يسأل البعض أسئلة وجودية قد لا يجدون إجابتها عند الكثيرين من غير المتخصصين، حيث تدور هذه الأسئلة عن بدايات الخلق وأسرار الكون والحكمة الإلهية من وراء أشياء كثيرة حولنا.

وتستعرض"الشروق" لكم إجابات مبسطة على هذه الأسئلة، خلال شهر رمضان الكريم، عبر سلسلة "أسئلة وجودية"، بمشاركة علماء الأزهر الشريف.

ونقدم في الحلقة السابعة من سلسلة "أسئلة وجودية"، الإجابة على أحد أهم الأسئلة التي تشغل البشرية، وهو "كيف علمت الملائكة أن الإنسان سيفسد في الأرض قبل أن يخلقه الله؟".

كان الملائكة والشياطين والجان يسبحون بحمد الله ويعبدونه، حتى جمع الله الملائكة ذات يوم وقال لهم إنه سيخلق مخلوقات جديدة يسمى "الإنسان" فردوا عليه قائلين، لماذا يارب ستخلق الإنسان الذي سيسفك الدماء ويفسد في الأرض ونحن نسبح بحمدك؟، قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال: (إني أعلم ما لا تعلمون).

هذه القصة وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}.

والسؤال الذي يشغل الكثيرين هو كيف عرفت الملائكة أن الإنسان سيفسد في الأرض قبل أن يخلقه الله تعالى؟

أجاب الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية سابقا، بأن الملائكة اطلعوا على بعض المكتوب في اللوح المحفوظ فرأوا فيه ذلك.

وقال في رأي آخر إن الله بذاته أطلعهم على بعض من اللوح المحفوظ فعلموا ذلك بأمر من الله، لأنهم لا يفعلون شيئًا إلا بعد أن يأمرهم الله به، مستشهدا بقول الله تعالى في سورة التحريم: {لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

وأضاف عويضة، عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على يوتيوب، أن الله سبحانه وتعالى أخبر الملائكة أنه يعلم ما لا يعلمون قائلا لهم: "هذا الإنسان مخلوق سيسبح ويصلي ويعمر الكون وسوف يحج إلى بيتي ويؤمن برسلي، رغم وجود من سيكفر ويتغاضى عن الحج ويفسد في الأرض".

وأكد عويضة أن الله إذا خلق شيئا في الكون فإنه يخلقه لحكمة، فهو الحكيم الذي يضع كل شيء في مكانه بدقة.

* ما الحكمة من تنوع خلق الله؟

يقول الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة علماء الأزهر الشريف، إن الهدف الرئيس من خلق الله للإنسان هو العبادة والإيمان بالله وحده لا شريك له، مستشهدا بالآية الكريمة في سورة الذاريات: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ".

وأضاف مهنا لـ"الشروق" أن الهدف الثاني الذي خلق الله الإنسان من أجله هو عمارة الأرض، وإصلاحها، حيث إن الإنسان هو خليفة الله في الأرض، كما ورد في الآية الكريمة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)".

واستطرد مهنا أن حكمة الله من التنوع في خلقه (ملائكة وشياطين وجان) هي أن الله تعالى أراد أن يثبت وجود إله واحد للكون قادر على كل شيء.

وتابع مهنا أن الله خلق الملائكة من نور، وخلق الإنسان من طين ليعبده ويعمر الأرض، وخلق الشيطان من نار الجحيم حتى يبتلى ويختبر به الإنسان، هل سيطيع الله أم يعصى أوامره سيرا وراء الشيطان.

إلى اللقاء في الحلقة الثامنة..

أسئلة وجودية (6).. لماذ خلقنا الله ببشرة بيضاء وسمراء؟