بعد أقل من أسبوع من واقعة تعنيف السيد اللواء محافظ سوهاج لفظيًا للطبيبة فى استقبال مستشفى المراغة المركزى الأسبوع الماضى، شهدت سوهاج أيضا واقعة يجب أن نتوقف عندها، فقد عمد أهل مصاب إلى طعن طبيب جراحة عامة مقيم فى مستشفى سوهاج التعليمى، أسفل ظهره من قِبل مرافقين لأحد المصابين، وذلك أثناء أداء عمله. حتى الآن لم تتضح تفاصيل الواقعة الكاملة من كل جوانبها لكنها بلا شك تذكرنا بحوادث مماثلة فى التاريخ القريب واجهها الأطباء: حوادث اعتداءات متكررة على الأطباء والأسباب كلها تدور فى دائرة سوء الفهم من أقارب مريض كانوا يتوقعون أن الطبيب فى المستشفى العام يملك قدرات سحرية قادرة على شفاء مريضهم بغض النظر عن وجود مستلزمات أو إمكانيات تضمن له سرعة وكفاءة بالأداء.
هناك العديد من الأمثلة سجلتها ذاكرة الوطن تشبه واقعة سوهاج وتشير بوضوح إلى أن هناك ودًا مفقودًا بين المريض ومرافقيه من جهة والطبيب أو المؤسسة الخدمية التى يعمل بها من جهة أخرى.
المريض الذى يعتدى مرافقوه على الطبيب فى مكان عمله إنما يتصيدون السبب للاعتداء على الطبيب والذى غالبا ما يكون لا ذنب له فيه. وإذا ما راجعنا وقائع تلك الحوادث لجأ أغلبها نتيجة نقص فى المستلزمات التى يحتاجها الطبيب، فإذا ما تأملنا الصورة بواقعية لاكتشفنا أن هناك عوامل أخرى تصب الزيت على مستصغر الشرر. تساهم الصور الملونة التى يحرص على نشرها بعض السادة المسئولين رفيعى المستوى فى جولاتهم الميدانية وزياراتهم المفاجئة السابقة الإعداد والتجهيز فى تهيئة بعض المواطنين للعداوة الطبيعية بينه وبين أطباء المستشفيات العامة الذين يتلقون دائما الجزاءات من أصحاب المهمة أثناء زياراتهم المفاجئة للمؤسسات الخدمية.
وفى مكالمة مشتركة بين نقيب الأطباء أ.د أسامة عبدالحى وأ.د أحمد فوزى نقيب أطباء سوهاج وكنت فيها الطرف الثالث شرح د. أحمد فوزى وقائع الحادثة التى جرت فى استقبال مستشفى سوهاج التعليمى التابع للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية. استقبل الطبيب المصاب الذى حضر برفقة مجموعة من أهله، وكان يعانى من جرح قطعى استلزم خياطته جراحيا. طلب الطبيب من المرافقين إخلاء المكان حتى يمكنه إجراء الجراحة تحت شروط صحية سليمة فرفض شقيق المصاب وأصر على البقاء، تصاعد الأمر بينما بدأ الجراح فى معاجلة المريض وسجلت الكاميرات كل الوقائع حتى انتهاء الجراح من خياطة الجرح حينها لم يمهله الشقيق المترصد لحظات فطعنه بآلة حادة فى منطقة أسفل الظهر.
حدث هذا رغم أن المستشفى به نقطة للبوليس وله جهاز أمن خاص بالمستشفى يتكفل المستشفى بمرتبات أفراده.
الطبيب المصاب يرقد حاليا فى المستشفى حيث أسعفه زملاءه إلى جانب المصاب الذى أسعفه بنفسه فهل لنا أن نسأل إلى أى منهما تنحاز عزيزى القارئ وتتعاطف؟
أسأل السؤال وأنا أعرف أنه لا محل له من الإعراب: المصاب الأول مواطن مصرى له حق الرعاية والعلاج، أما المصاب الثانى فهو زميل مهنتى الذى أدى واجبه على الوجه الأكمل وبدلاً من تلقى الشكر من أهل المصاب الأول.. تلقى طعنة سكين فى مكان عمله لمجرد أنه طالب الأهل بإخلاء المكان حتى ينتهى من إسعاف مصابهم.
كان من الممكن أن يتطور الأمر لما هو أبعد من ذلك، فمعظم النار من مستصغر الشرر. حتى لا نستبعد أن يتكرر الأمر فى صور أخرى ربما كانت كارثية. أتمنى لو جاءت الإجابة من السيد اللواء محافظ سوهاج وكيف يرى الأمر؟ وما هى دوافع الهجوم والاعتداء على الأطباء من وجهة نظره ومعرفته بملابسات الحادث وعلمه بآليات العمل فى المستشفيات وكيف سيمكنه إن شاء الله معالجة تداعيات الحادث الأخير؟ وما هى الإجراءات التى سيتخذها للقضاء على تلك الظاهرة؟ وما هو نوع الدعم الذى ستقدمه المحافظة لمستشفيات الدولة فى سوهاج حتى يقصدها المواطن مطمئنا إلى أنه سيحصل على حقه من العلاج على أيدى إخوة له من أطباء مصر أصحاب الرسالة؟ سيادة اللواء محافظ سوهاج.. اعتذارك عن تعنيف الطبيبة مقبول ومقدر ونحن فى انتظار الأهم.