ما بعد غزة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأحد 16 يونيو 2024 11:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بعد غزة!

نشر فى : الجمعة 24 مايو 2024 - 8:40 م | آخر تحديث : الجمعة 24 مايو 2024 - 8:40 م

لا يزال البعض فى عالمنا العربى غير مقتنع بأن عالم ما بعد العدوان الصهيونى على قطاع غزة يختلف إلى حد كبير عما سبقه، وأن الثبات والصمود الفلسطينى فى وجه آلة القتل والدمار والتجويع الإسرائيلية أعاد - ولو بشكل جزئى - الدعم المفقود للحقوق الفلسطينية المنسية منذ عقود. يكفى للتدليل على هذا التغير النوعى ما حدث من مواقف وقرارات وخطوات دولية جريئة خلال شهر مايو الجارى فقط، انتصرت بقوة ووضوح لحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم، وعلى نحو لم يكن أحد يتوقع حدوثه حتى فى أكثر أحلامه تفاؤلا.

بدأ هذا الشهر بانتصار دبلوماسى مهم للشعب الفلسطينى، عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى العاشر من مايو الجارى على مشروع قرار «يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ويوصى مجلس الأمن بإعادة النظر فى الطلب، كما يحدد طرقا لإعمال حقوق وامتيازات إضافية تتعلق بمشاركة فلسطين بالأمم المتحدة».

بعد هذا القرار بعشرة أيام فقط، وبالتحديد فى 20 الجارى، أحدث الادعاء فى المحكمة الجنائية الدولية، زلزالا عنيفا قض مضاجع الكيان الصهيونى وداعميه، وأسقط الحصانة عن مجرمى الحرب الإسرائيليين الذين استباحوا الدم الفلسطينى، عندما أعلن عن تقدمه بطلب إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية فى حرب غزة. وقال كريم خان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية إنه «قدّم طلبات لاعتقال نتنياهو وجالانت لأن لديه أسبابا معقولة للاعتقاد بأنهما يتحملان المسئولية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ارتُكبت فى قطاع غزة بداية من 8 أكتوبر 2023»، مشيرا إلى تلقيه تهديدات من أجل التوقف عن السير فى هذا الطريق، لكنه أكد خلال مقابلة مع CNN الأسبوع الماضى أن التهديدات «لن تثنيه عن عمله، لأننا علينا أن نفى بمسئولياتنا كمدعين عامين بالإخلاص للعدالة».

انتصار آخر للفلسطينيين فى «مايو»، الذى ظل حتى وقت قريب عنوانا لـ«النكبة» التى حلت بهم عام 1948، جراء قيام دولة الكيان الصهيونى، التى شردتهم وهجرتهم من أرضهم، حيث أقدمت ثلاث دول أوروبية، هى النرويج وإسبانيا وأيرلندا، الأربعاء الماضى، على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة فى صفعة مدوية لإسرائيل، التى حاولت دائما قمع أى تحرك دولى من شأنه الاعتراف بوجود شعب فلسطينى لديه الحق فى إقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة. رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز قال أمام البرلمان، إنه تم الاعتراف بدولة فلسطين من أجل السلام والعدالة.

وتابع: «نقول للفلسطينيين الأبرياء بأننا معهم رغم التدمير والحصار فإن دولة فلسطين ستبقى فى قلوبنا». أما رئيس وزراء أيرلندا سايمن هاريس، فقال إن شعب فلسطين يستحق مستقبلا مليئا بالأمل والسلام، مؤكدا أنه «لا مستقبل للنسخة المتطرفة من الصهيونية التى تغذى عنف المستوطنين والاستيلاء على الأراضى». لم تنته الانتصارات المتتالية للفلسطينيين فى شهر مايو، إذ إنه وحتى وقت كتابة هذا المقال، كانت محكمة العدل الدولية تستعد لإصدار حكمها بشأن التدابير المؤقتة التى طالبت بها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل فى قضية الإبادة الجماعية بغزة، وهى خطوة إن تمت، ستمثل ضغطا هائلا على الكيان الصهيونى لوقف عدوانه النازى على الفلسطينيين، والذى أدى إلى سقوط أكثر من 35 ألف شهيد حتى الآن معظمهم من النساء والأطفال.

كل ما سبق من تغير هام فى المواقف الدولية لصالح القضية الفلسطينية، كان بلا شك نتيجة طبيعية للتضحيات والثبات والصمود الفلسطينى فى حرب غزة، التى فضحت وعرت عنصرية وهمجية ونازية الكيان الصهيونى، وأسقطت ورقة التوت عن داعميه، خصوصا الولايات المتحدة، كما أنه يشكل انتصارا للحقوق الفلسطينية المشروعة، التى حاول الكيان الصهيونى تجاهلها على مدى عقود مضت.. صحيح أن الثمن الذى دفعه الفلسطينيون باهظ، إلا أن التحرر من براثن الاحتلال يتطلب دائما التضحيات، وبالتالى فإنه يجب على البعض فى عالمنا العربى، ممن لا يزال يتجاهل رياح التغيير فى العالم لصالح الفلسطينيين بعد العدوان على غزة، ولا يخجل من اتهام المقاومة بأن قرارها شن هجوم طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى كان «مختلا»، مراجعة نفسه قليلا، والتوارى عن الأنظار قبل أن يغرق أكثر فى الوحل!!

التعليقات