الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات في ليبيا مؤجل لحين إشعار آخر - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 12:36 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات في ليبيا مؤجل لحين إشعار آخر


نشر في: الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 10:45 ص | آخر تحديث: الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 10:45 ص

تشير تطورات المشهد السياسي في ليبيا، إلى الاتجاه نحو تأجيل الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات حتى إشعار آخر، على خلفية تعقد وتشابك مصالح أطراف الأزمة الليبية، وعدم وضوح الموقف الدولي المتداخل بشأن الأزمة، وعدم قدرة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة على حسم الموقف في ضوء أن البيئة الاجتماعية الليبية الحاضنة غير مهيأة للعملية السياسية الآن.

ورغم هذه التطورات، تواصل الدبلوماسية المصرية مساعيها؛ لتحقيق تقدم حقيقي على صعيد التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية يجمع كل أطياف المشهد السياسي بكل تعقيداته وتجاذباته، من أجل الحفاظ على كيان الدولة بكل مؤسساتها.

وكان وزير الخارجية الجزائري، عبدالقادر مساهل، قد كشف عن لقاء ثلاثي (جزائري ــ تونسي ــ مصري) سيعقد في العاصمة المصرية القاهرة قبل نهاية أكتوبر الجاري، لمناقشة مستجدات الأزمة الليبية ومسار التسوية، في ظل قرار الأمم المتحدة، تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في العاشر من ديسمبر المقبل بسبب انعدام الأمن وغياب الظروف الملائمة لإنجاحها.

وكانت مصر، قد احتضنت في مارس الماضي الجولة السادسة للحوار بين أطراف الجيش الليبي، واتفقت الأطراف على إعادة تأكيد الثوابت الوطنية الراسخة للعسكرية الليبية، على رأسها الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا ومدنية الدولة والابتعاد بالمؤسسة العسكرية عن أي ضغوط أو استقطابات من شأنها التأثير بالسلب على الدور الوطني للجيش الليبي.

ودعت مصر، كافة أطراف وفصائل الجيش الليبي إلى التوحد على أسس مهنية واحترافية للقيام بالدور المنوط لها بالحفاظ على الأرض، وانتهى المشاركون إلى ضرورة المضي فى مشروع توحيد الجيش الليبي مما يجعله قادرًا على التعاطي بشكل إيجابي مع التحديات التي تواجهها الدولة الليبية حالية فى ضوء المخاطر المحدقة بها وعلى رأسها خطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.

وتم الاتفاق كذلك على مواصلة وفد الجيش الليبي اجتماعاته بالقاهرة خلال الفترة المقبلة؛ لبحث آليات التنفيذ والتطبيق الفعلي للمشروع الوطني لتوحيد الجيش الليبي بما يتلاءم مع المهام المنوط بها وتلبية متطلبات واحتياجات الدولة الليبية.

تعقيد وتشابك المشهد

يشارك في تشابك وتعقيد المشهد السياسي الليبي جملة من المتغيرات، يأتي في مقدمتها، موقف الميليشيات المعارض دوماً لأي محاولة للتسوية، فرغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد جمع بباريس نهاية مايو الماضي الأطراف الأساسية الأربعة في النزاع الليبي، وتعهدوا بتنظيم انتخابات في 10 ديسمبر المقبل، لكن التزام الجدول الزمني الانتخابي زاد صعوبة بسبب أعمال العنف والتأخير في تبني القوانين الانتخابية.

وعادت الميليشيا الليبية، لتطل برأسها مجددًا لتعارض اتفاق باريس، وأي خيار انتخابي، عندما أعلنت مؤخرًا كتائب رئيسية في الغرب الليبي من مصراته، رفض فرض أي حل خارجي، ويدرك المعنيون بالشأن الليبي أنه يصعب تجاهل مصراته في أي استحقاق سياسي، كونها قوة عسكرية واقتصادية واجتماعية مؤثرة في توازنات الغرب الليبي.

وباستطاعة الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، المسيطر على مجمل الشرق، باستثناء درنة، المساهمة في توفير الظروف لعقد الانتخابات، لكن تبدو معضلته أكثر في الجنوب، حيث لا يسيطر عليه بالكامل، مع وجود ميليشيات متصارعة من الداخل الليبي ودول الجوار الإقليمي، تنظر تلك الميليشيات إلى الخيار الانتخابي، وما يسفر عنه من سلطة موحدة على أنه يخصم من عوائدها في الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والتجارة الحدودية.

كما أن غياب الاعتراف السياسي بين أطراف النزاع يشكك في إمكانية قبول نتائج الانتخابات، إذا لم تكن في صالح أي من الأطراف الرئيسية للأزمة، وخلق التراكم الانقسامي خلال السنوات الماضية، حالة من الإنكار المتبادل المستمر بين الفرقاء الليبيين لم يعالجها اتفاق الصخيرات أو اتفاق باريس.

ثانياً: الموقف الدولي المرتبط بتحقيق مصالح، وخاصة الموقفان الفرنسي والإيطالي، وثمة صراع نفوذ خفي يدور بين الجانبين بشأن الملف الليبي، فالرئيس الفرنسي يطمح إلى لعب دور صانع السلام في ليبيا، معولاً على علاقاته القوية بحفتر، والشرق الليبي.. وهذه العلاقات والطموحات أزعجت القادة الإيطاليين المقربون من سلطات طرابلس، هذا التنازع الفرنسي الإيطالي يفاقم التباس الأزمة الليبية.

ولكن دبلوماسية البلدين نجحت في التقليل من شأن تلك المخاوف، فقد أكد وزير الخارجية الإيطالي، إينزو موافيرو ميلانيزي ونظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، على العمل معاً على "أولوية استعادة السلام والأمن في ليبيا، لمصلحة الشعب الليبي وحقه في تقرير المصير، من خلال انتخابات حرة وذات مصداقية".

جاء ذلك في لقاء جمع الوزيرين في روما، عشية مشاركتهما في اجتماعات وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد في لوكسمبورج، والتي ناقشت قضايا الهجرة والاوضاع في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وفنزويلا.

ثالثاً: البيئة التشريعية الليبية واستقرار الأوضاع، لا شك أن توافر بيئة حاضنة ملائمة لأي تسوية سياسية أحد أهم شروط نجاح مثل هذه التسوية، إذ يشكل غياب بيئة اجتماعية مناسبة للخيار الانتخابي السلمي عائقا أمام تحوله إلى مقاربة فعالة للتسوية، لأن الانتخابات ليست عملية إجرائية فقط تتعلق بحسم السلطة عبر الصناديق، إنما تعكس في مضمونها سياقا مجتمعيا محفزا للاحتكام للخيار السلمي لإدارة شؤون المجتمع والدولة.

وإذا كان المبعوث الأممي، غسان سلامة، فشل خلال الأشهر الماضية في التوصل إلى توافق حول تعديلات اتفاق الصخيرات، ما جعله يذهب في إفادته الأخيرة أمام مجلس الأمن (قبل اتفاق باريس) إلى أن الانتخابات هي الحل، فكيف يمكن للفرقاء الليبيين في غضون ستة أشهر تسوية الأزمة برمتها، لا سيما إذا وضعنا في الاعتبار أن الاتفاق الفرنسي نص على وضع الأسس الدستورية واعتماد القوانين بحلول 16 سبتمبر، وبعدها بثلاثة أشهر يتم إجراء الانتخابات.

كما تجاوز الطرح الفرنسي للتسوية القضايا الرئيسية المرتبطة بالخيار الانتخابي، كما هو الحال في غموض موقف الاتفاق إزاء مصير مسودة الدستور الليبي المختلف عليها، ولو تم اللجوء إلى الاستفتاء على الدستور، فهذا يعني صعوبة عقد الخيار الانتخابي هذا العام، وإذا تم تجاهل المسودة والاعتماد على الإعلان الدستوري في 2011، ستنشأ معضلة إضافية تتعلق بالخلافات حول صلاحيات السلطة الجديدة التي تفرزها الانتخابات، والمواد التي لم يتم حسمها في اتفاق الصخيرات، خاصة مواد الشق الأمني التي تخص تعيين قادة المؤسسات الأمنية.

رابعاً: تحديات أمام مقترح بعثة الأمم المتحدة الموحد، والذي ينص على أن يتولى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الجديد مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن تكون قيادة الجيش تحت هذه السلطة المدنية، وهو ما يعد أهم العقبات أمام عملية التسوية، خاصة وأن عقيلة صالح وعدد من أعضاء البرلمان، متمسكون بوجود المشير خليفة حفتر قائدا للجيش، وهو ما يقابل باعتراضات من بعض الأطراف في طرابلس.

وتأسيساً على ما سبق، فإن تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا والجهود التي تقوم بها الدبلوماسية المصرية تدعيماً لجهود الأمم المتحدة لحلحلة الأزمة، واستكمال المسار السياسي، من أجل تجاوز الصعاب التي تقف أمام إتمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابية التي يتطلع إليها الشعب الليبي، تقتضي مزيداً من الجهود والمشاورات حتى تنضج أطروحات الحل السياسي ويتوافق عليها كافة أطراف المشهد السياسي الليبي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك