب المنتخب مبارياته بأربعة عشر أو خمسة عشر لاعبا. وأسجل هنا فوز أحمد ياسر ريان بمركز المهاجم الثانى مع مصطفى محمد.. وكانت الجبهة اليسرى قوية ومصدر خطر بقيادة رمضان صبحى، الذى يشبه المجالدين الرومان فى طريقة لعبه، التى تتميز بالقوة وبالمهارة. فهو يفوز فى الالتحامات، ويصيب من يراوغه بـ«ديسك».. كذلك شكلت عرضيات أبوالفتوح ومهارات مصطفى محمد فى إصابة الدفاعات المنافسة بالارتباك. فيما كان كريم العراقى متوغلا دائما من الجبهة اليمنى ليكون مهاجما إضافيا داخل الصندوق، وبمشاركة عبدالرحمن مجدى أصبحت هناك جبهة قوية أكبر فى الجهة اليمنى.
** كانت هناك لحظات صعبة ومباريات صعبة، مثل تلك أمام مالى، ومثل شوط أول أمام غانا وشوط أول أمام جنوب إفريقيا. حيث سمح المنتخب الأولمبى للمنافس بالاستحواذ، وامتلاك الكرة والمبادرة. لكنه استرد ما فقده فى الشوط الثانى.
** كرة القدم تلعب بالضغط العالى، وبالضغط فى كل موقع. وتلعب بقوة دون إيذاء، وتلعب من أجل استخلاص الكرة من الخصم بشراسة، وبدء مهاجمة الخصم بشراسة. تلعب الكرة بالمبادرة وليس بالتراجع. تلعب بقوة الشخصية وبراية العزيمة والإرادة، وبإرسال تلك الرسالة إلى المنافس، حتى يخشى هو ويتراجع. فالأقوياء والذين يتحدثون دوما عن الريادة والتاريخ والرغبة فى إحراز البطولات يلعبون كرة القدم بالشجاعة وبالإقدام، وبالمهارات الرائعة وبقدرات لاعبين على الابتكار والإبداع وبمدرب قائد قوى الشخصية يفوز بثقة لاعبيه وبحب لاعبيه. وكان شوقى غريب وجهازه هكذا أيضا. كرة القدم لا تلعب بالتراجع.
** هل تصفون أداء ليفربول وريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس بأنه «رجولى» وأن اللاعبين يلعبون برجولة. أم تعجبكم كرتهم بكل ما فيها من مظاهر كرة القدم الجيدة والممتعة والجديدة؟!
** بعد المباراة النهائية مباشرة تلقيت رسالة من صديق مصرى مهاجر فى أمريكا يقول نصها: «مبروك.. تحيا مصر».. ونص الرسالة لا يحتاج إلى تفكير.. إن تحيا مصر جملة تحية للوطن ينفرد بها المصريون دون أغلب شعوب العالم فى مدرجات كرة القدم والرياضة لأسباب يطول شرحها.