من تأسيسية 2012 للجنة 2013 .. يا قلب لا تحزن - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من تأسيسية 2012 للجنة 2013 .. يا قلب لا تحزن

نشر فى : الجمعة 27 سبتمبر 2013 - 8:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 سبتمبر 2013 - 8:45 ص

(1)

تشاءمت كثيرا مع تأسيسيتى 2012 بسبب مغالبة القائمين عليهما، بالإضافة إلى شح النفس فى الجدل المضاد لهما، فكلا الفريقين قد تعسف فى استعمال حقه فابتعد عن «استواء المواطنة» وحقها فى تقارب لا تدافع فيه، وحوار لا مكابرة فيه وإعلاء للتوافق لا تنافر فيه، ومصدر التشاؤم هو الإصرار والعناد الذى لم يتراجع إلا بضغط أشد قوة منه «بغض النظر عن الحق»، «فليس كل مباح متاح».

وكان حل التأسيسية الأولى كافيا لإنهاء حالة «الشح بالحق»، و«التعسف فى استعماله»، لكن لم يكتفوا، واستمر الجدل مع الثانية يهز قواعدها ويرج أعمدتها منذرا بسقوط السقف على الجميع، ولو «تنبه الجميع لحق الوطن والأمة» قبل «حق نفسه ورؤيته» لتراجع أولو الأمر خطوتين من قبيل المراجعة لا التراجع، ولتبوأ المعارضون ما أفسحه المغالبون، ولفازت التأسيسية الثانية بالاستقرار، ثم باستمرار نتاجها محصنا، تتمسك به الغالبية الكبرى، ولأصبح دستور 2012 أشد ثباتا وتحصينا.

وإذا كان القصور الذى أشرنا إليه نتج من المغالبة والعناد لا غير، فماذا يقول المواطن إذا ولدت لجنة 2013 من قرارين، وليس بانتخاب كما ولدت سابقتها.

فهل نحن شعب لا يعيش له دستور؟ أم أن النخب بيننا لا تريد لمصر أن تمتلك دستورا يتناسب وعمق حضارتها، ويعبر عن حقيقة واقعنا بين البشرية (أمة وسطا).

(2)

وسطا: لا تغتالها الماديات، ولا يحيطها غموض الغيبيات.. لا تستبد بها فئات، ولا تشتتها مهاترات... لا تلهيها أهواء وأغراض، ولا يتقاسمها آحاد وأبعاض.. لا يتولى الأمر فيها مرهقون ولا مراهقون، ولا يغادرها مواطنوها وهم غاضبون.. لا يسير وطنها سيرا مجهول الطريق، ولا تتجمع سيادتها فى قبضة فريق.

وسطا: لا تلقى جميع أوراقها وأحمالها خارج الحدود، ولا تتقوقع داخل إقليمها وحولها السدود.. لا تتخلف عن عولمة إنسانية ترفع كرامة الإنسان، ولا تذوب فيها المواطنة فيبتلعها طوفان.. لا تكثر فيها الأقاويل والإشاعات، وتنطلق فى التعمير بعزم لا بالشعارات.

وسطا: يلتزم العقل فيها باليقين لا بالظن، وينشط فيها العزم بغير أذى ولا من.

وسطا: دعوة الدين فيها عمادها «البلاغ المبين»، وحق الجميع فى قبول الدعوة أو رفضها واضح مبين.

(3)

أخذتنا الوسطية عما نحن فيه من تخوف يزداد لحظة بعد لحظة ولا ينقص حيث إن المنتخبين سابقا ــ سامحهم الله ــ سلكوا مسلك الأثرة والعناد، فهل نتوقع من المعينين إيثارا أو حيادا؟

إن ملتقى الـ50 المعينين لا يعتبر جمعية تأسيسية، بل هو لجنة موظفة من سلطة معينة لم تثبت حتى الآن قدرتها على إدارة الأزمة ولا حتى تحريكها خطوة... أقول قولى هذا ليس تمسكا بما كان من سلطات، ولكن إحساسا بأن الرياسة السابقة حولت السلطة إلى تسلط كما أن الرياسة الحالية قد (شرعنت التسلط) وأحس الجميع أن كثيرا ممن يمسكون السلطة قد «تورط» فحول السلطة إلى «تسلط» ثم تطور التسلط إلى «تجلط» داهم شرايين الدولة، فأصبحت الأزمات (جلطات) تهدد سلامة الوطن وحياته.

(4)

لا أحب أن نرجع إلى ما كنا عليه، بل أود أن نراجع خارطة الطريق فربما ترون ما نرى أن الأصح والأوفق، والأكثر اتساقا مع ايقاف دستور 2012 أن يعاد انتخاب تأسيسية خاصة انتخابا حرا مباشرا تختلف كليا مع مغالبة 2012 وتعسفها، كما تختلف مع ضعف لجنة 2013 وتهافتها كهيئة معينة متعجلة ولدت من رحم سلطة مضطربة غير متأنية فهل إلى مراجعة وتصحيح من سبيل؟

لو هدأت السلطة واستشعرت المستقبل لرأت أمام أعينها أشباح العناد مضافا إليها وصمة التعيين بدلا عن الانتخاب مما يصيب الوثيقة المنتظرة بأكثر مما وصمت بها سابقتها، فأناشدكم الله ثم الوطن ثم تاريخكم الشخصى أن تراجعوا الموقف فتجعلوا التغيير تصحيحا ورشادا، وليس كسابقه إصرارا وعنادا.

وإذا شرع أولو الشأن العام فى التصحيح، واستشعرنا جدية المراجعة والرغبة الأكيدة فى الترجيح والتنقيح لوجدنا آفاقا جديرة بتجاوز الأزمة.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات