حان الوقت لإنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية «غير المشروطة» لإسرائيل - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 17 أبريل 2024 1:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حان الوقت لإنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية «غير المشروطة» لإسرائيل

نشر فى : الإثنين 27 مايو 2019 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 27 مايو 2019 - 9:55 م

نشر موقع «Forward» مقالا للكاتب «بيتر بينارت» يتناول فيه ضرورة إعادة الولايات المتحدة الأمريكية مراجعة المساعدات التى تقدمها لإسرائيل، والتمييز بين المساعدات المقدمة للحفاظ على أمن إسرائيل، والمساعدات التى تستخدم للتضييق على الفلسطينيين وسلبهم حقوقهم والعمل على وقف هذه المساعدات فورا.

فى الشهر الماضى، صرحت النائبة «أليكساندريا أوكاسيو كورتيز» أنه حان الوقت لإعادة مناقشة المساعدات الأمريكية لإسرائيل.. حيث إن هذه المساعدات لم تناقش من قبل من أى من الطرفين منذ أكثر من ربع قرن وهذا بدوره يحتاج إلى تغيير. ولفهم ذلك فإن هناك سؤالا يطرح نفسه ألا وهو «لماذا أعاد الإسرائيليون انتخاب رئيس وزراء يعارض قيام دولة فلسطينية ويعمل على توسيع المستوطنات وتعهد بضم أجزاء من الضفة الغربية؟

وهناك العديد من الإجابات الشائعة على هذا السؤال منها ما هو تاريخى وهو أنه خلال العقدين الأخيرين، ونتيجة الانتفاضة الثانية وإطلاق الصواريخ من قطاع غزة زاد عدد اليمينين الإسرائيليين وأصبحوا أغلبية. والسبب الآخر ديموغرافى وهو أن خصوم نتنياهو من يسار الوسط يعتمدون بشدة على أصوات اليهود الأشكناز العلمانيين، الذين تقلصت نسبتهم بين السكان الإسرائيليين. فى حين يعتمد نتنياهو بشكل كبير على اليهود الأرثوذكس الذين ترتفع نسبتهم. ولكن السبب الذى نادرا ما يعترف السياسيون الأمريكيون به هو أنه تم إعادة انتخاب نتنياهو لأنه استطاع تقويض حل الدولتين مع الإفلات من العقاب الدولى..

وعلى مدى السنوات الأخيرة، سخر نتنياهو مرارا وتكرارا من خصومه السياسيين الذين حذروا من أن سياساته تجاه الفلسطينيين سوف تجعل إسرائيل منبوذة عالميا. وفى خطاب ألقاه أمام مؤيديه فى عام 2017، نقل عن رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، الذى توقع فى عام 2011 أن «نزع الشرعية عن إسرائيل بدأ يلوح فى الأفق». ورد نتنياهو ساخرا قائلا «هذا هراء... إسرائيل تتمتع بربيع دبلوماسى لا مثيل له».

وفى إعلان لحملته الانتخابية هذا العام، عرض نتنياهو مقولة لوزيرة الخارجية السابقة تسيبى ليفنى فى عام 2013 ــ قائلة «إن رئيس وزراء إسرائيل يقود دولة إسرائيل إلى عزلة شديدة» ــ مع صور له إلى جانب دونالد ترامب وقادة العالم الآخرين. وفى إعلان آخر، أظهر نفسه فى المكتب البيضاوى وهو يخبر باراك أوباما أن إسرائيل لن تعود إلى حدود عام 1967. وكانت رسالة نتنياهو هى أن إسرائيل يمكنها أن تحصل على كل شىء: فيمكنها حرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية والتمتع بمصالح دولية فى نفس الوقت.

***
لقد حان الوقت لإعادة مناقشة المساعدات الأمريكية لإسرائيل.. عبر التاريخ نجد بعض الأمثلة التى لعبت فيها الضغوط الأمريكية على إسرائيل دورا مهما وتسبب فى تنازلات إسرائيل مرات عديدة. عندما هدد أيزنهاور بالمساعدات الأمريكية فى عام 1956، بدأت القوات الإسرائيلية فى مغادرة مصر فى غضون 36 ساعة. ودفع تهديد فورد بوقف مبيعات الأسلحة الجديدة إلى انسحاب إسرائيلى جزئى من سيناء فى عام 1975، وتهديد كارتر أجبر إسرائيل على الانسحاب من لبنان فى عام 1977. وفى العام التالى، هدد كارتر مرة أخرى بالمساعدة خلال محادثات كامب ديفيد التى أدت إلى مغادرة إسرائيل سيناء بالكامل. وعلى الرغم من فشل بوش فى وقف التوسع فى المستوطنات، إلا أن رفضه المبدئى لتقديم ضمانات القروض، وفقا للمؤرخ آفى شلايم، «أجبر» إسرائيل على المشاركة فى مؤتمر مدريد عام 1991، حيث تفاوضت علانية لأول مرة مع وفد من الفلسطينيين.

إن ربط المساعدات الأمريكية بالسلوك الإسرائيلى لن يؤدى إلى عزل إسرائيل. من الناحية النظرية، يحظر قانون المساعدة الأجنبية، بصيغته المعدلة فى أواخر التسعينيات، الولايات المتحدة من تقديم المعونة أو التدريب إلى أى وحدات عسكرية أجنبية ارتكبت «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا».

ويضع الكونجرس أيضا شروطا إضافية مرتبطة بحقوق الإنسان على المساعدات الأمريكية للعديد من الحكومات، وقبل أن ينهى ترامب المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، كانت من أكثر الدول المفروض عليها شروطا..

وما يميز المساعدات الأمريكية لإسرائيل هو إعفاؤها من القواعد والقيود التى تحكم تقديم المساعدة للدول الأخرى. كما أن إسرائيل تتلقى مساعدات عسكرية أكثر بكثير من أى دولة أخرى، وتقدم الولايات المتحدة معظم مساعداتها العسكرية من خلال خط ائتمان يمكن للحكومات من خلاله شراء الأسلحة الأمريكية. فى طلب ميزانية ترامب لعام 2019، يذهب 61 فى المائة من التمويل العسكرى الأجنبى إلى إسرائيل.

كما أن إسرائيل هى الدولة الوحيدة القادرة على إنفاق جزء من مساعداتها على شراء الأسلحة من الشركات المصنعة لها، وليس تلك الموجودة فى الولايات المتحدة. وبهذه الطريقة، استخدمت إسرائيل المساعدات الأمريكية لتمويل صناعتها الدفاعية. الصفقة التى مدتها عشر سنوات والتى وقعها أوباما فى عام 2016، تلغى تدريجيا هذه «المشتريات الخارجية» فى عام 2028. ومع ذلك، لا يزال يُسمح لإسرائيل بإنفاق 20 بالمائة على الأقل من مساعداتها على الأسلحة الإسرائيلية حتى عام 2024.

***
يتحدث البعض عن أن إسرائيل تواجه تهديدات حقيقية، سواء من الحكومات المعادية مثل إيران أو الجماعات «العنيفة» مثل حماس والجهاد الإسلامى وحزب الله. ومن ثم فإن المساعدات الأمريكية تساعد فى حماية إسرائيل منها. ويجب أن يهتم الأمريكيون بالحفاظ على أمن الإسرائيليين. وهذا يعنى الاستمرار فى منح إسرائيل ما يقرب من 500 مليون دولار سنويا توفرها الولايات المتحدة حاليا للدفاع الصاروخى وضمان التفوق العسكرى لإسرائيل على خصومها الإقليميين.

فى السنوات المقبلة، يجب على الديمقراطيين إعادة النظر فى مجموعة من المقترحات التى توازن بين التزامهم بالأمن الإسرائيلى والتزامهم بالحقوق الفلسطينية. وهو الأمر الذى يستحق تفصيل نوعين من الشروط. الأول ينطوى على ممارسات إسرائيلية محددة ينبغى على الولايات المتحدة أن ترفض تمويلها لأنها لا تخدم أى هدف أمنى مشروع وتتسبب فى معاناة هائلة للفلسطينيين.

وإحدى هذه الممارسات هى احتجاز الأطفال الفلسطينيين. ففى الضفة الغربية، تحتفظ إسرائيل بنظامين قانونيين: نظام مدنى يضمن حماية قانونية قوية لمواطنيها اليهود ونظام عسكرى يضمن حقوق أقل بكثير لمواطنيها غير الفلسطينيين. بموجب هذا النظام من القانون العسكرى، يقوم الجيش الإسرائيلى بشكل روتينى باعتقال الأطفال الفلسطينيين.

ومن الجدير بالذكر أن النائبة عن ولاية مينيسوتا بيتى مكلوم قدمت تشريعا لضمان عدم استخدام أى أموال من المساعدات الأمريكية فى احتجاز الأطفال الفلسطينيين.. حيث إن استخدام الأموال الأمريكية لدعم القبة الحديدية، التى أسقطت صواريخ حماس أو حزب الله، أمر يمكن الدفاع عنه أخلاقيا. لكن استخدام الأموال الأمريكية فى اعتقال الأطفال، أمر لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا. إسرائيل قوة عسكرية من الطراز العالمى.. ومعظم الأطفال الفلسطينيين الذين يتم احتجازهم هم متهمون بإلقاء الحجارة على جيش الاحتلال. يمكن لإسرائيل أن توفر لهم الحماية القانونية نفسها التى توفرها للأطفال اليهود المشتبه فى ارتكابهم مخالفات.

وبالإضافة إلى ضمان عدم استخدام الأموال الأمريكية لاحتجاز أطفال فلسطينيين، يجب على الولايات المتحدة التأكد من أنها لا تمول هدم المنازل الفلسطينية. من المعروف أن إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين. فى الضفة الغربية، يتم هدم معظم المنازل الفلسطينية ليس لأن سكانها متهمون بالعنف ولكن لمجرد أنهم يفتقرون إلى تصاريح بناء. وقدرتهم على الحصول على مثل هذه التصاريح ضئيلة للغاية.

لذلك عندما يضيق الحال بالفلسطينيين، فإنهم يبنون دون تصاريح، ويأملون ألا تأتى الجرافات.. ووفقا لمنظمة بتسيلم، فقد هدمت إسرائيل ما لا يقل عن 1400 منزل فلسطينى فى الضفة الغربية منذ عام 2006، وهو ما أدى إلى تشريد أكثر من 6000 شخص. فى بعض الأحيان، كما فى حالات سوسيا وخان الأحمر الأخيرة، تتعرض قرى بأكملها للتهديد بالهدم حتى تتمكن إسرائيل من توسيع المستوطنات على أراضيها. لمثل هذا العمل، استخدمت إسرائيل فى الماضى جرافات Caterpillar الأمريكية الصنع، والتى اشترت بعضها بمساعدة أمريكية. هذا يجب أن ينتهى. لا يوجد أى مبرر أمنى لمطالبة الأميركيين بالدفع حتى تتمكن إسرائيل من هدم منازل الأشخاص الذين لم يُتهموا بارتكاب أى جريمة سوى الفشل فى حيازة تصاريح بناء لا يمكنهم الحصول عليها، بصفتهم غير مواطنين بموجب القانون العسكرى.

***
أخيرا، يتعين على أمريكا تمويل السياسة الإسرائيلية التى لها أساس منطقى أمنى معقول ورفض تمويل الجوانب التى لا هدف لها إلا الحصار الإسرائيلى لغزة. إن إسقاط الصواريخ وهدم الأنفاق يستحق الدعم الأمريكى. ولكن لماذا يتطلب الأمن الإسرائيلى منع الشركات فى غزة من تصدير الأطعمة المصنعة إلى إسرائيل والضفة الغربية؟ لماذا يهدد الأمن الإسرائيلى السماح لأهالى غزة بزيارة الضفة الغربية؟ لماذا تمنع إسرائيل الطلاب فى غزة من الدراسة فى جامعات الضفة الغربية؟

من المفهوم أن تقوم إسرائيل بتفتيش الحاويات التى تدخل غزة وتخرج منها. ومن المفهوم أن تقوم أيضا بإجراءات للتأكد من أن الأشخاص الذين يدخلون إسرائيل أو الضفة الغربية لا تربطهم صلات بالإرهاب. لكن الحظر الشامل على انتقال كل شىء لا يعزز الأمن الإسرائيلى. على العكس من ذلك، يضعفون ذلك عن طريق تعزيز الكراهية واليأس الفلسطينيين، وحرمان الناس فى غزة من التعرض لمجتمعات أكثر انفتاحا وليبرالية. وهذا هو السبب فى أن مسئولى الأمن الإسرائيليين الحاليين والسابقين قد حذروا مرارا وتكرارا من أن اليأس الفلسطينى يخلق ظروفا للعنف.

يعارض البعض ذلك ويرى أن الأمر متروك للإسرائيليين ــ وليس الأمريكيين ــ لتقرير السياسات الإسرائيلية الأخلاقية وأيها تعزز الأمن الإسرائيلى. هذا صحيح. ولكن الأمر متروك للأميركيين لتقرير كيفية إنفاق الأموال الأمريكية. إن تمويل احتجاز الأطفال الفلسطينيين وهدم المنازل الفلسطينية والسجن الفعلى للفلسطينيين فى غزة لا يضر الفلسطينيين فقط. بل أنه يضر أمريكا أيضا.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:

التعليقات